Al Jazirah NewsPaper Friday  11/09/2009 G Issue 13497
الجمعة 21 رمضان 1430   العدد  13497
شهادة لفارس الأمن من (أخ لأحد المطلوبين)
علي بن صالح المتعب

 

إننا نرفع أيادي الحمد والشكر لله على ما امتن به على الأمة الإسلامية عموما والشعب السعودي خصوصا من سلامة القائد البطل والأمير المحبوب أمير القلوب مساعد وزير الداخلية سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز حفظه الله، حين غدر به شياطين الفئة الضالة، أرادوه فأرداهم الله، أرادوا قتله فأحاطه الله بحفظه وعنايته وسلمه من مكرمهم وفضحهم على رؤوس الأشهاد {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ}

استهدفوا سموه بنواياهم السوداء فحال الله بينهم وما يشتهون، أرادوا إطفاءه فأطفأهم الله ورفع ذكره في العالمين.

يقولون: نسأل الله أن يتمم فيقول سموه: اللهم آمين اللهم آمين فجزى الله كلا على نيته، أرادوا هذا الرمز الذي سخر نفسه لهذا الوطن يذود عن حماه الشر، ويصد عنه مآرب الأعداء، جند نفسه لخدمة الإسلام والمسلمين، يعمل ليل نهار لا يكل ولا يمل بدقة عالية ومهنية قل أن تشهد لها مثيلاً.

فسار بالأمن بخطى ثابتة وخطط حكيمة جعلت من أمننا مثالا يحتذى.

فجزى الله سمو الأمير نايف خير الجزاء الذي خرج لنا هذا القائد الفذ من مدرسته الأمنية التي خرجت ولا زالت تخرج أبطالا نذروا أنفسهم فداء لهذا الوطن، وما محمد إلا أنموذج فريد من نماذجها.

إن هذه الفئة الضالة التي بليت بها الأمة هذه الفئة التي اتخذت من اسم الدين مطية لها ترتحل بها إلى مواطن القتل وإراقة الدماء ظلما وعدوانا والله تعالى يقول: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}

وترتحل بتلك المطية إلى الإفساد والله تعالى يقول: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا}

وترتحل بها إلى زرع الفتنة والفرقة بين الأمة والله تعالى يقول: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}

وترتحل بها إلى شق عصا الطاعة والخروج على ولاة الأمر والله تعالى يقول: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}

مدعين بذلك زورا وبهتانا أن هدفهم الإصلاح وإنقاذ الأمة وما جراح الأمة إلا من طعناتهم، ومشاهد إفسادهم ظاهرة للعيان: تفجير وتدمير، وترويع للآمنين، وسفك للدماء، واستباحة للحرمات، ترميل وتيتيم، وفجائع للآباء والأمهات، أقضوا مضاجع الآمنين، وأبكوا الشيوخ والصغار فلم يراعوا شيخا بائسا ولا طفلا صغيرا يسيرون في هوجاء ظلماء نورهم التفجير والدماء، حبائلهم وشراكهم دعاوى مضللة وفتاوى مسمومة، صيدهم عقول الشباب لا يفرقون بين وحيد لأبيه أو عائل لأسرته، يكفرون ويلوثون ويحرضون حتى يحولوا عماد الأمة إلى أدوات للقتل والتفجير وترويع للآمنين، لقد طالت شراكهم وحبائلهم أخي (عبدالرحمن بن صالح المتعب المطلوب ضمن قائمة الستة والثلاثين) فاستلوه من بين أيدينا استلال الشعرة من العجين حتى أصبح في زمرة الهاربين الذين تواروا عن الأنظار، لقد وقع الخير علينا كالصاعقة، فوالدي ذو الخمسة والثمانين تهاوت قواه، لم يكن يصدق بما يحدث فتضاعفت عليه الأمراض حتى أنه في بعض الأحيان من هول المصيبة يغيب عليه فيتكلم دون أن يعي ما يقول، شرود وذهول فأصبح يخرج من المنزل فيضل الطريق ولا يعود إلا بمساعدة، يضل الطريق في محافظة الزلفي التي عاش جل حياته فيها وحفظ شوارعها كما يحفظ اسمه، وكل من يعرفه يلحظ هذا التغير الذي طرأ عليه جراء اختفاء أخي، فتردت حاله حتى دخل المستشفى شهرا كاملا، أحلو بنا الهم والغم، أما والدتي فقد سرى فيها الهم كما يجري في جسمها الدم، لا تكاد تستوعب الأمر كيف ابنها وفلذة كبدها يبيعها في طرفة عين في وقت تستعد فيه لتجني بره وتحصد ما زرعته طيلة أربع وعشرين سنة فإذا بزرعها يحصده غيرها، وكم من ليال راحت تنظمها بالسهر فلا نقول إلا كما قال سمو الأمير محمد بن نايف حفظه الله لوالدي خلال استقباله له لا تقل إلا (حسبنا الله ونعم الوكيل على من كان السبب) فلله در هذا الأمير عدل واعتدال حتى في الدعاء، نعم حسبنا الله ونعم الوكيل على من كان السبب سواء كان سببا مباشرا أم غير مباشر ممن صرحوا بفكرهم وأهدافهم أم ممن لم يصرحوا فعليهم من الله ما يستحقون، لقد جعلونا نعيش أياما عصيبة يلازمنا فيه الهم ملازمة الظل لصاحبه ترقب وخوف ووجل، كيف ستكون النهاية، لقد كان أخي شخصا متزنا لطيفا لا يرفع بصره إليك من الحياء ولم تطرأ عليه التغيرات إلا بعد التزامه والتحاقه بما يسميهم بالأخوان أو طلبة العلم بعد ذلك بعامين أو ثلاثة قرر الاختفاء والانضمام إلى المطلوبين، بعد ذلك القرار حكم مع أعوانه من تلك الفئة على والديه وإخوته العيش في حال لا يعلمها إلا الله استمرت قرابة العامين والنصف حتى جاءت النهاية المأساوية بمقتله في مواجهات مع رجال الأمن البواسل رحم الله من قتل منهم وتقبلهم الله عنده حينما عطروا ثرى هذا الوطن بدمائهم دفاعا عن أمنه ومقدساته.

هذا بعض مما حصل لنا من تصرفات الفئة الضالة وما اجتروه علينا.

فتعالوا أخبركم بمقابل ذلك ما كان من أميرنا المحبوب وأمير القلوب الذي يصلح ما أفسدوا ويبني ما هدموا فماذا فعل حفظه الله: لقد لأم الجرح، ومسح الدمعة، وأعاد البسمة، وفي خضم أعماله وواجباته يتصل على والدي فيطمئن ويواسي ويتفقد الأحوال بنفسه ويطمئن على أبناء أخي (المطلوب) فيقول (طمنوني على عيال عبدالرحمن تراهم عيالي) فما أرحمه وما أحلمه وما أعدله.

لقد استقبلنا في مكتبه أنا ووالدي فماذا وجدناه؟كان حفظه الله في أتم الحفاوة وحسن الاستقبال وقمة التواضع يقابلنا عند الباب لا ينتظرك تصل إليه فيقبل رأس والدي ويمسك بيده إلى صدر مجلسه فيجلسه عنده ويسأله عن حاله وأحواله، ويقبل اعتذارنا عما بدر من (أخي) ويصغي إلينا بكل لباقة وتلطف، ويصدر أمره بعلاج والدي في أي مستشفى يريد ثم يصدر أمره الآخر بشراء منزل لوالدي وأسرته عندما علم أنه لا يستطيع أن يمتلك منزلا، وليس لدينا ما نجازيه به سوى دعوة ندخرها له في جوف الليل فجزاه الله عنا خير الجزاء وأبدله الله به (بعد عمر طويل) بيتا في الجنة هذا بعض مما كان من سموه، فمن أظلم ممن يسوي الظلمة بالنور؟!

لقد أوردت ذلك لتستبين وتستنير به العقول وتصحح به الأفكار والمفاهيم وليعلم الناس من الذي استهدفته شياطين الفئة الضالة، وأن لسموه أيادي بيضاء لا يعلم عنها إلا الله ولا يريد أن يطلع عليها أحد وقد أوردت بعضا منها لضرورة حتمها علينا ذلك الحادث الأليم وأختم مقالي هذا بخمس رسائل موجهة:

الرسالة الأولى:

إلى فارس الأمن سمو الأمير محمد بن نايف حفظه الله، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}

الرسالة الثانية:

إلى أمناء المنابر أقول لهم راعوا الله في هذه الأمانة، قوموا بها على أكمل وجه تستطيعون، ازرعوا في قلوب الناس السمع والطاعة لولاة الأمر، اجعلوا جزءا من خطبكم مخصصا للدعاء لهم وتخصيصهم بالاسم، بينوا للناس خطر هذا الفكر المنحرف وطرق أصحابه، ناقشوا هذا الأمر بشفافية وصراحة أكثر، بينوا للناس منافذ الأعداء وطرق تسللهم إلى عقول الناس وأفكارهم وإن عدم الشفافية والصراحة في معالجة هذا الأمر تعني الاستمرار وتعني أمورا أخرى.

الرسالة الثالثة:

إلى القائمين على حلقات تحفيظ القرآن الكريم والمراكز والنوادي الصيفية: أقول لهم إن أبناء المسلمين أمانة بين أيديكم فاتقوا الله فيهم لتكن نياتكم وأعمالكم خالصة لوجه الله ولتكن أهدافكم واضحة غايتها التعليم والتوجيه والتربية الصالحة والمستقيمة. ولتكن اجتماعاتكم مفتوحة ورحلاتكم معروفة وجميع أموركم واضحة كشمس الظهيرة، أشركوا الآباء في اجتماعات أبنائهم وفي رحلاتهم واطلعوهم على كل صغيرة وكبيرة، اغرسوا في نفوس الناشئة حب ولاة الأمر والسمع والطاعة لهم، عززوا ذلك في حلقاتهم واجتماعاتهم ومحافلهم، جسدوا هذا الأمر واقعا ملموسا للجميع، حتى تطمئن النفوس ونقطع الطريق على من يريد استغلال تلك الحلقات المباركة في أمور أخرى.

الرسالة الرابعة:

إلى الآباء: فيا أيها الأب أنت المسؤول الأول والمباشر عن ابنك وأنت الراعي المحاسب أمام الله فأعط ابنك كامل حقه عليك في التربية والعناية والتوجيه راقب أبناءك عن بعد وعن قرب تعرف على من يصاحبون ومع من يجتمعون وأين تكون رحلاتهم وماذا يدور فيها شاركهم في تلك الرحلات اجعل جزءا كبيرا من وقتك لهم وكن فطنا فإن أصحاب هذا الفكر مداخلهم كثيرة وأساليبهم خفية ينخرون في عقول الشباب وأفكارهم دون أن تحس بهم كما تنخر دابة الأرض الخشب، ولا تنخدع أبدا بالمظاهر (فمن مأمنه يؤتى الحذر)، واحذر كل الحذر ممن يوجهون أبناءك نحو أهداف معينة وهم في مأمن من تبعاتها.

الرسالة الخامسة:

إلى رجال أمننا البواسل: أقول لهم احتسبوا كل دقيقة تقضونها في عملكم عند الله، فأنتم في رباط وفي جهاد تسهرون على أمن المسلمين وأمن مقدساتهم فسيروا على بركة الله تحت قيادة أبوية حكيمة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد