Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/09/2009 G Issue 13487
الثلاثاء 11 رمضان 1430   العدد  13487
استهداف الرمز والدولة
د. عبدالله إبراهيم الحديثي

 

تسمرت أمام شاشة التلفزيون صباح الجمعة في الساعة الثالثة صباحاً وأنا أسمع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز يشرح لمولاي خادم الحرمين الشريفين عن استهداف أحد المجرمين الخارجين على النظام والدولة والدين لسموه في منزله بعد ادعاء رغبته تسليم نفسه لسمو الأمير شخصياً مما قد يقود لعودة آخرين ممن ضلوا في غياهب الجبال وجحور الفيران من الضالين والمضلين الذين ابتليت بهم هذه البلاد ظلماً وعدوانا على هذا الشعب المسلم والحكومة المسلمة المسالمة التي تحكم بالشريعة وتشجع بطمأنينة عودة هؤلاء إلى حضن الدولة، وقد بادرت الدولة مشكورة بفتح باب التوبة لهؤلاء للرجوع عن غيهم والعودة إلى رشدهم والابتعاد عن طريق الضلال والفساد والإفساد وها هو أميرنا المحبوب يستهدف في مكمن القوة وفي رغبته الجامحة لعودة هؤلاء عن طريق الغي ويفتح مكتبه ومنزله لهؤلاء إلا أنهم بعدوانية ظاهرة وبغياب ديني وعقلي عن واقع الحياة يستهدفون أحد الرموز وهي المرة الثانية في تاريخ هذه الدولة السعودية الثالثة التي يستهدف أحد رموزها فقد استهدف مؤسس هذه البلاد الكبير الملك عبدالعزيز غفر الله له في مكة المكرمة وها هو حفيده يستهدف في منزله ومن باب التسامح والعفو والقبول بأوبة هؤلاء إلى طريق الرشاد إلا أن تلك اليد الممدودة بالحنان والحب والعطف والاحتواء قابلها الشذاذ بالعقوق والقتل والتفجير في هذا الشهر الفضيل وقد حذر الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز من قتل المسلم أو استهدافه وهي كبيرة فالمسلم دمه وماله حرام وقتل النفس عمل شرير في أي زمان ومكان. وهذه المحاولة اليائسة البائسة تنذر بانحسار هذه الأفكار وباندحار هذه الفئة وهي تعاني الرمق الأخير بعد مطاردتها وتضييق الخناق عليها ومتابعتها في جحورها وأوكارها وها هي الجهات الأمنية تحقق الانتصار تلو الانتصار وترد كيد الحاقدين إلى نحورهم والحقيقة أن المواطن ليعجب من ادعاء هذه الفئة وأهدافها ومن ورائها وكيف تتكون أفكار هذه المجموعات ومن هو المغذي والمفتي والموجه وصاحب هذه المغسلة الجبارة للعقول الجاهلة والغبية.

إن المملكة وقيادتها وهي تمد الجزرة والعصى وتقدم الفرصة تلو الفرصة من الاحتواء والمناصحة والتوجيه والمساعدة وإقالة العثرة إلا أن ذلك لم يفد بعض أفراد هذه الفئة بل ضلوا في غيهم يعمهون.

لماذا استهدف الأمير محمد؟

إن استهداف هذا الرمز الذي أقض مضاجع الفاسدين والمفسدين الضالين الذين اتخذوا الضلال طريقا والفساد منهجا والغلو والتطرف والخروج عن الدولة طريقا هو استهداف للدولة بعد محاولة تفجير وزارة الداخلية في الرياض ومقر الإدارة العامة للمرور واستهداف بعض أفراد قوى الأمن التي تسدد لهم الضربات المتتالية الموفقة. كما أن الأمير محمد بن نايف وهو يقود ويوجه ويشارك مع كوكبة من رجال الأمن البواسل في متابعة ورصد وتضييق الخناق على هذه الفئة التي ضلت عن الطريق القويم.

إن الإرهاب أعمى ويطمع في تمزيق الوطن ومكتسباته وهو منتهى الاستخفاف بالعقول البشرية السعودية.

وفي القرآن العظيم أشد الوعيد لمن يقتل النفس البشرية المؤمنة {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء، وقال صلى الله عليه وسلم (لا تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما - فإن أصاب دما بلح أي هلك) في رواية لأبي داود.

إن الأمن أعظم نعمة ترفل فيها هذه البلاد مما دعى إلى نهضتها ونموها واستقرارها، وإن الإخلال بالأمن مفسدة كبيرة لا يعلم مداها إلا الله. حفظ الله ولاة أمورنا من كل سوء ورد كيد الحاقدين وفساد المفسدين وضلال المضلين إلى نحورهم إنه سميع مجيب، ونبارك لأنفسنا نجاة سموه من هذا العمل الدنيء، هي نعمة كبيرة من الله بها علينا جميعا فله الحمد والشكر. حفظ الله الجميع من كل سوء إنه ولي ذلك والقادر عليه.



aalhudaithi@cecorp-sa.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد