Al Jazirah NewsPaper Sunday  30/08/2009 G Issue 13485
الأحد 09 رمضان 1430   العدد  13485
حريق في منزل أصم!
د. فهد بن علي العليان

 

تولي حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - عنايةً كبيرةً بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف فئاتهم وإعاقاتهم؛ حيث تقوم الجهات المعنية بمحاولة رعاية هؤلاء وتقديم مستلزماتهم وطلباتهم كافة، وذلك من خلال وضع البرامج والخطط التي تساعدهم على العمل وطلب الرزق ..

..بالإضافة إلى تهيئتهم للاندماج مع غيرهم من أفراد المجتمع.

وقد يسَّر الله لي الالتقاء مع بعض أفراد هؤلاء الفئة - في إعاقات مختلفة - من خلال بعض الدورات والأنشطة في مراكز التدريب وورش العمل التي تعنى بهؤلاء وتقدّم لهم العديد من البرامج الهادفة والمفيدة؛ سعياً لتأهيلهم وتهيئتهم لسوق العمل ليخوضوا معترك الحياة بكل ثقة وثبات واقتدار. ولقد حضرت مؤخراً - في محافظة جدة - إحدى ورش العمل لمجموعة من فئة (الصم) لتهيئتهم للعمل في خطوط الإنتاج لصالح بعض الشركات؛ مما يتطلب تعريفهم وتدريبهم على وسائل وأدوات السلامة المتعلقة بإطفاء الحرائق وكيفية التعامل معها في حالة حدوث حرائق لا سمح الله. وقد أثار انتباهي ولفت نظري قضية مهمة جداً تخص فئة الصم والبكم - ذكرها بعض الحاضرين - وهي الكيفية التي تقوم بها هذه الفئة بالإبلاغ عن الحرائق أو طلب الإسعاف أو سيارات الأمن، وما الذي يحدث في حال نشوب حريق أو عند الحاجة للطوارئ داخل منزل لا يستطيع جميع أفراده الكلام أو السمع؛ وبالتالي فإن هناك عقبةً كبيرةً أمام أفراد هذه الفئة في حالة الحاجة إلى خدمة إسعافية سواءً كانت علاجية أو إغاثية؛ لأن مجرد الاتصال على الدفاع المدني أو أحد المستشفيات أو غيرها سيكون عديم الفائدة؛ إذ إن هؤلاء لا يستطيعون التعبير عن مرادهم!

إن من المهم جداً القيام بخدمة هذه الفئة والسعي لإيجاد آلية مناسبة وطريقة تقنية حديثة وفعَّالة للقضاء على هذه المشكلة، خاصةً أن عدد هؤلاء في المملكة ليس بقليل، إذ ربما يتجاوزون مائة ألف من الذكور والإناث - حسب إفادة أحد أعضاء جمعية الإعاقات السمعية - ؛ مما يحتم على الجهات المعنية بالسلامة والأمن البحث عن الحلول المناسبة والتي بالتأكيد هي موجودة لدى الدول المتقدمة. وربما يكون أحد الحلول - من وجهة نظر شخصية - وجود رقم جوال خاص لدى جهاز الدفاع المدني والمستشفيات والجهات الإغاثية والأمنية يعلن عنه في وسائل الإعلام تتعامل به فقط هذه الفئة عند وجود أي مشكلة أمنية أو غيرها، ويمكن الترتيب في هذا الشأن مع شركات الاتصالات لتقديم هذه الخدمة بشكل متميز وسريع.

وهنا أقول: إننا بحاجة جد ماسة إلى التعامل مع مختلف أصحاب الإعاقات بالشكل الذي يضمن لهم حياة مطمئنةً؛ مما يساعدهم على الإبداع والابتكار والعيش مع مختلف أفراد المجتمع بشكل متساو. وقد يكون طرح مثل هذه المشكلة طريقاً إلى إلقاء الضوء على مشكلات أخرى لدى فئات أخرى تعاني من نقص في الخدمات في بعض الدوائر الحكومية سواء في الوصول إلى الخدمة أو تعقيداتها المتنوّعة.

إنني لا أزال أشعر بحرقة شديدة وألم كبير وتفكير مستمر حول هذه المشكلة المتعلقة بفئة الصم؛ مما يجعلني أتطلع إلى صوت المسؤولين في تلك القطاعات للإجابة عن هذه المشكلة أو بيان تفصيل حولها، بل ربما يكون الحل موجوداً وأصحابنا في ورشة العمل عنه غافلون! وهنا يكون لزاماً علي أن أقول للجميع: عذراً أنا آسف!

وأخيراً، تحية شكر وتقدير لكل رجالات القطاعات الحكومية والخاصة الذين يقدمون جهوداً كبيرة وخدمات جليلة لذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أننا ما زلنا بحاجة إلى تكثيف الجهود وتعميقها لإسعاد هذه الفئات.



alelayan@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد