Al Jazirah NewsPaper Friday  04/09/2009 G Issue 13490
الجمعة 14 رمضان 1430   العدد  13490
متخصصان شرعيان عبر «الجزيرة» يفندان دعاوى المطالبين بالمساواة الكاملة بين الرجال والنساء
الميراث محسوم بنص قطعي يؤمن به كل مسلم

 

الرياض - خاص بـ «الجزيرة» :

تحت دعاوى الحرية والمساواة بين الرجل والمرأة، وشعارات التغريب الزائفة وجدنا من يحاول التعدي على ما جاء في كتاب الله الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأسباب واهية وحجج كاذبة، ومن أبرز هذه الدعاوى التي يرفعها دعاة التغريب، والعصرنة، المطالبة بتعطيل آيات المواريث بزعم أن المرأة مثل الرجل، وهي وصلت إلى درجات علمية مماثلة تماماً للرجال، وتبوأت مراكز قيادية فكيف لا تكون مثله، حول هذه الدعاوى التقينا بعدد من المختصين بعلوم الشريعة فماذا يقولون:

لا قول بعد قول الله

في البداية يؤكد الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق الأستاذ بكلية الشريعة بالرياض: أن مسائل الميراث قد حسمت بنص قطعي يؤمن به كل مسلم آلا وهو القرآن، وإن أحكام الإرث محكمة لا اختيار لأحد في تركها أو مناقشتها، فقد تولى الله - عز وجل - أمر توزيعها وتقسيمها فقال تعالى: (آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء:11) ثم قال عقبها متوعداً لمن خالف أمره وفرضه (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (النساء: 13 - 14).

إن من يقول هذا القول ينقض ما جاء به القرآن، والسبيل إلى الرد عليه يتوجه لا إلى هذه الجزئية من الحكم، بل إلى كونه هل يؤمن بنص القرآن ككل بكونه منزلاً من لدن حكيم عليم، وبعد ذلك يكون الكلام.

إن الذي حكم بأن (للذكر مثل حظ الأنثيين) هو الذي منح المرأة المساواة في الأجر والثواب فقال - تعالى -: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل: 97)، وهو الذي أعلن بوحدة الأصل الإنساني بين المرأة والرجل فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) (النساء: 1)، وبالعدل في مسألة الجزاء والثواب فقال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ) وقال أيضاً: (الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ والْقَانِتِينَ والْقَانِتَاتِ والصَّادِقِينَ والصَّادِقَاتِ والصَّابِرِينَ والصَّابِرَاتِ والْخَاشِعِينَ والْخَاشِعَاتِ والْمُتَصَدِّقِينَ والْمُتَصَدِّقَاتِ والصَّائِمِينَ والصَّائِمَاتِ والْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ والْحَافِظَاتِ والذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً والذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وأَجْراً عَظِيماً)، وهو الذي أعطى للمرأة حقوقها الشخصية خاصة الحقوق المالية، فلها مطلق الحق بالتصرف بمالها دون تدخل من الرجل حتى لو كان زوجها، وهو الذي سن القوانين والأحكام التي تكفل للمرأة الحياة الكريمة في جميع مراحل حياتها أماً، أو زوجةً، أو بنتاً، ومن ذلك أن كانت النفقة في حقهن واجبة مع صونهن وحفظهم من كل مكروه ومعاملتهن بالمعروف والإحسان، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، بل بخصوص الأم نجد كمال الرعاية فهي قد اشتركت مع الرجل - الأب - بحقوقه فقال تعالى: (وقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ وبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً إمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُمَا وقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً، واخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء:23-24)، ثم زاد في حقوقها وبرها وكلنا نعرف الحديث المشهور فيها: فقد جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أمك). قال: ثم من؟ قال: (أبوك)،

بل جعل تربية الأنثى وقاية وحماية من النار فقال - صلى الله عليه وسلم -: (من ابتلي من البنات بشيء، فأحْسن إليهن: كن له سِتراً من النار).

إن القول بأن (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) ليس عاماً، بل هناك حالات يتساوى فيها نصيب الأنثى مع الذكر، وحالات تأخذ الأنثى فيها أكثر من الذكر، وحالات ترث الأنثى فيها دون الذكر.

ترث أكثر من الرجل

ويذكر د. اللويحق بعض الحالات التي ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر ومنها: لو مات رجل عن: زوجة، بنت، أم، أختين لأم، أخ شقيق. لوجدنا أن للزوجة ثلاثة أسهم من أصل أربعة وعشرين سهماً، وللأم أربعة، وللأخ الشقيق خمسة أسهم، وتحجب الأختين لأم بالبنت. فالبنت ترث في هذه المسألة أكثر من الأخ الشقيق، ومثال آخر أنه لو ماتت امرأة عن: زوج، بنت، أخت شقيقة، أخت لأب. فإن للزوج سهما واحدا من أصل أربعة أسهم، وللبنت سهمين، وللأخت الشقيقة سهما واحدا، وأما الأخت لأب فمحجوبة بالشقيقة. فالزوج هنا يرث نصف ما ترثه البنت.

ومن الحالات التي تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث مثلاً: ميراث الأبوين (الأم، ولأب) مع وجود الفرع الوارث المذكر أو المؤنث كالابن وابن الابن، وإن نزل ذكراً كان ابن الابن أو أنثى، قال الله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) (النساء:11)، وكذلك ميراث الإخوة لأم اثنان فأكثر، سواء كانوا ذكوراً فقط أو ذكوراً أو إناثا فقط أو ذكوراً وإناثاً، فإنهم يشتركون في الثلث، يقسم بينهم بالتساوي للذكر مثل الأنثى.

قال الله عز و جل: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) (النساء:12)

وتظهر الحكمة في ذلك أن المورث ليس له من أخيه لأمه من عاطفة التراحم الناشئة من صلة الأمومة أكثر مما له من أخته لأمه.

الأنثى ترث دون الذكر

ويضيف د. اللويحق حالات ترث فيها الأنثى دون الذكر ومن ذلك: لو مات شخص عن: (أم بنتين، أختين لأب، أخ لأم) فإن للأم سهمين من أصل ثمانية، ولكل واحدة من البنتين أربعة أسهم، ويبقى للأختين لأب سهمان، لكل منهما سهم، بينما يحجب الأخ لأم بالأخوات لأب. فجميع الإناث في هذه المسألة يرثن باستثناء الأخ لأم، وكذلك لا يرث أي من ذوي الأرحام الذكور مع وجود إناث صاحبات فرض باستثناء الزوجة، ولا مع وارثات بطريق التعصيب، هذا فضلاً عن الحالات التي ترث فيها الأنثى المستحقة للميراث ويحرم فيها الذكر ولو كان صاحب فرض أو وارث بطريق التعصيب، وذلك إذا قام بحقه أحد موانع الإرث، كالقتل العمد وشبه العمد والارتداد.

وقد تأخذ الأنثى نصيباً أقل من الذكر في حالات معينة، فقوله سبحانه: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) ليس على إطلاقه، بل هو خاضع لضوابط معينة وشروط معينة، فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين في مثل الأصناف التالية:

1- صنف يكون ذلك في كل درجة من الدرجات منه مهما نزلت، بشرط أن لا يدلي الفرد منهم بأنثى، وهم الأبناء مع البنات، وبنات الابن مع ابن الابن فأكثر، وهكذا. فلو كان الإدلاء بأنثى فلا ترث، مثل بنت البنت، وابن البنت.

2- وصنف كذلك يكون في الدرجة الأولى منه فقط، مثل الشقيقة فأكثر مع الشقيق، والأخت لأب مع الأخ لأب منفردين أو متعددين. ولا يكون في أولادهم، مثل ابن الأخت الشقيقة أو لأب مع ابن الأخ الشقيق أو لأب، لأنهم من ذوي الأرحام.

3- وصنف يكون كذلك في درجة الأبوة، مثل الأب مع الأم بشرط انفرادهما في الإرث، وخلوهما من الفرع الوارث المذكر والمؤنث، ومن عدد من الأخوة (اثنين فصاعداً) فيكون للأب في هذه الحالة مثلي ما للأنثى. قال تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) (النساء:11) أي: أن الأب يأخذ الثلثان الباقيان.

إن الإسلام وإن جعل للذكر في الميراث مثل حظ الأنثيين، فإن المرأة في هذه القسمة هي الراجحة الرابحة، لأن الرجل هو المكلف بالإنفاق عليها شرعًا حتى لو كانت مكتفية، فلو أخذ الذكر ميراثه ألفين مثلاً، وأخذت هي ألفًا، عاد لها من نصيبه ألف بطريق النفقة العادلة، واحتفظت هي بنصيبها لنفسها، فأي حيف بعد هذا وقع على المرأة.

إن المرأة المتزوجة قد ترث، وهي في حجر زوجها ينفق عليها وعلى أولادها، ولا يكلفها الشرع أن تنفق من ذلك شيئًا على نفسها، ولا على أولادها فضلاً عن زوجها، إلا أن تتفضل بالتبرع بذلك فتكون لها المنة.

وأما أخوها الذي يشاركها في هذا الإرث كله فيأخذ منه مثلَيْ ما تأخذه فهو مكلف أن ينفق على زوجة أو أكثر وعلى أولاد قد يكونون كثيرين، فأيهما يكون أكثر مالاً، وأحسن حالاً، وأضمن مآلاً؟

مصلحة التميز

ويرى الدكتور خالد بن عبدالله المزيني (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران: لقد جاءت الشريعة الإسلامية بتنظيم دقيق ومحكم للعلاقة بين الجنسين، ووزعت بينهما الحقوق والواجبات بحسب ما يحقق مصلحة التوازن في المجتمع الإنساني، وأعطت لكل واحد منهما ما يعينه على أداء دوره الاجتماعي.

والنظام الاجتماعي الإسلامي يتأسس على مقاصد كلية عامة، ومن أهمها إقامة العدل والقسط بين الناس، وهذا أصل عام، تتفرع عنه أصول فرعية كثيرة، منها: ما قرره القرآن الكريم من توزيع التركة بين الورثة على أسس عادلة، فتارة يعطى الذكر أكثر من الأنثى، وتارة تعطى الأنثى أكثر من الذكر، وتارة يسوى بينهما بحسب الأحوال، في توزيع بديع تتجلى فيه الحكمة الإلهية العظمى، التي تقصر العقول البشرية عن النسج على منوالها، فضلاً عن أن تأتي بخير منها.

فالذكر في الإسلام يأخذ أكثر من الأنثى إذا اجتمع الولد مع شقيقته. وتأخذ الأنثى أكثر من الذكر إذا ماتت امرأة وتركت بنتاً وزوجاً، فللبنت النصف، وللزوج الربع، ففي هذه الحال ورثت الأنثى ضعف ميراث الذكر، ومصلحة التفريق واضحة هنا.

وهناك حالات تتساوى فيها الأنثى مع الذكر، وذلك فيما إذا ترك الميت أماً وأباً وأولاداً، فحينئذ ترث الأم سدس التركة مثل نصيب الأب تماماً، لقوله تعالى: (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ) (سورة النساء (11)). ومثله إذا ترك الميت أخوين لأم، فيستوي الذكر بالأنثى في أخذ السدس، وكذلك إذا كانوا جماعة إخوة وأخوات لأم فيستوون في أخذ الثلث، كما قال تعالى: (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ، فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ) (سورة النساء (12)).

وعلى هذا فليست قاعدة (للذكر مثل حظ الأنثيين (مطردة في كل الأحوال كما يظن البعض، وإنما وردت بها الشريعة في الأحوال التي تتحقق فيها مصلحة التمييز، وهي ما إذا اجتمع من الورثة عصَبَة من أولاد الميت: أبنائه وبناته، أو جماعة الإخوة: إخوته وأخواته، وفيما سوى ذلك جاءت بالتسوية تارة، وبتمييز الأنثى تارة أخرى، بحسب المصلحة العادلة أيضاً.

ومما يوضح الفرق بين الذكر والأنثى: أن الأنثى تكون عادة مكفولة من أبيها أو أخيها أو عمها، فهي تنشأ في بيت أبيها، ينفق عليها ويرعاها، وإذا مات كفلها أخوها، ثم إذا كبرت وتزوجت وجبت نفقتها على زوجها، بخلاف الذكر، فهو مكلف بالنفقة على أبويه المحتاجين ما دام قادراً، ثم على أخته المحتاجة، ثم على زوجته وبناته في كل الأحوال، ولو فرضنا أن رجلاً توفي وترك ابناً وبنتاً، فأخذ الابن سهمين من التركة، وأخذت البنت سهماً واحداً، فالعادة أن البنت تستمتع بنصيبها من والدها في النفقة على نفسها في أسوأ الأحوال، وأما الابن فإنه ينفق منه على من تلزمه نفقته من أم وأخت وزوجة وبنت، فهو في الحقيقة أخذ سهماً واحداً لنفسه، والآخر أنفقه على إحدى قريباته.

والذين يدعون إلى تسوية الأنثى بالذكر في الميراث، ويزعمون أن هذا أقرب إلى تحقيق المصلحة هم واهمون، فالتسوية ليست محمودة في كل الأحوال، بخلاف العدل الذي هو محمود في كل حال، وبكل لسان، وإلا فكيف نسوي بين المختلفين في الحقوق والواجبات، هذا ضرب من الظلم.

وقد توهم البعض أن المساواة بين الذكر والأنثى دائماً تحقق مصلحة المجتمع البشري وهذا مخالف لمقتضى الشرع والعدل، لأن الشرع جاء بتحقيق المصالح الحقيقية، فأما المصالح المتوهمة فلا اعتبار لها أصلاً، وكثيراً ما يظن الإنسان أن المصلحة في أمر معين، فإذا ما أمعن النظر وجدها مصلحة موهومة، واكتشف أنه يترتب عليها من المفاسد ما يربو على المصلحة المتوقعة منها، فهذه تسمى: مصالح ملغاة، ومن أمثلتها: المنافع الموجودة في الخمر، فقد أثبت القرآن وجود هذه المنافع ومع ذلك حرمها، لأن المفاسد المترتبة عليها أكبر، قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) (سورة البقرة (219))، والموازنة بين المصالح والمفاسد من العلوم التي تحتاج إلى بعد نظر وطول نفس، ولعل تذييل هذه الآية الكريمة بالأمر بالتفكر يشير إلى هذا المعنى، هذا في الأمور الحسية، فأما فيما يتعلق بالاجتماع البشري وهندسة العلاقات الإنسانية فإن الأمر أشد صعوبة، ولا يحيط به

إلا خالق البشر: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (سورة الملك (14)).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد