Al Jazirah NewsPaper Monday  24/08/2009 G Issue 13479
الأثنين 03 رمضان 1430   العدد  13479
الحاسدون إذا حسدوا!
رمضان جريدي العنزي

 

الحاسدون ذوو خصائل ذميمة ومذمومة ومشينة وهي دلالة على عجز وضمور وكساح في ذواتهم، وهي إيماءات واضحة بوجود خلل في بناء نفسية الحاسدين وعدم قدرتهم على التواصل مع معطيات الحياة والناس بقدر كاف من القيم الاعتبارية والمعرفية وهي نتيجة عدم قدرة الحاسدين على القفز من الأزمة النفسية التي تحاصرهم وتأكل أرواحهم وتجعلهم هشين بائسين ذوي نزعات كبيرة مقترنة بالفعل الكسيح، وهكذا تبدأ لعبة حسد الآخرين للحصول على نشوة مزيفة لإثبات ذواتهم التي عجزت عن الوصول إلى ضفة الإبداع كما أحسنها المحسودون التي وصلوها بالمثابرة والرقي والطموح وامتلاك أدوات التحدي وتحريك الساكن من هممهم الجبارة التواقة للعلو والتفرد، إن هؤلاء الحاسدين يخوضون في بحر هوسهم المريض مصابون هم ب(فايروسات) خطيرة وأدران مقيتة وخيالات منفلتة وغير قادرة على اجتياز الزمن بسرعة كما يفعل الضوء، أنهم يبحرون بكينونة غير معرفية وغير واعية وخارجة عن سلطة العقل بروح قلقة غير قادرة على لجم خيالات وتهيؤات نفوسهم المريضة، أن الحاسدين غير نرجسيين بل هم مضرون يحاولن دوما الاستحواذ على ما ليس لهم، رغم أنهم في قرارة أنفسهم يعون جيدا بأنهم لن يصلوا ولن يرتقوا إلى سلم الإبداع الضوئي كما يفعله الآخرون المكافحون، لذلك نجدهم في رعشة دائمة وخلل تفكيري عجيب ولهم هزاز وهزال بائن وخواء واضح، وهذا ما يجعلهم عرضة للسخرية وللأمراض وللتشتت الذهني وتتبع الآخرين، أن لهؤلاء الحاسدين عقدا نفسية وعقلية متحفزة للرد السلبي والانتقامي المباشر وهذه العقد المسيطرة على نفوسهم وعقولهم الموبوءة جاهزة للتدحرج الانتقامي لإفساد نشوة الحياة، أن هؤلاء الحاسدين مزدحمون ومنشغلون في تتبع الآخرين وفق آلام وأعمال مضخمة بالوجع والترقب، أنهم يشبهون التضاريس الحجرية والأيام الرمادية والأسئلة الصعبة، لا يعرفون السلام ولا الدعة ولهم شخصيات انفصامية تعيش في نفوس أبدلت زراعة الورد بزراعة الخراب، ولهم أصابع أخطبوطية تنفلق في الأمكنة لتحولها إلى صخب وضحايا، أنهم لا يعرفون كيف يبتاعون الزهور ولا كيف يغلفونها، لكنهم يجيدون بحرفية تامة لعبة الحرق وحدوث الكارثة، أنهم يدوسون على مكان البياض ويفركونه حتى يحيلوه إلى مرتع للسواد، ملجلجين في كلام صعب ليس له لذة وله جحيم، أنهم يشبهون مجرات الأسى وبقايا الأنقاض، ليس لهم فتوحات ولا غزوات ولا بحار مدى، فالحسد عندهم هاجس وولاء وانتماء وقراءة وحماقة وورطة، مدنهم معتمة متخمة بالسواد أرضها طين سبخة وأخاديد محفورة، لهم نصف قلوب ونصف رئات ونصف أقفاص صدرية ونصف عربات حياة، ومدى رمادي واحد ليس له اتساع وله متاهة، وجرح مفتوح يعالجونه بالليمون وبالملح، لهم وجود وليس لهم سيادة، يرفلون بأسمال رثة بالية ونفوس متشحة بالسواد، لا حظوظ لهم، بيوتهم من قصب وأعواد خشب مبنية في أرض خربة نائية، لهم خناجر مسمومة ومواسم قتال ورايات سود وأصوات مبحوحة وجعجعة، تأخذهم العزة بالإثم من غير حدود معرفة ولا حدود إيمان ولا حدود رضا ولا حدود قناعة، دواخلهم تزدحم بكل أشكال اللون الحسدي الكريهة، وبكل أنواع الوباء المرضي الذي ينخر في أجسادهم ويطاردهم كالغمامة السوداء، أيها الناس دعونا نتعوذ بالله في الصباح وعند الظهيرة وعند المساء من شر حسد الحاسدين إذا حسدوا، لكي ننعم بالحياة وبالدفء وبالطمأنية وبالسلام.



ramadan.alanazi@alaif.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد