Al Jazirah NewsPaper Friday  11/09/2009 G Issue 13497
الجمعة 21 رمضان 1430   العدد  13497

لماذا اُستهدف الأمير؟
محمد بن عبد العزيز أبا الخيل

 

المجدُ عوفيَ إذ عوفيتَ والكرمُ..

وزالَ عنكَ إلى أعدائكَ الألمُ

صحَّت بصحَّتك الغاراتُ وابتهجت..

بها المكارمُ وانهلّت بها الديمُ

وما أخصُّك في برء بتهنئةٍ..

إذا سلمتَ فكلُّ الناسِِ قد سلِمُوا

بشراك أيها الأمير: فقد مات أعداؤك بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين الفجيعة.

بشراك أيها الأمير: فقد تقطعت أوصال عداك وبقيت أنت - تحرسك عناية الله ودعاء المؤمنين في ظلمة الليل - أصلب عوداً وأشد مراساً.

من منا يصدق أن شخصاً تتقطع أوصاله ويبقى الذي يصافحه سالماً غانماً لم يصبه من أذى سوى ما أراد الله أن يرفعه بها، من منا يصدق ذلك لولا عناية الله وحراسته لعباده الصالحين فبشراك أيها الأمير حفظ الله لك.

وبعد فمن أهم ما يجب تسجيله من خلال هذا الحدث الجلل الأمور التالية:

أولاً: من دون شك أن ما جرى لسمو الأمير كان مخططاً له منذ زمن ليس باليسير. بل لا أشك أنه كان حلماً كبيراً يراود رؤوس الضلال منهم، لكن السؤال الذي لا بد له من جواب هو: لماذا استهدف الأمير وحده دون سواه؟ هل لأجل سهولة الوصول إليه؟ لا أعتقد ذلك.

فيبقى السؤال قائماً: لماذا خص سمو الأمير بهذا الاستهداف؟ الذي لا أشك لحظة واحدة أن السبب الرئيس في هذا الاستهداف هي السياسة الفاعلة التي سلكها سمو الأمير في التعاطي مع ظاهرة الإرهاب، والتي أدت إلى تفكيك جذوره وخلخلت بنيته التحتية، ولكم أن تتأملوا العلاقة بين ما أعلن عنه قبل أيام من القبض على أربعين إرهابياً وبين هذه الحادثة، وهذا يؤكد أن الضربات الموجعة التي توجهها وزارة الداخلية ممثلة برجل المرحلة وأمير الحكمة سمو الأمير نايف وسمو الأمير أحمد وسمو الأمير محمد أنها آتت أكلها واختصرت الكثير من المراحل الزمنية في القضاء على مشكلة الإرهاب.

الثانية: مرة بعد أخرى يؤكد لنا هؤلاء الأشرار فساد طويتهم وخبث مذهبهم وشدة عداوتهم للمؤمنين، وأن الهدف ليس كما يحاولون إقناع السذج والجهلة والبسطاء به من الجهاد ومدافعة الكفار، وإنما الهدف الحقيقي هو إزهاق النفوس المؤمنة، وسفك الدم الحرام ونشر الفوضى وتقويض بناء هذا البلد الشامخ ممثلاً بأفراد هذه الأسرة الكريمة لكن يأبى الله.

ومما يؤكد انسلاخ هؤلاء الأرجاس من كل قيمة هو تفاصيل هذا الحادث، فسمو الأمير حفظه الله رغم أعبائه الجسام فتح باب بيته لهذا المجرم واستقبله في منزله الخاص، وأمر حراسه أن لا يذعروه بالتفتيش والمتابعة، وإنما استقبله هكذا بكل طيبة وزكاء، ومع ذلك كله فلم يقدر الغادر هذا الموقف، وانسلخ حتى من شيم العرب ومكارمهم التي تأبى الغدر خفية، وفعل فعلته وهو من المجرمين، ولكن عناية الله وحفظه لأوليائه حالت دون تحقيق ما يريد هذا الباغي، فاللهم لك الحمد أولا وآخراً.

الثالثة: رغم فداحة هذا المصاب وخطورته إلا أننا نحسب أن فيه خيراً عظيماً من عدة نواح، منها: أن يتفطن سمو الأمير - وهو ملهم الفطناء - إلى ضرورة الاحتياط الشخصي عند مقابلة هؤلاء الأشرار، وأنه مهما بدرت منهم حسن النية فإن السلامة الشخصية لا يجوز تجاوزها بحال، وليعلم سمو الأمير أنه إن كان قلبه يملؤه البياض فإن قلوب أعدائه ما زالت تتوشح بالسواد، ومنها: أن هذا الحادث بكل تفاصيله يؤكد أمرا مهما, وهو أن هؤلاء الضلال مخذولون وخاسرون لا محالة بإذن الله، وخذلانهم يتجلى لنا في أمرين: أولهما: اختيارهم لهذه الشخصية الفذة التي زرع حبها في قلوب الناس كلهم وله آياد بيضاء لا يمكن غمطها.

وثانيهما: أنهم فعلوا هذه الجريمة في شهر تعظمه النفوس المؤمنة، وهو شهر رمضان المبارك فحق عليهم لذلك مقت الناس وغضبهم. وهذه أمارة بينة - والحمد لله - على خذلان الله لهم، وأنهم من سفال إلى سفال.

الرابعة: لا أتفق مع بعض المحللين الذين يقولون بأن هذه العملة تعد تطوراً نوعياً في تكتيك الجماعات الإرهابية في المملكة، بل هي تدل دلالة ظاهرة على أن هذه العملية هي أشبه بحركة المذبوح بعد ذبحه، فهؤلاء الخفافيش لما رأوا أن الأمر ضاق عليهم من كل جهة رموا بآخر أسلحتهم وهي استهداف الشخصيات الأمينة والفاعلة في القضاء على الإرهاب، وهذا لا يعني انقضاء شرهم ونهاية مكرهم، لكنه يؤكد في ذات الوقت كما قلنا على الفاعلية الشديدة للسياسة التي تتبناها وزارة الداخلية.

الخامسة: يجب على جميع النخب والقيادات الثقافية والشرعية والفكرية إدانة هذا الحدث بكل تفاصيله إدانة مطلقة وتجريم فاعله، ومواصلة نشر الوعي الشرعي بخطورة ثقافة الإرهاب، والالتحام صفاً واحدا خلف هذه الأسرة الكريمة، ولنقل بصوت واحد إن نحورنا دون نحوركم فداء، وإن مصاب فرد منكم لهو مصاب لنا جميعاً.

ولنعلم جميعاً أن هذا التلاحم بين القيادة والشعب لهو أكثر ما يغيض هؤلاء الأشرار، ويقتلهم بغيضهم، بإذن الله تعالى.

القصيم - بريدة

mabalkheal@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد