Al Jazirah NewsPaper Sunday  30/08/2009 G Issue 13485
الأحد 09 رمضان 1430   العدد  13485
أفق
الهدف
سلطان المالك

 

في عام 1953م أجرى أحد طلبة الماجستير في إحدى الجامعات الأمريكية دراسة نادرة، حيث أجرى هذا الطالب استفتاء لخريجي الجامعة في تلك السنة، وكان السؤال الذي وجهه إليهم هو: هل لك أهداف محددة مكتوبة؟ وكانت النتيجة أن 3% فقط من الخريجين وضعوا لهم أهدافًا محددة ومكتوبة عما يريدون القيام به في حياتهم، وبعد عشرين عاماً، أي في عام 1973م رجع إليهم صاحب البحث ليستطلع أحوالهم، فوجد أن ال3% حققوا نجاحًا في وظائفهم وأعمالهم أكثر مما حققه ال97% الآخرون مجتمعين. هذه النسبة المخيفة لا تنطبق فقط على طلبة تلك الجامعة الأمريكية، إنما للأسف هي النسبة المتحققة على مستوى البشر، فيرى العلماء من خلال دراسات عديدة أن نسبة الذين يخططون لحياتهم لا تصل إلى 3% من مجموع الناس كلها، وأن هذه النسبة القليلة هي التي تقود المجتمعات في مجالات الحياة المختلفة.

وهذه الدراسات إنما أجريت على ما يسمى بشعوب الدول المتقدمة، فما بالنا بشعوبنا؟ فلماذا أغلب الناس لا يحددون أهدافهم في الحياة؟ والجواب أن هناك قيودًا عديدة تتحكم بنا وتمنعنا من تحديد وجهتنا في الحياة. ومن أبرز هذه القيود أولا: الخوف من الفشل، حيث يفضل معظم الناس أن يعيشوا بدون أهداف واضحة خشية الوقوع في الإحساس بالألم من جراء الفشل في تحقيق هذه الأهداف، ومن ثم ينبغي على المؤمن أن يثق بربه، ويحدد أهدافه ويستمد العون والتوفيق من الله تعالى. والقيد الثاني: احتقار الذات، فكثير من المسلمين يحتقر نفسه، ويقلل من قدراته وإمكاناته إلى الحد الذي يصيبه بالإحباط والعجز، ومن ثم يشعر بأن النجاح والتميز قد خلق لأجل الآخرين من القادة والعظماء، وليس له هو لأنه لا يستحقه، ولذلك فهو يقبل ويرضى بكل شيء وينتظر ما تأتي له به الأيام، في سلبية واستسلام دون أن يصنع لنفسه أهدافًا عظيمة يسعى لتحقيقها. القيد الثالث: تعطيل النصف الأيمن من المخ، حيث تدل الأبحاث العلمية الحديثة في علم الفسيولوجيا على أن النصف الأيمن من المخ يختلف في وظائفه عن النصف الأيسر مع أنهما متشابهان تمامًا من الناحية التشريحية، فلقد أثبتت الدراسات والتجارب أن النصف الأيسر من الدماغ هو المسؤول عن وعي الإنسان وخبرته باللغة، والمنطق والرياضيات والعلوم والكتابة، أما النصف الأيمن من الدماغ فهو نصف اللاواعي، الذي يكمن فيه الخيال والتصور والإبداع، والمقدرة على التخيل الفراغي، ورغم أن كل إنسان يمتلك القدرة على استخدام هذين النصفين معًا، إلا أن معظم الناس يستخدم أحدهما دون الآخر، وفي الوقت الحاضر فإن الأكثرية يطغى عليهم استخدام النصف الأيسر من المخ، فيجد الواحد منا نفسه مشغولاً بالتفاصيل الصغيرة وبشؤون المعيشة اليومية دون محاولة النظر التخيلي إلى الصورة الإجمالية لحياته مما يقع تحت وظائف النصف الأيمن، فلا يحاول الإنسان أن يبدع ويبتكر أهدافًا وطموحات عالية تزيد من فاعليته وإنجازاته، وتنتشله من واقعه الذي لا يدرى عنه. أما القيد الرابع والأخير فهو الجهل، ويقصد به الجهل بكيفية تحديد الإنسان لأهدافه في الحياة، فبعض الناس قد يكون لديهم الرغبة والحماس لتحديد أهدافهم، ولكنهم لا يعرفون الكيفية الصحيحة التي يتمكنون من خلالها من أن يقوموا بوضع أهداف لحياتهم.

أختم بالقول إن سبب تعثر الكثير منا سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات والشركات هو الحماس في البداية والانطلاق في العمل ولكن دون هدف ورؤية محددة.



* Fax2325320@ yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد