Al Jazirah NewsPaper Sunday  30/08/2009 G Issue 13485
الأحد 09 رمضان 1430   العدد  13485
اغتيال أمير أم اغتيال وطن؟!
ريم سعيد آل عاطف

 

الثالثة قبيل الفجر أسفل شاشة المجد يظهر: (خبر عاجل: مساعد وزير الداخلية يتعرّض لمحاولة اغتيال) تساءلت: تُرى في أي ديار العرب والمسلمين؟ أفي أفغانستان أم الصومال؟ بل لعلها بلاد الاغتيالات: باكستان - العراق - لبنان، ثوان حتى تجدد الخبر: (الأمير محمد بن نايف ينجو من التفجير الإرهابي)، يصفعني الهلع بقوة، أنهض مشدوهة مذعورة، يُمناي تطبق على فمي لتحاصر صرخةً أو شهقةً تنفلت قهراً واحتجاجاً، تنهمر الدموع على يدي، تتشتت أفكاري تتبعثر مشاعري، تذكّرت الإسلام دين الرحمة والسلام، تذكّرت رمضان شهر الخير والمغفرة، تذكّرت وطني موئل الحق والنور ومحضن الرسالة وأقدس البقاع، تذكّرت الآيات المُنزلة والأحاديث المُطهرة في حرمة الأنفس وتعظيم الأمن، تذكّرت أرواحاً موحّدة ووجوهاً متوضئة وجباهاً ساجدة (ولاة أمر، علماء، مواطنين) تذكّرت والدي وقائدي الحبيب نايف وفجيعته عند سماعه بالحادثة! شعرت بنغزات عميقة بقلبي، خفقاتي تتسارع وأنفاسي تتباعد، خشيت على نفسي وحيدة إلا من ربي استعذت به من الشيطان وحاولت تهدئة أحاسيسي القلقة وتأملاتي الشاردة فابتهلت إلى المنعم الكريم الرحيم كثيراً فها هي الأخبار تتوارد بسلامة الأمير وضيوفه، وسكنت لهائب الغضب والحزن ولكنها لم تنطفئ فماذا لو؟! يا إلهي... نعم ماذا لو نجح ذلك المخطط الإجرامي؟ ولو قليلاً، لماذا يدمن البُغاة سُقيا الأرض بالدماء وتطاير الأعضاء وتناثر الأشلاء بين كتل الأسمنت والحجر وقطع الزجاج والحديد؟! إلى متى هذا الضلال والفكر الأخرق الأهوج؟ ظننّا وبعد حملتنا الطويلة المضنية للقضاء على الإرهاب والتعامل مع أصحابه وانحرافاتهم ومعالجة النتائج والأسباب أننا شارفنا على توديع تلك الحقبة المظلمة بشرورها وجروحها، وأن الأوان بات مناسباً لتركيز الجهود وشغل العقول والهمم بالتطور والتنمية وصرف الفكر والعمل إلى الإصلاح والنهضة العلمية والصناعية والاقتصادية.... ولكن الحقيقة الصادمة أن الحرب لم تضع أوزارها بعد وأن الطريق إلى الأمن والأمان ومنح الثقة وبسط الأمل ما زال طويلاً، فتباً لكم أيها الخوارج كم ظلمتم أنفسكم وكم ظلمتمونا معكم! إلى أين تريدون الوصول بنا؟ ما الذي تبتغونه؟ أن نحيا حياة الخوف والجهل والفقر والصراع والفتن، ألا يكفينا ويرضينا من بلادنا أن يحكم قادتها بشرع الله وأن يتولَّى علماؤها الإفتاء والقضاء والدعوة ويجدوا على ذلك الدعم والتأييد؟ ألا نفخر بتعليمنا الديني ومساجدنا المتزاحمة وحلقاتنا ومدارسنا لتحفيظ القرآن ومناشطنا الدعوية وفرض الحجاب ضمن أنظمة الدولة وقوانينها والتمكين للهيئة لتمارس دورها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ألا نحب ولاتنا ونفخر بهم وقد أقروا منع الاختلاط ودور السينما وقيادة المرأة للسيارة حرصاً على الدين والأخلاق ونزولاً وتقديراً لرغبة المحافظين والغيورين من أبناء شعبهم؟ ألا يستحق منا آل سعود النصرة والسمع والطاعة ما داموا قائمين بأمر الله واقفين عند حدوده؟! فالكمال والحياة المثالية الفاضلة الخالية من العُصاة والمقصِّرين لم تتحقق حتى في عهد النبوة والخلافة الراشدة.

أُدرك الآن وأكثر من أي وقت مضى أن واجبنا تجاه ديننا ووطننا وأنفسنا يحتم علينا تراصّ الصفوف ونبذ الفُرقة والدفاع عن وحدتنا ومقدراتنا ومنجزاتنا وأن نعترف بصدق وشجاعة بأنه لولا تساهلنا وعدم تقديرنا لحجم الخطر وتراخينا أحياناً لما استمرت تلك الخلايا الإرهابية بالتفريخ في ديارنا، كيف يكون بيننا مكفّر مفجّر سفاح دون أن يلحظه أحد أو ينتبه له أبٌ أو أخٌ أو قريبٌ أو حتى معلّم؟ فوالله الذي لا إله إلا هو لو أن شقيقي - أحب البشر إلى قلبي - مال عن المنهج الصحيح إلى فساد الفكر والمعتقد لأبلغت عنه، فروحي قبل روحه فداء لهذا الدين العظيم وهذه الأرض الحبيبة.

أهنئ نفسي والجميع بسلامة أميرنا والحمد والشكر لله حمداً وشكراً يليق بجلاله وعظيم سلطانه.



haeaah@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد