Al Jazirah NewsPaper Thursday  27/08/2009 G Issue 13482
الخميس 06 رمضان 1430   العدد  13482
حول (رحمه الله) و (يرحمه الله)

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

اطلعت الأربعاء 28-8 في صفحة (عزيزتي الجزيرة) على تعليق للأخ الأستاذ عبدالمحسن بن علي المطلق عنوانه (لا يحجر واسعاً) وهو تعليق على ما قلته مراراً، وما زلت، ومعي بعض الغيورين نقوله، وهو أن التعبير ب(رحمه الله) أفضل من التعبير ب(يرحمه الله).

وإني إذ أشكر الكاتب الفاضل على ثنائه وحرصه على عنوان أخيه أو مكتبته (فاكس4502514) أذكر له ما قاله أربعة من مثقفينا وكتَّابنا وعلمائنا حول ذلك؛ لعله يقتنع بما قالوه:

1- الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله- كتب في جريدة الرياض يستعرض أحد الكتب (الرياض 6-11-1420هـ)، ومما قاله: (وما لاحظت أثناء تصفحي لهذا الكتاب استعماله كلمة (يرحمه الله) بدل (رحمه الله)، وما أعتقد أن هذا التعبير يستعمل في عهد كتابة تلك المقالات، لأن الأستاذ محمد عمر توفيق رحمه الله ذو تمكن قوي في اللغة العربية، وهو يدرك أن الفعل الماضي قد يقصد منه المستقبل، كما في قول الله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} والمعنى سيأتي أمر الله، والمسلمون منذ أول وجودهم إلى عهدنا كانوا يستعملون في مؤلفاتهم ودعائهم -فلان رضي الله عنه وغفر له ورحمه- وأمثال هذه الكلمات التي تزخر بها كل المؤلفات العربية أربعة عشر قرناً، ولم يحدث هذا الاستعمال (يرحمه الله) إلا في أيامنا الأخيرة من فئة متشددة جاهلة باللغة العربية، متوهمة أن جملة -رحمه الله- تدل على الجزم بأن الرجل مرحوم، وهم يجهلون أن المقصود بها الدعاء له بالرحمة) ا.هـ.

وكتب د. عبدالعزيز الخويطر في هذه الجريدة بعددها 9308 ذي التاريخ 26-11-1418هـ مقالا ضافيا في الموضوع عنوانه: (رضي الله عنه ورحمه وغفر له) قال فيه: (منذ نعومة أظفارنا، ومنذ أن بدأنا ندرك علَّمونا في المدرسة أن صيغة الدعاء للميت والحي هي في صيغة الماضي، فيقال رضي الله عنه، ورحمه الله، وعفا عنه، وغفر له، وتجاوز عن سيئاته، ووفقه، وشفاه، وعافاه، وتقبل منه، وأراحه من تعبه، وأصلحه، وأصلح بنيه، وجعل الجنة مثواه، وهكذا.. صيغ ألفناها ودرجت عليها ألسنتنا، وأطمأنت إليها قلوبنا، وطربت لها أسماعنا ووجدنا هذه الصياغة في كتب الصحاح، وفي كتب الدين المعتبرة، وكتب التاريخ المقبولة.

ثم فجأة منذ خمس سنوات تقريبا (لاحظ تاريخ المقال) بدأت هذه الصيغ تختفي وتبعد، بمتابعة وإصرار، فبدأنا نسمع: يحفظه الله ويغفر له، ولم تأت هذه الصيغ تدريجا، بل جاءت دون تدريج، في وسائل الإعلام، وفي الصحف وبإصرار). وأضاف د. الخويطر أنه يرسل في مقالاته (حفظه الله) فتبدل إلى (يحفظه الله)، وذكر أنه ليتأكد سأل أوسع رجال الدين علما فقال إنه لا بأس بالتعبير القديم (رحمه الله).

وأضاف الخويطر قائلاً: (وفكرت في الأمر فلم أجد سبباً واضحا لتبني هذا التعبير، وجفوة المعتاد وبدأ الخوف ينتابني، وخشيت أن تكون هذه مرحلة دُست علينا، بغفلة منا وأنه بعد مدة سوف نبدل (يحفظه الله) بكلمة (يحفظه الرب) ثم بكلمة يباركه الرب، وبهذا ندخل نهاية الخطة، وفي دين آخر له أهله، ولهم تعبيرهم). إلى آخر مقال د. عبدالعزيز الخويطر، ولولا خشية الإطالة وملل القارئ وامتلاء الصفحة لأوردته كاملاً.

وللأستاذ محمد بن عمر بن عقيل (أبوعبدالرحمن) (سلمت براجمه من الأوخاز) مقال قيم نشر في المجلة العربية يؤيد فيه ما ذهب إليه د. الخويطر عنوانه: (الدكتور الخويطر والنحو الثاني) المجلة العربية، العدد 69، صفر 1419ه)، وصف المقال ب(الشيق)، وأطربه ما جاء في مقال الخويطر، وأورد 33 ثلاثة وثلاثين تعبيرا بصيغة الماضي يرددها علماؤنا ونرددها، وخشي كما خشي سلفه بقوله: (هذا المزلق (استعمال المضارع) قد يكون باستحلاء عبارات من تقرع لهم الأجراس يوم الأحد، مثل (يباركه الرب)، وأضاف أبو عبدالرحمن: (وبقيت ثالثة يجب التنبيه عليها، وهي أن القوم المعبرين بالمضارع في قوله (يرحمه الله) عن الماضي (رحمه الله) وقعوا فيما فروا منه.. إلى آخر المقال القيم.

وقد علقت على المقالات الثلاثة في الجريدة بتاريخ 11- 2-1422هـ، وأيدت ما قالوه، وحذرت من هذا التعبير الذي خرج علينا فجأة، أخرجه أحدهم بقصد قد يكون سيئا فانتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم.

وقد أثنى الأستاذ حمد القاضي على أقوال هؤلاء العلماء وعلى تعليقي على ما قالوه، وذلك في جداوله بهذه الجريدة، وقد عمدت إلى تصوير هذه المقالات الثلاثة وتوزيعها على من أتوسمه يقرأ، وأرسلها بالفاكس لمن أراه يستعمل صيغة المضارع الفاكس: وهو (اللاقط) وقيل (الناسوخ) وقيل (البراق) وثمة مقال رابع للأستاذ (أبو أوس) إبراهيم الشمسان نشره في زاويته بالجزيرة الثقافية (مداخلات لغوية) وكان العنوان (رحمه الله) يؤيد استعمال المضارع، وأورد أدلة وشواهد على قوله (الثقافية العدد 244 في 15-4-14219هـ). وذكر ما دار بينه وبين د. عبدالله الغذامي حول ذلك ومما قاله: (.. فالفعل الماضي قد ينتقل من دلالته الإخبارية على حدوث الفعل التي يحتمل بها الصدق والكذب إلى دلالة إنشائية، هي الدعاء، لا يحتمل بها الصدق والكذب، كما في قولنا (رحمه الله، غفر الله له، وأسكنه فسيح جناته، وتغمده برحمته).

ونقول في رسائلنا وخطاباتنا (حفظه الله)، ولذلك يصح أن نقول: المرحوم والمغفور له، ولا حاجة إلى الاشتراط، كما يفعل بعض الناس في قوله (المغفور له بإذن الله)، وأقول: لا حاجة إلى الاشتراط لأن الغافر هو الله، ولا يحتاج تبارك وتعالى إلى إذن.

وسمعت الخميس 29-8 الأستاذ د. محمد بن عبدالله المشوح الذي دعانا مشكوراً أنا وزميلاي في الرحلة د. عبدالله السعدون وابني د. عبدالله لزيارة بريدة وحضور افتتاح مدينة التمور ومهرجان التمور في بريدة أقصد ببريدة. وقد رأينا ما أثلج صدورنا من معروضات، بل من بعض القائمين على المهرجان. عفوا لهذا الاستطراد والخروج عن النص.. سمعته يقول: إن إحدى الصحف اليومية أجرت مقابلة مطولة مع صاحب المعالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي جاء في أحد عناوينها (يرحمه الله) فاتصل د. عبدالعزيز الخويطر بشيخنا العبودي معاتباً مستغرباً، حتى أنت يا شيخ تقول يرحمه الله، فأكد له أنه لم يقل وأنه تحريف من الجريدة على طريقة من وصفتهم المقالات الثلاثة.

أخيراً.. أشكر أخي عبدالمحسن المطلق الذي أتاح لي هذه الفرصة لأطل على قراء العزيزة وأرجو أن يكون- ومن يرى رأيه. برأي هؤلاء العلماء الأعلام، ومدى تخوفهم من انتشار هذه العبارة التي فاجأتنا (وضيّقت صدورنا).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد بن عبدالله الحمدان - الرياض



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد