كان من أسرة غنية, ولد في مدينة بولونيا بإيطاليا سنة 1874م, ولم يذهب إلى المدرسة كسائر أترابه في المدينة, وإنما تعلّم في بيته وفتح عينيه على كوىً علمية ألهمته رؤى ثقافية علمية عالية, أخذ ينهل منها بالقراءة لكي يعرف ويحلّل ويزداد قراءة ومعرفة دوّن من خلالها كل معارفه وتجاربه, وصقل موهبته من خلال قراءة تجارب - العالم - (هنبرش هرتس) الذي أثبت وجود - موجات - غير مرئية كهربائية مغناطيسية لهذه الموجات تتحرّك في الهواء بسرعة الضوء..
قرأ ماركوني هذه التجارب وعمره لم يزد على العشرين عاماً, فتيقن أنه بالإمكان إرسال هذه الإشارات الصوتية إلى مسافات طويلة دون حاجة إلى أسلاك..
اندفع ماركوني تحدوه غريزة حب الاكتشاف إلى المزيد من العمل والتأمل باقتدار, فاهتدى بعد سنوات من بحوثه العلمية إلى اختراع جهاز لا سلكي يتم بموجبه إرسال إشارات لا سلكية لإرشاد السفن في البحار والمحيطات, فكان ذلك عام 1896م,..
وفي غمرة نشوة الانتصار بالاختراع, وتلقيه التشجيع من أهله وأصحابه, دفعوا به لتسجيل اختراعه في إنجلترا، حيث العاصمة البريطانية - لندن - فهي الملاذ الآمن للمخترعين ليسجّلوا براءة اختراعاتهم رسمياً حتى لا تسرقها أيادي النصابين والأفاقين, وهذا ما حصل، حيث طار من روما إلى لندن, وسجّل اختراعه في عام 1896م, تحت مسمى (ماركوني جرام)..
وبعد مضي سنتين أي في عام 1896م, من اكتشاف هذا الجهاز المهم , بدأت الدوائر الرسمية والمسؤولة عن عالم البحار تزوّد السفن به وتبادلت ما بين السفن والمحيطات هذه الإشارات التي أطلق عليها (ماركوني جرام)..
وكانت حافزاً كبيراً للمخترع (ماركوني) أن يواصل أبحاثه بكل همة ونشاط في مجال الاتصالات اللا سلكية, حتى تمكّن من عمل - ذبذبات - وإشارات لا سلكية يتم بموجبها إرسال رسائل لا سلكية من خلال (القنال الإنجليزي)..
ولم تتوقف المقدرة العقلية الفذة عند - ماركوني - لهذا الحد, وفي هذا المجال التخصصي إنشاء عام 1898م, شركة لا سلكية خاصة به تحت المسمى نفسه الذي سجّل به اختراعه الأول (ماركوني جرام).. فأخذ يطور صناعة (الراديو) اللا سلكي ويدعمه بكل ما أوتي من براعة في الخلق والابتكار, حتى تمكّن من بعث رسائل لا سلكية بين إيرلندا والأرجنتين, عبر مسافة ليست بالقصيرة ستة آلاف ميل, تتخلّلها معوقات كثيرة مثل الجبال والأنهار والبحار والمحيطات والرياح ذات العواصف الشديدة, فقد تجاوز إرساله اللا سلكي كل هذه الإشكاليات ووصل بكل قوة ووضوح, معلناً نجاح التجربة والفكرة في إيجاد - راديو لا سلكي - ذي أهمية بالغة في نقل الأخبار والمعلومات في أنحاء العالم..
وفي عام 1901م, كان كل شيء يسير بطريقة اعتيادية في حركة السفن في البحار والمحيطات محملة الركاب والبضائع بين المدن الأوروبية والأمريكية والآسيوية, ولكن ثمة حادثة حدثت في عرض المحيط الأطلسي, أضجرت العالم, فقد غرقت السفينة (ريليك) فكانت الرسائل اللا سلكية هي التي تتبعها من السفن الأخرى المبحرة في عرض المحيط, فأنقذت هذه الاتصالات الكثير من ركاب السفينة الغارقة..
وأطنبت الصحف العالمية في تعداد مآثر هذا المخترع الإيطالي - ماركوني - وفي عام 1909م, منحت جائزة نوبل للعبقري الإيطالي جويلمو ماركوني, مكافأة له على اختراعاته وأبحاثه العلمية..
وتقول الكاتبة الصحفية بصحيفة الأهرام - الأستاذة - سناء البيسي, في مقالة لها في 6 يونيو 2..9م أنه في يوليو عام 1932م هتف الممثل والمخرج أحمد سالم بكلمة (هنا القاهرة) من داخل الإذاعة المصرية, من شارع الشريفين, بعدما اتفقت شركة (ماركوني) على إقامة محطة لا سلكية للإذاعة مع الحكومة المصرية وكان من شرط الاتفاق أن يكون أبو الهول شعاراً..
وفي السنوات الأخيرة من عمره وقبيل أن يترك مختبره وتجارب عمره سجّل آخر اختراعاته وابتكاراته, حيث قام بتصوير استخدام الموجات القصيرة والقصيرة جداً وتوفي في روما عام 1937م..
تلك هي حكاية مخترع عظيم, دخل تاريخ (علم وعالم) الاختراعات, التي أفادت بعلمها البشرية قاطبة، وها هي البواخر واليخوت والطائرات والغواصات وسيارات البوليس, لا غنى لها عن - ذلك الجهاز اللا سلكي (ماركوني جرام).
Bushait.m.h.l@hotmail.com