Al Jazirah NewsPaper Monday  24/08/2009 G Issue 13479
الأثنين 03 رمضان 1430   العدد  13479

دفق قلم
في المسجد الحرام
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

كنت خارجاً بعد صلاة العصر من باب الملك عبدالعزيز قبل رمضان بيومين، وكان التزاحم شديداً جعلني أقول لصاحبي: يبدو أن موسم رمضان الكريم سيشهد أعداداً هائلة من المعتمرين، والزائرين لبيت الله الحرام برغم التوقعات المطروحة إعلامياً بنقص الأعداد هذا العام بسبب الوباء المنتشر عالمياً (انفلونزا الخنازير).

قال صاحبي: هذا ما أتوقعه أيضاً، وأكد لي أن أعداداً كبيرة من جماعته قد وفدوا إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، والصلاة في المسجد الحرام في شهر رمضان المبارك برغم الحملات الإعلامية القوية في بلده التي تحذِّر الناس من السفر إلى البلد الحرام منعاً لانتشار العدوى بسبب التزاحم الشديد، وقال: مما عجبت له ان لدى كثير من القادمين إلى مكة معلومة طبية تتعلق بهذا المرض الخطير، تقول: إن جرثومة هذا المرض لا يمكن أن تعيش أبداً إذا زادت درجة الحرارة عن ثلاث وعشرين درجة مئوية، ومعنى ذلك انها ستلقى حتفها - بلا شك - في أجواء صيفية في مكة لا تكاد تنقص فيها درجة الحرارة عن أربعين درجة مئوية.

قلت لصاحبي وقد رأينا أعداداً كبيرة من رجال الأمن، وموظفي الخدمات الأخرى ينتشرون في الساحة المقابلة لباب الملك عبدالعزيز: ما أعظم هذه الاستعدادات الكبيرة لتيسير حركة ضيوف بيت الله الحرام، وحمايتهم، وإيجاد حلول سريعة لما قد يواجههم من المشكلات الناتجة عن اجتماع هذه الأعداد الكبيرة التي تتوافد إلى هذه البقاع الطاهرة، قال: أعانهم الله فإن العمل الذي ينتظرهم مع بداية شهر رمضان عمل متعب كبير، وسترى يوم الجمعة السابق لبداية شهر رمضان إن اكتمل شعبان أو اليوم الأول من رمضان إن نقص شعبان، سترى كيف يكون عمل هؤلاء الرجال سواء كانوا رجال أمن، أم موظفين تابعين لرئاسة شؤون الحرم المكي والمسجد النبوي، أم عمال الخدمات والنظافة الذين يتابعون نظافة المسجد الحرام وما حوله متابعة لا تنقطع على مدى أربع وعشرين ساعة، عملاً شاقاً مضنياً - أعانهم الله- .

في المسجد الحرام حركة دائبة لا تتوقف، وإقبال لا يتراجع، وقد سألت معتمراً مغربياً كبير السن عن مجيئه برغم ما اتخذ من قرارات في بعض الدول العربية ومنها المغرب بمنع سفر من هم دون العشرين أو فوق الستين مراعاة لمشكلة العدوى التي تشغل العالم كله، سألته فقال مبتسماً: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ثم إن الجراثيم التي يتحدثون عنها عاجزة - بإذن الله - عن البقاء في هذا الجو الساخن الذي تستمر فيه الحرارة طوال الليل، قال ذلك، وصافحني مودِّعاً، ثم رأيته ينصح رجلاً كان واقفاً قريباً مني بخلع الكمَّامة التي كانت على فمه وأنفه قائلاً: الق بها جانبا وأرح نفسك منها فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، فقال له الرجل مباشرة: ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: اعقلها وتوكَّل، فمضيت وأنا مسرور بهذه الآراء الفقهية المتبادلة بين المعتمرين.

وكان يوم الجمعة الثلاثين من شعبان يوماً مشهوداً كعادة أيام مكة المكرمة حيث تجاوز عدد المصلين (المليون) أدوا صلاة الجمعة في بيت الله الحرام، في المسجد الحرام جهود كبيرة مبذولة، وخدمة متميزة للمعتمرين والزائرين، وأجواءٌ روحية تترقى فيها نفوس المسلمين، فالحمد لله رب العالمين.

إشارة:

تلاقينا بأفئدةٍ عطاشٍ

إلى حورٍ وجنَّاتٍ وطيب


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد