منذ أكثر من خمس سنوات بدأت فكرة مكافحة التدخين عن طريق تشكيل جمعيات في أهم المناطق بالمملكة، وتكاد تنتشر هذه الجمعيات بأفرع صغيرة في المدن، ويمكن أيضاً في القرى والهجر.. والمتحمسون لهذه الفكرة كثيرون لمكافحة هذا الوباء الذي يستشري يوماً بعد يوم في بلادنا وبين شبابنا وفلذات أكبادنا.. ولكن يتحسر المتحمس عندما لا يجد نتيجة فعلية لمكافحة هذا الوباء والحد من انتشاره سوى تلك اللوحات الطويلة العريضة لمكافحة التدخين والإشارة إلى أنه مضر وسبب لكل الأمراض والوفيات.. وأحسب أن كل مدخن يعلم علم اليقين بأن التدخين مضر، وسبب في الأمراض، ويقود أحياناً إلى أسباب الوفاة.. وبالرغم من ذلك فهو يدخن ويدخن غير مكترث بالنصائح والجمعيات وما تقول أو تعمل.. بل ويصر على أن الأعمار بيد الله ففلان عاش وقتاً طويلاً، ولم يمت بسبب التدخين.. بل توفي بحادث.. وآخر وآخر.. وهنا أتساءل.. هل هذه اللوحات والوصايا والنصائح المعروفة سلفاً هي كلما لدى جمعيات مكافحة التدخين.. أو ليس هناك إجراءات أخرى غير النصائح والمنشورات التي تظهر من حين وآخر وموسمية في أحيان أخرى كيوم مكافحة التدخين ثم ننساها وتقام الاحتفالات التي يكرم فيها المساهمون مادياً بجمعيات مكافحة التدخين ونتوقف حتى موسم آخر أو مناسبة أخرى؟.. أعتقد جازماً أن هناك أساليب وإجراءات لمكافحة التدخين يجب أن تُتخذ وتطبق على الأرض تُطبق بصرامة وقوة واستمرارية وليست موسمية وتنتهي بالإشادة بداعمها جزاهم الله خير الجزاء.
هذه الإجراءات الفعلية والفعَّالة كثيرة وتُطبق في بلاد أخرى غير بلادنا.
1- منع التدخين في الأماكن العامة كالمطارات والمدارس والبنوك والمطاعم والدوائر الحكومية وتحديد مواقع للمدخنين في هذه المنشآت العامة ليكون الموقع معروفاً ومجهزاً بمراوح شفط لإنقاذ الآخرين من الروائح الكريهة ويزامن ذلك معاقبة من لا يمتثل لذلك بوساطة أشخاص يعينون من جمعيات مكافحة التدخين لمراقبة من يدخن ومعاقبته مادياً وذلك بتسجيل المخالفة على سيارته إذا كان معه سيارة أو بطاقته الشخصية أو اسمه بعد التعرف عليه بصورة لبقة.. ويجب أن لا يكل ولا يمل هؤلاء المراقبون من أداء واجبهم وأن تذهب هذه المخالفات إلى جمعيات المكافحة لتوظيف مزيد من الشباب لمراقبة المدخنين.
2- منع بيع الدخان في مراكز التموين الغذائي كالسوبر ماركت والبقالات والمطاعم ووضع جزاء وغرامة لمن يخالف ذلك ويجب تنشيط المراقبة على هذه الجهات.
3- المنع بحكمة ودون تحدٍ وذلك بترك فسحة من الاختيار للمدخنين -هداهم الله- بأن يتجنبوه وذلك بتصعيب الحصول عليه بتحديد مباسط الدخان في أكشاك خاصة تُحدد فيها كمية وأنواع الدخان المباع ويراقب ذلك بوساطة عناصر الجمعيات الخاصة بمكافحة التدخين.
4- أن تصرف المساهمات الخيرية السخية التي يقدمها أهل الخير للجمعيات في مجال المكافحة الفعلية وتجنيد المراقبين ومتابعة التعليمات والتسابق للإبداع في الوسائل التوعوية الحضارية دونما عنف أو قسوة.
5- منح جائزة تقديرية وميدالية لكل مقلع عن التدخين وتندرج حسب سنوات مدة التدخين، فالذي أقلع بعد أربعين سنة فأكثر تكون الذهبية وحتى عشرين الفضية.. وأقل من ذلك تكون البرونزية لمكافحة التدخين وتقرير مبلغ مادي كمكافأة نقدية يمكن للمقدر أن يتبرع بها للجمعية التي يراها إذا شاء ذلك.
6- رعاية من يرغب الإقلاع عن التدخين طبياً لدى الجمعية وتزويده بالمستجدات من أدوية وعلاج.
7- تطوير المراكز الرياضية لاستيعاب المدخنين الراغبين في الإقلاع عن التدخين وتشجيعهم بمزاولة الألعاب الرياضية المفيدة كالسباحة والجري والتمارين السويدية وغيرها.
8- الفحص الدوري المستمر وإظهار مدى فاعلية الامتناع عن التدخين على صحة المقلع.
9- عمل محاضرات في المراكز الثقافية يشترك فيها المدخنون المقلعون وإبراز تجاربهم ومدى نجاحهم وتأثيرها على صحتهم.
10- الإكثار من التنبيه بضرر التدخين في كل المجالات الدينية والثقافية والعلمية والاجتماعية.
وأخيراً وليس آخِراً هو تكوين جمعية عامة لمكافحة التدخين ترتبط بها كافة الجمعيات المنتشرة بالمملكة والتنسيق فيما بين الجمعيات وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة في هذا المجال والإشادة بالجمعيات الأكثر إبداعاً وإنجازاً في طرق الأفكار وتطوير وسائل المكافحة لمنع هذا الوباء الذي هو أخطر من بعض الكبائر على صحة المجتمع والوطن.
حمى الله بلادنا من كل سوء ومكروه والله الهادي وعليه قصد السبيل.