Al Jazirah NewsPaper Friday  11/09/2009 G Issue 13497
الجمعة 21 رمضان 1430   العدد  13497

رياض الفكر
الصيام الحقيقي
سلمان بن محمد العُمري

 

يتعجب المرء من تصرفات البعض في هذا الشهر الكريم، من الإصرار على فعل المخالفات بلا رادع، ولا وازع ديني.

تأملت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وأغلقت أبواب النار)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

يرتقب الناس في هذا الشهر المبارك بأن الخير سينتشر، وأن الأخلاق الفاضلة ستتمكن، وأن ليالي الشهر ستكون ملؤها الهدوء والسكينة والطمأنينة، ويغلفها الشعور الإيماني وخلق الصائمين، ولكن يا للأسف خاب الظن من كثرة ما نرى، أفعال مشينة، وأخلاق غير سوية، وإن كانت هذه الأفعال ليست من إغواء الشياطين، فإنها من تلك النفس الأمارة بالسوء.

كم تتألم النفس، ويتقطع القلب على شباب ضائع، غصَّت بهم الطرقات والأسواق، نعم، أوقات ضائعة، وشباب مهدر، وعقول مقفلة لا تتقبل النفحات الإيمانية، والهبات الربانية، ومواسم الخير، وهدايا الجواد الكريم في شهر المغفرة، يصومون عن الطعام، ويغفلون عن كثير من المفطرات، لكنهم يعبون من المخالفات التي لا تتفق وحرمة هذا الشهر المبارك، والله عز وجل ليس بحاجة لأن يدع هؤلاء طعامهم وشرابهم.

إن الصيام الحقيقي لا يكون بالصوم عن الطعام فقط، بل صيام الجوارح عن الآثام، فتصوم العين عن رؤية الحرام، ويصوم اللسان عن ذكر الحرام، وتصوم الأذن عن سماع الحرام، فما كان محرماً في غير رمضان فهو في شهر رمضان آكد تحريماً، وهذه المعاصي تفسد أجر الفريضة، نسأل الله لنا ولهم الهداية والرشاد.

إن شهر رمضان باب لسعادة الدارين، وفرصة من الله - عز وجل - للعودة إليه، وهجر المعاصي والآثام، شهر فيه خير كثير، وأجر عظيم، ونفحات إلهية، والصائم له فرحتان.. وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وفيه ليلة خير من ألف شهر من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.. والأجر فيه مضاعف، وتفتح فيه أبواب الجنة، ويزين الله في كل يوم جنته، ويقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثم يصيروا إليك.. وتستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.. ولله في كل ليلة عتقاء من النار.

ذلك كله من عند الكريم الوهاب، غافر الذنب وقابل التوب، ألا يستحق منا الشكر! فأي تعيس يرفض ذلك!

إن الإنسان إذا أرخى الحبل لشهواته وغرائزه، سيطرت عليه، وتمادت في إسرافها وطغيانها، وأبعدته عن ربه ودينه، وإذا هذب الإنسان نفسه أشرقت فيها أنوار الإيمان، وحب الطاعات، والعمل الصالح الرشيد.

وكما قال الشاعر:

والنفس كالطفل إن تهمله شب على

حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم

فمن قاد نفسه فاز ونجا، ومن قادته نفسه خاب وخسر.

alomari1420@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد