Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/09/2009 G Issue 13496
الخميس 20 رمضان 1430   العدد  13496
خصخصة المجلات المحكمة
د. مساعد بن عبدالله النوح

 

المفهوم المتوافر لدى عامة الناس عن الخصخصة هو تحويل قطاع ما من تبعية حكومية إلى تبعية أهلية في إطار شركة مساهمة. وإن كان هذا المفهوم صحيحاً إلا أني لا أعنيه في هذه المساحة. وما أقصده هوأن تتقاضى المجلات العلمية المحكمة التابعة للجامعات أو مراكز البحوث مبالغ على تحكيم البحوث وعلى نشرها وفق قواعد النشر التي تنطبق عليها معايير الجودة التي تتعلق بنشر وإعداد البحوث.

والأخذ بها الإجراء يحقق عوائد اقتصادية واجتماعية متعددة، إذ تتمثل العوائد الاقتصادية في دعم المجلات العلمية، والتخفيف على الجامعة مصاريف التحكيم والنشر، والإنجاز السريع في تحكيم البحوث، وفي نشرها، وتوفير فرص عمل لعدد من الشباب المؤهل، وتمكين المجلات من عمل أنشطة علمية عديدة غير التحكيم والنشر، مثل: عمل حلقات ناقش عن موضوع ما أسبوعياً، والمشاركة في تنظيم مؤتمرات وندوات دورية، وعرض تجارب في التخصص وملخصات لرسائل جامعية وكتب جديدة، وتناول رواد التخصص.

ومن العوائد الاجتماعية خدمة المجتمع بتوظيف أبنائه المؤهلين، والاهتمام بتناول قضاياه، وعمل خرائط بحثية خدمة لطلاب وطالبات الدراسات العليا وتقديم استشارات معينة للقطاعين العام والخاص.

أعلم بأن الجامعة السعودية مدعومة مالياً من قبل الحكومة- أعزها الله- إلا أن خصخصة المجلات المحكمة يمنحها مساحة من الصلاحيات؛ لتحقق هذه العوائد على نحو ينسجم مع أهداف الجامعة والمجتمع.

ليس مقبولاً أن ينتظر عضو هيئة التدريس مدة طويلة في انتظارموافقة لجنة فحص البحوث على تحكيم بحثه، ومدة طويلة أخرى في تحكيمه وبالتالي في نشره. مما يدفعه ولاسيما إذا كان محتاجاً لبحثه لتقديمه لجهة ما إلى مجلات علمية محكمة في دول أخرى، يسهم بما يدفعه من مال في دعم أنشطتها وأسرة تحريرها.

لا ينقص المجلات المحكمة بالجامعة السعودية السمعة العلمية، لكن ينقصها الإمكانات المالية والبشرية القادرة، وهناك تجارب متنوعة في الميدان في جامعات الدول ذات الجوار والبعيدة أخذت بهذا الاتجاه في مجال النشر العلمي، ولم يقلل من سمعتها في الوسط الأكاديمي.

مبالغ سعودية كبيرة بالعملة الأجنبية تذهب إلى رئاسة تحرير المجلات المحكمة، ليس حباّ في السمعة العلمية للمجلات فحسب، بل رغبة في التحكيم والنشر في زمنين قياسيين.

أعتقد جازماً أن عضو هيئة التدريس في أي تخصص لا يحمل هماً ما من متاعب إعداد البحث، بقدر المدة الطويلة التي يقضيها البحث حتى يرى النور ويظهر إلى حيز الوجود.

والجامعة السعودية وقد قطعت أشواطاً في تحديث أنشطتها الدراسية والإدارية والاجتماعية رغبة في تفعيل معايير الجودة العالمية في التعليم الجامعي، ما أجمل أن تدرس هذا الرأي وإعداد تصور عنه ميسور ولا يكلف عمادات البحوث بها إلا تكليفا رسميا.

ويمكن لعمادات البحوث أن تستفيد من التجربة المصرية والأردنية والسورية على الصعيد العربي والتجربة الأوروبية والأمريكية على الصعيد الدولي عند الأخذ بهذا الاتجاه.

كل عضو هيئة تدريس يحب أن تأخذ جامعته بهذا الاتجاه العالمي، وأنا أحب أن تأخذ جامعتي به، فكلياتها تصدر دورياً مجلات علمية محكمة عديدة، فالعوائد المالية لها ثرية تمكنها من مزاولة الأنشطة العلمية على نحو منتظم ومنضبط.

- أستاذ مشارك - كلية المعلمين - جامعة الملك سعود


drmusaedmainooh@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد