Al Jazirah NewsPaper Wednesday  26/08/2009 G Issue 13481
الاربعاء 05 رمضان 1430   العدد  13481
كمين الأمكنة
فكوك الريق على رائحة الوطن
د. فوزية أبو خالد

 

قبل المغرب بقليل حيث الجو النصف غائم في قارة أمريكا الشمالية لا يشي بشجن الغروب يرن الهاتف. إنها الدكتورة عزيزة النعيم علي الطرف الآخر حيث باستطاعتي من نافذة بيتي أن أرى خيالها من خلف نافذة بيتها المقابل لسكني هنا في وسط غابة أمطار الشمال الغربي. تسألني أم بدر أن كان لدي (تلقيمة) هيل للقهوة العربي وقد حملها الهوى فآتت من الرياض على عجل لتصوم رمضان مع أبناءها الذين يدرسون هنا.

أهم بالاعتذار لها عن عدم وجود (التلقيمة) الغالية نظرا لأنني علي سفر ولم أخطط لصيام أول رمضان هنا لولا توعكي قليلا ولكن قبل أن أشرع في الاعتذار أتذكر هذا المقال فأتدارك نفسي وأقول لها (بلى عندي فكوك ريق ساخن من سنابل الوطن وقبل أن تسترسل لتسأل بمرح: (وش مسويه (مطازيز)، أقول لها افتح إيميلك بعد خمس دقائق وستصلك قهوة مبهرة، رائحة حبرها الطارجة (تشق الراس) و(تعمر المزاج). فقد غليتها على لهب تضوعات الوطن في الخيال.

وإليكم المقال المعني أقصد رائحة القهوة المرة في الخيال:

مخفورة بأخيلة الوطن أنى ارتحلت:

لا بد من المصارحة بأنني منذ أن نحت بالحبر فضاءات الروح في مخطوطة كتابي (كمين الأمكنة) قبل ما يزيد على عشر سنوات لم تشف يدي بعد من قروح تلك التجربة ولم أنجح في كف رائحة المكان عن اللعب بأعصابي من حينها إلى اللحظة التي أشمر فيها أكمامي لكتابة هذا المقال على جدارية الغربة.

فكيف لمن أنشب عشق الوطن مخالبه في خصرها أن تكتب عن بعد

في اندلاعات المواقع من عيونها كلما رمشت. كيف لها أن تسجل شهيق وزفير النفود والدهناء السروات والساحل وادي الرمة وفاطمة والسرحان في رئتها كلما تنفست.

في كمين المكان كتبت عن ملاعب طفولتي في الحوية وشهار ووادي وج وبساتين الفيصلية بالطائف عن المجرور والرمان وأثواب الحويسي. فهل تستطيع الكاميرات الرقمية الآن أن تلتقط مشهد شوك البرشومي الذي لا يزال عالق بقلبي.

كتبتُ عن مكة المكرمة فكشفت عن حفريات التاريخ في دمي, عن مسرى هاجر وخديجة سمية وأسماء, عن أبواب الحرم وحرمة دم الحمام والغزلان في الأشهر الحرم, عن تلك البقعة الجرداء التي تحولت إلى مهوى الأفئدة وعدة قارات في قرية واحدة (أم القرى). فهل تستطيع تقاليد الوفادة الفندقية ذات الخمسة نجوم أن تقدم للضيف هوا معتقا في تلك الجرار المبخرة بالبخور الجاوي والمستكا أو تسقيه ماء مرقيا بسورة اقرأ.

حين بلغت سهل تهامة عبر وعور سلسلة جبال الحجاز تنحيت لنساء الجنوب ليكتبن بعروق الحناء وعًرق المخاض وخوص القبعات على مدرجات الجبال حفيف الشجر مواسم الأعراس سيرة بلقيس, شجن الأرض ساعة هطول المطر.

أما عندما أنخت بمسجد عمر، جهة الشمال، فقد صليت ركعتين لله الواحد الأحد الذي أخرج الظلام من جزيرة العرب وأرسل شمس الهدى إلى ما وراء الأفق. وحفرت بمغرز النسيج أسماء ملكات الشمال, بنات الشمال على مجرى المياه. حييت الرجاجيل بما يحمله الجوف وجبل أجا وسلمى من هواء نقي. فهل من رحالة يلمس لمس اليد مخمل الخناجر الغائرة أو هل من مرشد سياحي يدل على معبر سهيل والثريا في الأحلام.

هل من يقرد ملح تاروت وفوار عين نجم وأحزان دارين وزيت أبقيق في تشققات جلد البحارة والنوخذة وعلى سواعد عسيب السلج والسكري ونبوت سيف. هل من يتهجى التعرجات على طريق الجماجم أو الدروب المؤدية إلى الخفجي. هل من يسمع سور المعوذات في أستغاثة المعلمات كلما اصطدمت سيارة بشاحنة على طريق المدارس بين القرى والمدن في غبش الفجر.

مزجت حبري بهوى نجد وشهقات شعيب حريملا بمرابع الدرعية ومغاور الصمان وكتبت حنين الواحات للقوافل, شكوى برج المملكة للسحاب,تأرجح الشباب بين صخب التطعيس وبهرج متاجر البضائع المستوردة في شارع التحلية بين الرياض وجدة.

فهل من كتابة تستطيع أن تقوم بقيافة خطى الآحصنة والجمال, ريش الحباري, تنهدات المحار, قشعريرة المربعانية, صهيب الصيف, صهيل الأحصنة, تعدد اللهجات, تنوع الأمزجة, كبت المشاعر وبوح الشبكة العنكوبتية في تشكيل مكونات المكان وفسيفساء الأنفس . هذا هو التحدي الإبداعي والحضاري معا الذي علينا أن نسأل أنفسنا عنه ونحن نغمس خبز الوطن في الغربة لنستطيع الكتابة.

أطلق ناشطون حقوقيون شبكة لحقوق الإنسان في الخليج واليمن، وأوضح 20 ناشطاً حقوقياً شاركوا في دورة تدريبية لإعداد المدربين نظمها مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة المستقبل أن الشبكة تمثل إطاراً حقوقياً يعمل على تحقيق العدالة والحرية والكرامة وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون في مجتمعات دول الخليج واليمن.

وذكر المشاركون أن رسالة الشبكة تكمن في نشر ثقافة حقوق الإنسان وتوفير حماية للناشطين ودعم جهود المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان لرصد ومنع التجاوزات والانتهاكات لحقوق الإنسان.

وأكد المشاركون أيضاً أن الشبكة ستعمل على التعاون مع الجهات الحكومية في تعزيز حقوق الإنسان، ورفع بناء وقدرات المجتمع المدني، وتوفير التدريب والتأهيل في مجال حقوق الإنسان.

الجدير بالذكر أن هذه الشبكة تأتي تتويجاً للبرنامج الإقليمي لتعزيز قدرات نشطاء حقوق الإنسان والإعلام في دول الخليج واليمن حيث تم اختيار ابرز عشرين مشارك ومشاركة من أربع دورات سابقة نفذت خلال العامين الماضين ضمن هذا البرنامج، وكان المشرف العام على مرصد حقوق الإنسان في السعودية القانوني وليد أبو الخير أحد المشاركين في إطلاق هذه الشبكة الإقليمية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد