Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/09/2009 G Issue 13496
الخميس 20 رمضان 1430   العدد  13496
العلاقات الإنسانية والعمل الوظيفي
عبد الله بن راشد السنيدي

 

يشكل العمل سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص بمختلف جوانبه وتفاوت أهميته جانباً مهما في الحياة الإنسانية، إذ إن له الدور الأكبر في ضمان استمرار مقومات الحياة الإنسانية والطبيعية ونحوهما على وجه الأرض، كما انه يولد الشعور لدى الإنسان بأنه أسهم في خدمة المجتمع ....

.....وعمارة الكون.وولكون العمل التزامات وحقوقاً متبادلة بين العاملين وأصحاب الأعمال سواء كانوا جهات إدارية أو مؤسسات أهلية أو أفراداً عاديين وما يترتب على ذلك من اختلافات ونزاعات حول مدى الالتزام بأداء الواجبات والوفاء بالحقوق، فإن لمراعاة العلاقات الإنسانية في هذا الجانب الحساس أهمية كبيرة للوصول بحركة العمل إلى تحقيق الأهداف المنشودة، ذلك أن مبدأ العلاقات الإنسانية في المجال الإداري يعطي حيزا للجانب الإنساني والاجتماعي لدى الموظفين أو العاملين، فهذا المبدأ في حال تطبيقه في الإدارة أو المؤسسة أو المصنع أو العمل يؤدي لبث روح الاطمئنان والثقة لدى العاملين وكأن لسان الحال يقول: إن الموظف أو العامل قبل أن يكون عاملاً أو موظفاً أو مستخدماً فهو إنسان بنوعية التعامل الذي يتعرض له في محيط العمل.

والعلاقات الإنسانية ان كانت (كما أشرنا) تعني بصفة عامة مراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية في مجال العمل، فإن مدلولاتها متعددة قد يكون من أبرزها ما يلي:

- احترام شخصية الموظف أو العامل كإنسان من قبل رؤسائه وزملائه قبل أن يكون مرؤوسا أو شريكا بغض النظر عن حسبه أو بيئته ثقافته أو تأهيله.

- توفير الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للموظف أو العامل أو مساعدته في الحصول عليها، وذلك لسبب إنساني ولأن ذلك مما يعود نفعه على عمله وإنتاجه فالعقل السليم في الجسم السليم كما يقال.

- تهيئة الجو المناسب والخدمات اللازمة في مقر العمل بما يتمشى مع المتطلبات الإنسانية.

- الوفاء بحقوق الموظف المعنوية والمادية ومن أهمها الراتب أو الأجر وفي الوقت المناسب، بشرط أن يكون قد أدى جميع التزاماته العملية بدون تقصير.

- إتاحة الفرصة له في الحصول على وقت للراحة والإجازات الأسبوعية والسنوية حسب ما ورد في الأنظمة وتشجيعه على ذلك.

- تقدير ما يقوم به من إنجاز مثالي للمعاملات المحالة إليه ان كان موظفا إدارياً أو الأعمال المكلف بها ان كان موظفا فنيا وتنبيهه بلباقة إلى اوجه الخطأ في أدائه لعمله أن وجدت.

وقد ورد مبدأ العلاقات الإنسانية في الشريعة الإسلامية قبل أن يرد في المبادئ الإدارية الحديثة فقد ورد في الذكر الكريم {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. وهو دليل على عدم جواز تكليف الموظف أو العامل بأعمال ومهام فوق طاقته الذهنية أو الجسمية وورد في السنة الشريفة (أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه).

وهو دليل على قمة الوفاء براتب أو اجر الموظف أو العامل ومزاياه المادية الأخرى من بدلات ومكافآت ونحوهما في حالة قيامه بأداء واجباته العملية، ودرس للذين يقومون بتأخير رواتب موظفيهم أو عمالهم أشهرا عديدة من دون سبب أو تقصير منهم.

أما في العصر الحاضر فقد تم التأكيد على مبدأ العلاقات الإنسانية في مجالات الأعمال لأسباب التالية:

- إنشاء المنظمات العمالية ومنها منظمة العمل الدولية التي تراقب وضع العمال وتدافع عن حقوقهم وإنسانيتهم.

- فشل بعض الرؤساء الإداريين في توفير المناخ المناسب للعلاقات الإنسانية في محيط العمل.

- ارتفاع مستوى الثقافة بين الموظفين والعمال وبالتالي إحاطتهم بما يشوب جو العمل من مشكلات وسوء الإدارة.

- ظهور الإشكالات الإنسانية في مجالات الأعمال بسبب تزايد حجم الأعمال وبالتالي تلافي مستوى الإشراف من الإداريين.

- ارتفاع مستوى المعيشة في المجتمعات الحديثة أدى بالإداريين للتركيز على العوامل الإنسانية.

وفي بلادنا اهتمت الأنظمة الإدارية بالأجهزة والمصالح والمؤسسات الحكومية وأنظمة العاملين بالقطاع الأهلي بهذا الجانب؛ انطلاقا مما أوردته شريعتنا الغراء وتمشيا مع المبادئ الإدارية ومن اوجه هذه الاهتمام ما يلي:

- احترام وتقدير رأي الموظف، فقد شجعت هذه الأنظمة الموظف على إبداء رأيه في المعاملات المحالة إليه أو العمل المكلف به وان كان يخالف رأي رئيسه إلا أنه في حالة عدم قناعة الرئيس الإداري برأي مرؤوسه فإن الذي يطبق في الأخير هو قرار أو توجيه الرئيس بشرط أن يكون رأياً مستنداً إلى مبادئ واضحة أو قواعد محددة وبعيداً عن الرغبات الخاصة.

- التقيد بالتنظيمات الرسمية والهيكلية التي من شأنها تجنب العشوائية في إدارة الأعمال، ما ينعكس سلباً على الأوضاع الصحية والنفسية للموظفين.

- الإجازات الأسبوعية والدورية والسنوية بما في ذلك الإجازات المرضية والإجازات الخاصة بالموظفات والعاملات وساعات العمل المعقولة المتاحة للموظفين والعاملين بما في ذلك الرد على تساؤلاتهم ومتابعة مطالبهم.

- إدارات العلاقات المنتشرة في الأجهزة الإدارية والمؤسسات الأهلية التي من شأنها الاهتمام بالجوانب الإنسانية للموظفين، فالأنظمة واللوائح في بلادنا التي تحث على ضرورة التقيد بمبدأ العلاقات الإنسانية في مجالات الأعمال والمهن موجودة إلا أن الرؤساء والمشرفين المطلوب منهم تطبيق الأنظمة واللوائح بالعدالة والمساواة مسؤولون عن تبعة التقصير في تطبيق تلك الأنظمة واللوائح.

ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن التأكيد على مراعاة مبدأ العلاقات الإنسانية في مجال العمل لا ينبغي أن يكون على حساب الأداء الجيد المطلوب من الموظفين والعاملين تجاه أعمالهم لكون ذلك هو الاهم والهدف والغاية من وراء مؤسسة العمل، ما يعني أن المطلوب هو أداء العمل بالدقة والأمانة والإخلاص والانضباط، وفي الوقت نفسه مراعاة المشرفين والإداريين لمبدأ العلاقات الإنسانية من خلال حركة أداء الأعمال مما يؤدي إلى الجمع بين الحسنيين.

asunaidi@mcs.gov.sa



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد