Al Jazirah NewsPaper Friday  04/09/2009 G Issue 13490
الجمعة 14 رمضان 1430   العدد  13490

ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله
د. ناصر بن محمد المنيع (*)

 

لقد آلمنا جميعاً نحن أهل هذه البلاد، بل آلم كل مسلم غيور على دين الإسلام، ما حدث مساء يوم الخميس السادس من شهر رمضان المبارك، من جرم شنيع ومحاولة غادرة للاعتداء على رمز من رموز الأمن في بلادنا الحبيبة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية،..

صاحب الجهود الأمنية العظيمة والمواقف المشهودة، والذي نذر نفسه لتحقيق الأمن والأمان، والتعامل مع الملف الأمني لأصحاب الفكر الضال بمهنية عالية، وإنسانية راقية، وهو يعلم ثقل الأمانة، وحجم التحديات الكبيرة، ويستشعر عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه من لدن قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين ومن رجل الأمن الأول النائب الثاني وزير الداخلية - حفظهم الله جميعاً -.

هذا الرجل الفذ، الذي يعمل بصمت ودون ضجيج على تحقيق مقومات الأمن، وترسيخه والمحافظة عليه، والتعامل مع أولئك المتورطين في أعمال إرهابية تعاملاً إنسانياً يمليه عليه مبادئ ديننا الحنيف وشريعتنا السمحة، فما من طريق ربما يكون سبباً في هداية هؤلاء، ورجوعهم إلى جادة الصواب إلا وأتيح لهم، وبذلت الأسباب الممكنة لتحقيق ذلك لعل وعسى أن يتداركوا أمرهم ويثوبوا إلى رشدهم، ويفيقوا من غفلتهم.. ولكن كما قيل:

لقد ناديت لو أسمعت حياً

ولكن لا حياة لمن تنادي

فهؤلاء الفئة الباغية، وأصحاب الفكر المنحرف الضال لا تنفع معهم الرأفة والشفقة والرحمة والعطف واللين، ولا ينفع معهم النصح والتذكير ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يقابلوا الإحسان بالإحسان، بل قابلوا الإحسان بالإساءة فهم قد جبلوا على المكر والخيانة والغدر ونقض العهود والمواثيق، لبسوا لبوس الدين واتخذوه لهم ستارا، وهم أبعد ما يكون عن هدي الإسلام وتعاليمه: انهم يطعنون الإسلام في خاصرته، حينما يحملونه سوء أعمالهم وعظيم إجرامهم، فدين الإسلام إنما هو دين الرحمة والسلام والعدل والأمن على الأنفس والأموال والأعراض والعقول، ودين يأمر بطاعة ولاة الأمر، ويحرم الخروج عليهم ومنابذتهم وشق عصا الطاعة وإحداث الفرقة والاختلاف، وليس دين القتل والتدمير والتكفير والتفجير.

إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة وقفوا من هذه الفئة الضالة في زمنهم موقفاً قوياً حازماً، مدركين خطورتهم على الإسلام والمسلمين، معدينهم شرار الخلق عند الله، طبقوا فيهم حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حينما وصفهم في الحديث الصحيح بقوله (سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة)، فكانوا يقاتلونهم إذا حدث منهم قتال أو بغي أو قطعوا السبيل وتعرضوا لمصالح المسلمين.

وقد قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه واتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين.

وقد أخرج أبو عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد بسنده عن الأورق بن قيس قال: (كنا بالأهواز نقاتل الخوارج، وفينا أبو برزة الأسلمي - رضي الله عنه - فجاء إلى نهر فتوضأ ثم قام يصلي).

وما أشبه الليلة بالبارحة فها هم الخوارج الجدد الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهم، ينشرون أفكارهم، ويدعون إلى ضلالهم، وينتهكون الحرمات، فيقتلون ويفجرون وينتهجون أساليب جديدة وطرقاً ماكرة خبيثة في عدوانهم باستهداف الشخصيات البارزة ورجال الأمن، وحماة العدل وحراس الفضيلة.

فالواجب الحزم والشدة في التعامل مع هؤلاء وغيرهم ممن هم على شاكلتهم، وإن هذه البلاد المباركة - أعزها الله بالإسلام - ماضية في تتبع تلك الفئة الضالة والكشف عنهم، وفضح مخططاتهم، لوقاية البلاد والعباد من شرهم، ولدرء الفتنة عن المسلمين، وحماية بيضتهم، ويجب على الجميع أن يتعاونوا في القضاء على هذا الأمر الخطير، وأن يكونوا صفاً واحداً في المحافظة على أمن الوطن ومكتسباته ويكونوا عيوناً ساهرة، وآذاناً واعية لكل متربص وغادر يريد الشر والفساد، فكل منا على ثغر فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله.

كما يجب على الآباء أن ينتبهوا لأبنائهم وفلذات أكبادهم فلا يتركوهم لأصحاب الأفكار الهدامة، والمبادئ المنحرفة، والتجمعات المشبوهة والرحلات المجهولة، فهم أمانة في أعناقهم (فكلكم راعٍ وكل مسؤول عن رعيته).

كما نسأله سبحانه أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمرنا وعلماءنا، وأن يديم على بلادنا نعمة الأمن والرخاء، وأن يرد كيد كل كائد وحسد كل حاسد في نحره، وأن يكفينا شره واذاه، وأن يهدي ضال المسلمين، كما نحمده سبحانه على أن منَّ على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بالسلامة والعافية من هذا العدوان الآثم الغاشم.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

* عضو هيئة التدريس - جامعة الإمام


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد