Al Jazirah NewsPaper Friday  28/08/2009 G Issue 13483
الجمعة 07 رمضان 1430   العدد  13483
لما هو آتٍ
مكارم المنهج..
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

مدرسة رمضان بوتقة الأخلاق، فيها تتطهر النفس والجوارح، وتسمو الروح ويصفو العقل، ويتشذب المسلك، وينبلج نور الحياء، تسألني صغيري كيف؟ وتعود كلما غذذت في دروبك توظف كل صوم في مفردة السلوك ضمن قائمة الأخلاق ونحن نتتبعها في صفحات محتوى منهج رمضان، تدرجت صغيري في تهجئة المفردات، حتى وعيت مسالكها ونهج تنفيذها، قلت لك يومها: الصبر على الجوع والعطش تدريب للصمت عند مواجهة الطلب، وما من شيء رافقه الصمت وجلله العفو، ومرره الصفح إلا ازدان بالسمو والحلم، وهما صفتان لا تلحقان بإنسان لا يقوى على كبح شهواته، وأولها لقمة هنيئة مرغوب فيها، وآخرها خفقة مارقة لنزوة بشرية، وكلاهما تتساويان في المقياس, حين تعرضان في سلوك البشر خارج دائرة أسوار مدرسة رمضان، فالأكول لا يجالسه النبلاء، ولم يرتض مسلكه الأنبياء، والضعيف أمام نزواته وغرائزه خطَّاء، ورمضان فسحة إلهية للتعوُّد على ضبط النفس دون رغائبها ونزواتها، تبدأ بالفعل وتُنهى بالتوبة، وتتكلل بالمغفرة بإذنه تعالى، غير أن من لا يفعل فبهما في رمضان يتعدى حدود ربه، وما يتجاوزه تعالى عنه في سائر الأيام، لا يتجاوز عنه في رمضان، والسؤال حين يأتيك لماذا؟ فلأنك في هذه المدرسة مسؤول عن الانقياد لتنفيذ بنود الاختبار, كي تجتاز النتيجة بنجاح... فهل تنكر أن الاختبار في المدرسة لا يؤهلك حين تنجح في الإجابة إجازةَ الاجتياز إلى درجة أعلى، ومستوى أرقى، وحصاد أثرى؟ أولا تؤهلك نتائجه لحياة تملك فيها قرارك؟ فما الذي تقرره لنفسك في مدرسة رمضان؟ النجاح أم الفشل؟ الاجتياز أم التعثُّر، أن تجري روافد سلوكك خلقاً ذا دعائم من الوفاء والصدق والصبر والجهد والعزم والصفح والاحتمال والإيثار..؟ أم تتكلَّس فتتعثَّر حجارة صلداء لا تمر عنها مياه التطهير، ولا تبذر فيها فسائل الإنماء..؟ أثق أنك بعون الله وفضله تعالى ستكون نجيباً منقاداً طائعاً لمنهج هذه المدرسة..

فمكارم الأخلاق وتمام سلامة السلوك المعبر عنها إنما هي دروس تطبيق في هذه المدرسة.. حين يخبرنا الله تعالى بضعفنا ويعلم أمارة نفوسنا بظلمها لنا، فيغفر ما وسعه تعالى حلمه العظيم، ويتجاوز ما كفل به حق من يؤمن به عنده، لكنه أقام في رمضان موعد الاختبار, وفتح بوابة مدرسة التطبيق, وحدَّ لذلك قواعد الحدود، وقيّد الصوم محور السلوك الحسن وصدق التعامل مع ما هو له من العبادة فيه امتثالاً بقبوله تعالى، أو رفضاً لمن لا يمتثل، وتلك هي النتيجة..

فتخلَّقوا أبنائي بأبجديات الصوم، واسلكوا منهج أخلاقه، تفوزوا بالنتيجة الأمثل وتخرجوا من رمضان أكثر طهراً وأجمل فرحة.. برحمة ومغفرة وعتق من النار.. وعد الله بها من قيَّد نفسه امتثالاً، وطاعة, وتخلَّق بأبجديات محتوى منهج مدرسة رمضان.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد