Al Jazirah NewsPaper Sunday  30/08/2009 G Issue 13485
الأحد 09 رمضان 1430   العدد  13485
رسالة إلى سمو الأمير
فهد بن عبد العزيز الغفيلي

 

حمداً لله على سلامتكم يا سمو الأمير، وشكراً لله القائل: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}(11)سورة الرعد.حيث أخبر سموكم أن المعتدي حين فجر نفسه تناثرت أشلاؤه في كل مكان، ولم تصابوا بأذى؛...

...و لأن الله لم يشأ أن يصبكم سوءاً وهو مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن الناس لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك).

سمو الأمير أنا على يقين أن هذه الحادثة لن تزيدكم إلا توكلاً على الله ومزيداً من الشكر والعرفان بفضل الله وحفظه لسموكم في هذا الحادث إضافة إلى ما تقوم به الأجهزة الأمنية من جهود في سبيل إفساد مخططاتهم وحجم ما بحوزتهم من ذخائر ومتفجرات والتي تشير إلى ما تحيكه تلك الفئة الباغية الضالة لهذه البلاد، إلا أن الله سبحانه يحبط كيدهم ويجعل مكرهم وبالاً عليهم، وتدبيرهم تدميراً لهم.

سمو الأمير حين يأتي قدر الله لا يرد، وليس حفظ اليوم فيه تزكية لنفس، وإلا ما كان الأمر يمضي في ابن عم رسول الله عليه السلام وزوج ابنته وأب سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين وأحد المبشرين بالجنة ورابع الخلفاء الراشدين (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه الذي قتله أحد أجداد تلك الفئة الضالة فكراً ومعتقداً وكان ظاهره الصلاح والزهد كما هو حال أتباعه في كل زمان ومكان. ونفس الحال ينطبق على الصحابي الجليل عثمان بن عفان الذي قتلته تلك الفئة الباغية أيضاً وقائمة الضحايا تطول وما أريد الوصول إليه أن الله الذي كتب الموت على أشرف هذه الأمة بعد محمد عليه السلام وصاحبيه رضوان الله عليهما، على أيدي الغدر أراد لك البقاء وحفظك من أن تصاب بأذى في هذا الاعتداء، وإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها، والله وحده يعلم سر حفظ عبده، وأسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكون في ذلك خيري الدنيا والآخرة.

سمو الأمير حين كان عبد الرحمن بن ملجم (أبعده الله) يضرب علياً (رضوان ربي ورحماته عليه) كان يردد قول المولى عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} (207) سورة البقرة فقتل ولي أمر الأمة الإسلامية في زمانه في نظر هذه الفئة الضالة تقرباً إلى الله، وهم مهما بلغوا من العلم والمعرفة لا ينفكون عن اتباع أهوائهم وشهواتهم ولا يتورعون عن فعل شيء في سبيل ذلك وهمهم الأول القضاء على من يخالفهم مع إيجاد المسوغ لذلك حتى لو كان من خلال التأويل الفاسد لآي القرآن الكريم كما فعل ابن ملجم.

سمو الأمير لم تكن أنت المقصود تحديداً في هذه العملية، فالبغية تمثلت في إثبات الوجود والإيحاء أن التنظيم الضال ما يزال قادراً على القيام ببعض العمليات النوعية رغم تهلهله بفعل الضربات الاستباقية المتكررة على مدى السنوات الماضية وهم حين حاولوا تسجيل الحضور حقق الله لهم ما أرادوا إلا أنه كتب عليهم حضوراً فيه مزيد من الذلة والصغار.

سمو الأمير لا يخفى عليكم أن الاعتداء على سموكم ليس سوى خطوة ضمن مخطط بغيض مليء بالخطوات الإجرامية البشعة الذي رسمه أرباب هذا الفكر المندحر، وإلا فالبغية أبعد من ذلك والهدف السيطرة على هذا البلاد ولن يتأتى لهم ذلك إلا من خلال إشاعة الفوضى في جميع أرجاء هذا الوطن وانتشار القتل في كل مكان وساعتها حسب زعمهم يختار الناس بين الموت أو القتال إلى صفهم ضد المرتدين ويقصدون بهم أبناء هذا البلد المسلم الآمن وهي ما يسمونها بمرحلة إدارة التوحش التي لن تكون إشاعة الفوضى وإراقة الدماء حكراً على هذه البلاد التي يسمونها بجزيرة العرب بل إنهم يحاولون إشاعة الفوضى في عدة بلدان إسلامية أخرى كبلدان الخليج واليمن والمغرب والأردن وحتى نيجيريا.

سمو الأمير هل يصدق عاقل أن هؤلاء سعوا إلى إيذاء شخص ساهم وبقوة في إكرامهم فأوصى لهم بطيب المعاملة وصرف المرتبات والمساعدة في تزويجهم وإعادتهم إلى وظائفهم والتنسيق مع السلطات الأمريكية في سبيل الإفراج عن محتجزيهم في خليج غوانتانامو وكل ذلك بدعم وتأييد ولاة الأمر، ثم يأتي أولئك الضلال ساعين إلى قطع اليد التي مدت إليهم وعملت على انتشالهم من مستنقعات الضلال التي اختاروا استيطانها، أليس من يقوم بمثل هذا الاعتداء شخص متجرد من أبسط ملامح التفكير الإنساني الصائب وينطبق عليه ما قيل: (وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا) وأي تمرد بعد ذلك، وبودي حقيقة من كل من يقرأ هذه الأسطر أن يتمعن في عقول تلك الفئة وكيف تفكر وحجم الدمار الذي سيلحق بمنشآت هذه البلاد لو لم يتم التعامل معهم بحزم وقوة منذ البداية وإلا لأصبح الحال كما هو عليه في بعض البلدان التي ما زالت تعاني من الويلات مذ مكّن لهم فيها، ولكن الله رحم هذا البلد وقيض لها رجالاً تعاملوا بحزم مع تلك الفئة فكانت تحمل السيف وأخرى ممدودة للمصافحة والاحتضان لمن رغب منهم ذلك.

سمو الأمير أنا على يقين أن هذا الحادث لن يزيد سموكم إلا إصراراً على محاربة تلك الفئة بسلاحها ومعول هدمها المتمثل بالفكر والمعتقد الباطل، وأعلم أن النجاحات التي تحققت لم تكن عملاً فردياً مرتجلاً، بل كان عملاً مؤسساتياً مدروساً شارك في رسمه مئات الرجال من المختصين في جميع المجالات؛ بغرض إخراج مجموعة من أبناء هذا البلد ممن سقوط في محاضن تلك الفئة الباغية، ولا يخفى على أحد من أبناء هذه البلاد حجم النجاحات التي تحققت في هذا السبيل، لدرجة صارت معها هذه البلاد قبلة للعديد من الدولة العربية والإسلامية والغربية التي اكتوت بنار هذا التنظيم الظلامي، ومن هنا فإني أظن أن هذا الاعتداء سوف يكون دافعاً لبذل مزيد من الجهد في سبيل إخراج تلك الفئة المضللة من الأدلجة الفاسدة التي تورطت بها مع مزيد من الصبر فالحمل ثقيل خصوصاً بعد مثل هذا الحادث ولكنني أعتقد أن من صبر وتحمل وصفح ومد يده بعد الاعتداءات السابقة لن يكون مستغرباً منه السير على نفس المنوال يداً حازمة وأخرى مصافحة لعل الله أن يرد كل من ضل من أبناء هذا البلد، والله ألله بالصبر فليس أحد أصبر من الله الذي يطعم ويحرس من يتعدى عليه فينسب له الولد، ويزعم أن له صاحبة ومع ذلك يمهل ويمد في الرزق ولكنه لا يهمل ولا يغيب عنه شيء.

سمو الأمير أسأل الله أن يحفظكم وكل من أعان على استتباب أمن البلد الذي احتضن أشرف البقع وأطهر الترب، كما أسأله عز وجل أن يسدد الخطى ويكلل المساعي بالنجاح إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو المستعان وعليه التكلان.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد