Al Jazirah NewsPaper Friday  04/09/2009 G Issue 13490
الجمعة 14 رمضان 1430   العدد  13490
مركاز
قراءات - 2
حسين علي حسين

 

يناقش كتاب (الحداثة والمجتمع السعودي (1924 - 1953م)) إرهاصات وبداية الحداثة في المملكة العربية السعودية من دخول الملك عبدالعزيز إلى منطقة الحجاز وحتى وفاته في العام 1953م.. وقد اختار الباحث (علي الشدوي) منطقة الحجاز تحديداً، والتي تضم حصراً منطقة مكة المكرمة (الطائف، مكة، جدة، القنفذة) ومنطقة المدينة المنورة، والتي من أبرزها المنطقة الشمالية والغربية (تبوك، ينبع... إلخ). عرض المؤلف قبل الدخول في عهد الملك عبدالعزيز، لأوضاع الحجاز في العهد العثماني (الهاشمي) وتحديداً عهد الحسين بن علي، والذي نسب إليه تشجيعه للصحافة وبناء المدارس والمحاكم. وأخذ عليه وقفه ضد وجود السيارات والسكة الحديد وتقريبه لأبناء البادية والصرف عليهم مقابل ضغطه على التجار من خلال فرض الضرائب.

ويؤخذ عليه أيضاً غرابة الأطوار حتى أن أبناءه الأقرب إليه هجروه وأصبحوا لا يلتفتون إلى الكثير من قراراته، إضافة إلى ذلك تشكك الدولة العثمانية في نواياه وهي تتهيأ لتغيبه على منطقة الحجاز، وقد كان صائباً رأيها فحالما استتب له الأمر بدأ تمرده وتعاونه مع الإنجليز لتحقيق أطماعه في أن يكون سلطاناً على المسلمين، وهذه الطموحات كانت تلقي بظلالها على فترة حكمه، فقد كان لا يعطي أهمية كافية للمناطق المقدسة (مكة والمدينة) توازي منطقة الشام.

ويرى الباحث أن بوادر الحداثة في المجتمع الحجازي تجلت من خلال انتشار الكتاتيب للأولاد والبنات وبعد ذلك المدارس في مكة وجدة والمدينة وبعد ذلك دخول المطابع بداية من العام 1883م، وبعد ربع قرن زادت المطابع التجارية والحكومية، وبدأت الصحف في الصدور (شمس الحقيقة - الإصلاح - القبلة وغيرها)، وهكذا بدأ المجتمع ينتج معارفه وزاد الإقبال على القراءة، وبدأت طليعة مثقفة تدلي بدلوها في رصد وتحليل الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، وتبعاً لذلك بدأت الروايات والكتب الاجتماعية في الصدور لتعكس ما يمور في المجتمع الحجازي من تفاعلات جديدة، وكان من أبرز كتّاب هذه المرحلة عبدالقدوس الأنصاري (التوأمان) أحمد السباعي (فكرة) محمد علي مغربي (البعث) محمد حسن عواد (خواطر معرفة) حمزة شحاتة (ومحاضراته المثيرة للجدل).

وكأي مجتمع يطمح إلى التطور فقد تعرض هذا التطور إلى العديد من المعوقات التي تهدف إلى لجمه، ولعل أبرزها قمع السلطة الدينية لحركات التنوير.

إن المجتمع الحجازي، مجتمع حضري، متعدد، يميل أهله إلى العمل والابتكار، في كافة المجالات، خاصة وأن سكان هذه المنطقة غالبيتهم وافدون من أقطار عربية وإسلامية، لديهم طموحات دينية ودنيوية يريدون تطبيقها على أرض الواقع، هذه الميزة أكسبت الحجاز مجالات متعددة للحركة، في العديد من الأنشطة العلمية والاقتصادية، ورغم كبح الحسين بن علي لهذه الطموحات إلا أنها وجدت حال دخول الملك عبدالعزيز عوناً لها، فساعد في إنشاء المدارس وإرسال البعثات لتعلم فنون الطباعة وإنشاء مجلس للشورى ، وكان نداً لتصرفات بعض أبناء البادية لصالح الطبقة المتوسطة والعالية من التجار والمثقفين عكس الحسين بن علي الذي كان يميل لأبناء البادية على حساب غيرهم.

لقد شهدت المرحلة التي توفر على دراساتها الباحث العديد من المنجزات التي وضعت الحجاز في مرحلة الحداثة.

وقد شنّ الباحث في مستهل دراسته حرباً شعواء على فهم (عبدالله الغذامي) وطرحه لنفسه على أنه رائداً للحداثة لإصداره مؤلفاً عن حمزة شحاته، معتقداً أن للحداثة جانباً واحداً، هو الجانب المعرفي، في الوقت الذي تعكس الحداثة كافة التفاعلات والمنجزات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية.

تحفل هذه الدراسة بالعديد من العبارات غير المفهومة والتي تحتاج إلى تصويب من الباحث هذه دراسة جيدة في بابها وهي تعطينا بعداً آخر للحداثة التي يكثر الحديث عنها في المجتمع السعودي باعتبارها المعرفي فقط، بتطبيقها على الحركة العامة للمجتمع الحجازي في التاريخ المشار إليه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد