Al Jazirah NewsPaper Friday  11/09/2009 G Issue 13497
الجمعة 21 رمضان 1430   العدد  13497
الإرهاب ومؤشر المواطنة
د. فيصل بن عبدالكريم الخميس

 

لم تكن الحادثة الإرهابية الجبانة التي نفّذها خوارج هذا العصر، إلاّ لتؤكد من جديد عمق ومتانة اللحمة الوطنية التي تجمع أبناء المملكة، فالحادثة التي استهدفت أمن الوطن وأحد رموزه المخلصين، حققت عكس ما تريده الفئة الضالة، فما إن تبادل المواطنون على اختلاف أعمارهم ومواقعهم التهاني والتبريكات بسلامة الأمير محمد بن نايف، إلاّ وتأججت في دواخلهم مشاعر الغضب والكراهية تجاه أولئك الذين لا يعرفون سوى لغة القتل والتفجير وترويع الآمنين، فاللغة التي تتحدث بها القيادة الكريمة مع زمرة الخوارج واحتواء التائبين منهم وتأهيلهم للانخراط في مجتمعهم والعفو عن تجاوزاتهم، هي لغة لا يعرفها هؤلاء، فقد تشرّبت نفوسهم بالكراهية تجاه مجتمعهم في حالة يصعب فهمها أو تحليلها، فالمملكة التي تجعل من شريعة الله منهجاً ودستوراً في جميع تعاملاتها، وتتمتع بخصوصيتها الدينية النابعة من اتباعها للمنهج الرباني في أسلوب حياتها اليومي وتطبيقاتها الشرعية والتنظيمية هي الممثل الرئيسي للإسلام في العالم أجمع، وتتوق أفئدة الملايين من المسلمين في أنحاء العالم لزيارتها والعيش في أجوائها الإسلامية .. فهل يمكن لعاقل فضلاً عن مسلم أن يزايد على تمسكها والتزامها بالمنهج الإسلامي القويم؟ إنه فكر الخوارج الذي يستخدم الدين مطية لتحقيق مآرب دنيوية.

إنّ هذه الحادثة الإرهابية الغادرة التي استهدفت أمير الأمن والعفو والصفح، أظهرت قوة الترابط والأخوة بين أفراد الشعب السعودي، وأوضحت دون قصد مستوى مؤشر المواطنة والانتماء الذي يزداد رسوخاً وتماسكاً مع كل حادثة دموية جبانة، فالتهاني والتبريكات التي تمتلئ بها وسائل الإعلام المختلفة عكست التلاحم والتآخي الذي يسود المجتمع السعودي في حين جاء نشر المكالمة الهاتفية التي جرت بين سمو الأمير محمد بن نايف والإرهابي الخائن، موضحة الفارق بين نوايا الخير والإحسان ونوايا الغدر والخيانة، غير أنّ الله سبحانه وتعالى رزق كل شخص بحسب نيته وحاق المكر السيئ بأهله مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}.

إنّ هذه الكلمات ليست سوى جزء من أحاديث المواطنين في مجالسهم ومنازلهم، تعبيراً عن الشعور الذي ينتظم أفراد مجتمعنا تجاه الوطن ورموزه وقادته، ولا نملك، ونحن في شهر الرحمة والبركة، إلاّ أن ندعو الله أن يزيد من تماسك مجتمعنا وأن يحفظ قادتنا وأن يجعل كيد الأشرار في نحورهم إنه على ذلك لقدير.

(*) أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة لقصيم



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد