Al Jazirah NewsPaper Friday  11/09/2009 G Issue 13497
الجمعة 21 رمضان 1430   العدد  13497
هؤلاء مبدأهم القتل و التفجير و الانتحار
خلف بن محمد بن عبدالله العرم (*)

 

سحقاً للغدر ما أقذره... سحقاً للكذب ما أحقره، سحقاً للخائن ما أتفهه... سحقاً لفئة تهدم ولا تبني، وتخرّب ولا تعمر، وتفسد ولا تصلح، وتُضِل ولا تهدي، لا تعرف الحوار، ولا تفهم الدليل، وليس عندها حجة،ولا تسلك المحجة، ولا تهتدي بعلم، ولا ترجع عن خطأ.

مبدأها: قتل.. تفجير... انتحار... اغتيال... وتوجهها توجه خطير، ونهج جديد بقصد استهداف رموز البلاد من محاولة اغتيال وإيذاء، وإن هذا النهج يدل دلالة واضحة على نهاية هذا الفكر الذي وصل إليه هؤلاء واستخفافهم بالقيم، واستهدافهم للضرورات الشرعية المجمع عليها.

أسئلة محيرة وعلامات تعجب كثيرة على أفعالهم القبيحة: كيف وصلت بهم الجرأة إلى استهداف رموز البلاد، من خلال استهداف ولاة الأمر كيف تجرأوا على انتهاك حرمة الزمان، وروحانية شهر رمضان وعزموا على القتل والتفجير والانتحار ليلقى من غرر به حتفه منتحرا زاعماً أنه شهيد في سبيل الله ألا ساء ما يعملون؟!.

ومما يؤسف له أنهم يدعون أن هذه الأعمال الإجرامية تديناً، وأنها جهاد وإصلاح.. والحقيقة والواقع هي فساد وإفساد وإراقة دماء، وإزهاق أرواح... يا من خرجوا عن الطاعة وأججوا الفتنة.

رجل الأمن أعطاهم الأمن والأمان، وإذا بهم يغدرون.. يكذبون.. يخونون... أين ضمائرهم... أين عقولهم؟

أي فكر يحملونه... أي عقل يتدبرون به؟!.. فكرهم الإجرامي عنوانه الانتحار، شعاره إراقة الدماء.

أي دين يجيز قتل المسلم أخاه المسلم؟... أي دين يجيز قتل النفس المعصومة؟!... أي دين يجيز الانتحار وكيف قلبوه استشهاداً؟!... أي دين يجيز الغدر والخيانة؟... أي دين يجيز الكذب؟! ألا يتدبرون القرآن؟.. ألا يتمعنون بكلام رسول الله؟ ألا يعلمون ما يترتب على الخروج عن طاعة ولي الأمر... محاولة قتل... غدر... خيانة.... كذب... انتحار...

كل هذه الأعمال اقترفوها والشريعة السمحة تنهى عن كل ذلك وتجرم هذه الأفعال.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}.

وعن أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله قال: (ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال:لا ما صلوا ,وفي رواية (فمن أنكر برئ ومن كره فقد سلم). صحيح مسلم رقم (1854).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية وليأخذ بيده فإن سمع منه فذاك وإلا كان أدى الذي عليه). حديث صحيح، رواه أحمد وابن أبي عاصم والحاكم والبيهقي وصححه الألباني.

قال الإمام البربهاري في كتابه شرح السنة ص (107): (وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان؛ فاعلم أنَّه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح؛ فاعلم أنَّه صاحبُ سُنَّة).

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله-: (فالله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان، وأن لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور؛ فهذا عين المفسدة وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس.

كما أن ملء القلوب على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى، وكذا ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها.

فإذا حاول أحد أن يقلل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمر؛ ضاع الشرع والأمن؛ لأن الناس إن تكلم العلماء؛ لم يثقوا بكلامهم، وإن تكلم الأمراء؛ تمردوا على كلامهم، وحصل الشر والفساد.

وليعلم أن من يثر فإنما يخدم أعداء الإسلام؛ فليست العبرة بالثورة ولا بالانفعال، بل العبرة بالحكمة، ولست أريد بالحكمة السكوت عن الخطأ، بل معالجة الخطأ؛ لنصلح الأوضاع؛ لا لنغير الأوضاع؛ فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها). اهـ. (نقلاً عن رسالة حقوق الراعي والرعية)، مجموعة خطب للشيخ ابن عثيمين.

سؤال يتبادر لذهني وذهن كل مسلم: من الذي أحل لهم قتل النفس المؤمنة المعصومة أين هم عن قول الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}. وعن قوله تعالى {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}

كيف يقتلون أنفسهم والله عز وجل يقول: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا} (النساء 29 -30). في هذه الآية نهي عن قتل الإنسان نفسه، أو قتله غيره من إخوانه المسلمين، ويدخل في عمومها أيضاً الإلقاء بالنفس إلى التهلكة وفعل الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك، فكيف بمن يفجر نفسه بقصد قتل مؤمن فهذا هو الضلال والانحراف نسأل الله السلامة والعافية.

ألم يعلموا أن الغدر والخيانة والكذب هي من صفات المنافقين؛ فالغدر والخيانة والكذب هي سماتهم فقد غدروا بمن أعطاهم الأمن والأمان، وخانوا وطنهم وكذبوا على من بادرهم بالعفو والصفح.

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال(أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها?:? إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره). وقال ابن تيمية رحمه الله: (فذمّ الغادر، وكل من شرط شرطا ثم نقضه فقد غدر).

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكلّ غادر لواء, فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان).

وقال عليه الصلاة والسلام: (.. إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا).. متفق عليه.

إن هؤلاء استقوا أفكارهم من الأعداء من خارج البلاد، فكانوا لهم أداة للإساءة لهذه البلاد ولرموزها، وإن أعمالهم هذه تدل على الجهل ونقص في فهم النصوص الشرعية وهم بعيدون عن العلم والعلماء ولهذا نجدهم طائشين في أفعالهم مثيرين للفتنة، وهذه المواقف تبين فضل العلم وأهله، فلم نر عالماً حقيقياً قد خرج يحمل السلاح، بل نجده معلماً موجهاً ناصحاً دارئاً للفتنة؛ فالعلم الصحيح ينير القلوب ويرجح العقول.

فالعلماء المعتبرون هم من يحمون البلاد من الضلالات والفتن والأفكار الفاسدة، والواجب علينا الرجوع لهم عند كل نازلة ونبتعد عن أصحاب الهوى والضلال.

أسأل الله أن يحمي هذه البلاد من كيد الكائدين، وأن يحمي ولاة الأمور، وأن يوفقهم لكل ما هو خير وصلاح لهذا الدين والوطن.

(*)القصيم - محافظة الشماسية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد