Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/08/2009 G Issue 13480
الثلاثاء 04 رمضان 1430   العدد  13480
إنفلونزا الخنازير بين التشاؤم والتراخي
د.سعد بن محمد الفياض

 

إنفلونزا الخنازير أو ما يُسمى ب إنفلونزا (n1 h1) وهذه التسمية اللطيفة هي تطييب لخاطر مُلاَّك شركات صناعة المواد المشتقة من الخنزير بعد أن أثَّر هذا الوباء على مبيعاتهم ومنتجاتهم في العالم!!).

إنفلونزا الخنازير ذلك الوباء الذي أقض مضاجع العالم بهيئاته ومنظماته، يعطينا دلالة على مدى صغر هذا الكوكب الذي نعيش فيه ودقة ترابط أجزائه حتى كأنه غرفة صغيرة تهب عليها في كل حين ووقت رياح التأثير، سواء أكانت اقتصادية أو ثقافية أو صحية، فالعولمة والتقنية والاتصالات كلها رياح عاتية جعلت أفراد هذا الكوكب يعايش، بل ربما يحاكي هذه التغيرات.. ومن هذه المؤثرات.. المؤثرات الصحية أو الأمراض الوبائية التي ما إن تُكتشف في بلد حتى تسري في جميع البلدان.. ونحن في بلادنا نعايش مثل هذه المؤثرات وليس هذا بمستغرب ولكن المستغرب هو عدم الاستعداد والأخذ بأسباب الوقاية الجادة من قِبل الأفراد والأسر.. إما من باب التواكل والتراخي أو من باب عدم الاهتمام وقلة المبالاة وتُعتبر مسؤولية انتقال المرض من شخص لآخر هي مسؤولية شخصية بناء على تصرفات الأفراد الشخصية وآدابهم في التعامل وتسلحهم بسلاح التطهر والنظافة.. والالتزام بالمنهج الصحي السليم في التعامل مع السعال أو العطاس أو حتى كيفية البصق.. ومدى العناية بنظافة اليدين وغسل الجسم والتطيُّب والتجمُّل.. بل حتى البيوت والأفنية أمر الإسلام بطهارتها وتنظيفها.. وأمر بتغطية الآنية في الليل.. ونهى عن الشرب من فيء السقا أو التنفس في الإناء.. لذا فإن صحة الأجسام وجمالها ونضرتها وسلامتها من الأمراض والأوبئة من الأمور التي وجَّه الإسلام إليها عناية فائقة واعتبرها غاية من غايات رسالته.. من أجل ذلك حارب المرض ووضع العوائق أمام جراثيمه حتى لا ينتشر فيدب فيها الضعف والتراخي والقلق والتشاؤم وتستنزف فيها قوى البلاد والعباد.. فوفر أسباب الوقاية بما شرع من قواعد النظافة الدائمة والتطهر المستمر حسياً ومعنوياً.. (فالله يحب التوابين ويحب المتطهرين).. (وهو جميل يحب الجمال).. ومن سمات الجمال جمال الطهر والنظافة، فالإسلام هو أول من شرع نظام (الحجر الصحي) والمتمثل في أمر النبي صلى الله عليه وسلم لنا في حالة الطاعون - وهو اسم للوباء - أن لا ندخل بلدة أو مدينة أو نغادرها.. وهذا الهدي النبوي العظيم الذي يبين لنا بجلاء موقف الإسلام من مثل هذه الأوبئة.. وأنه كيف أرشد أتباعه إلى ذلك النظام الصحي الناجح في مواجهة مثل هذه الأوبئة من قبل أن توجد مثل هذه الأوبئة وهذه الجراثيم الفتاكة.. لذا ينبغي على كل شخص أن يكون معتدلاً في أموره فلا يهوّل من القضية فتصير به إلى الخوف والقلق والتشاؤم.. ولا يهوّل في التقليل من شأنها فيصير به إلى عدم المبالاة وقلة الاهتمام بل يكون هديه في ذلك (لا عدوى ولا طيرة).. وفي نفس الوقت يعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فر من المجذوم فرارك من الأسد).. فلا بد من التوكل على الله والإيمان به.. وأنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له.. وعليه مع هذا أن يأخذ بالأسباب والحيطة والتحرز { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُر* فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ}.. وليعلم أن الدعاء واللجوء إلى الله من أعظم أسباب كشف مثل هذه الأوبئة ودفعها عن المسلمين.



Saad.alfayyadh@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد