Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/09/2009 G Issue 13499
الأحد 23 رمضان 1430   العدد  13499
لا... لليبرالية في بلد الإسلام

 

سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة

الأستاذ خالد المالك وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد.

فلقد اطلعت على مقال الأخ: ناصر الصرامي في عدد يوم الثلاثاء رقم 13494 بتاريخ 18-9-1430هـ تحت عنوان: (تصحيح ليبرالي ، فلاحظت أن الكاتب قد خلط في المقال الحقائق والمعلومات عن الليبرالية كي يُلبّس على القارئ الكريم المفهوم الحقيقي لها وما تدعو إليه، وذلك بعبارات وألفاظ هي في حقيقة الأمر مما حثّ عليها الإسلام، فحاول جاهداً أن ينسبها إلى مبدأ الليبرالية وكأنّ هذا المبدأ هو أول من دعا إليها، وبه سوف يصل الجميع إلى بر الأمان والرقي والتقدم، متجاهلاً أن مبدأ الليبرالية يقوم على الحرية المطلقة فهي - أيّ الحرية عندهم - المبدأ والمنتهى، والهدف والغاية، فلا حدود لها إلاّ عند التعدي على حدود الآخرين، ولم يصرح بذلك الكاتب إلاّ في جملة عابرة بقوله: (تؤمن بحرية الجميع)، وكما قيل المعنى ببطن الشاعر. وإنني أتساءل لماذا في هذا الوقت بالذات يطالب الكاتب بتشكيل (تيار ليبرالي)! فنحن في غنى عن ذلك. فالمواطن السعودي في أي مكان يدين بالإسلام وتحت قيادة رشيدة، فعجباً مما تتمناه في هذا الوقت؟ لا سيما وقد ثبت أن الإرهاب والليبرالية هما وجهان لعملة واحدة، وكل منهما له طريقته للإفساد في المجتمع.

إنّ ديننا العظيم كفيل بما تدعو إليه من قيم ومبادئ، ونبذ للعنف، والتسامح، وهو أول من دعا إلى حفظ كرامة الإنسان وحريته بشكل واقعي ملموس وليس تلميعاً بألفاظ ليبرالية، فما الضير لو انتسب الكاتب إلى الإسلام مجرداً بعزة الواثق من منهجه بدلاً من (ليبرالياً مسلماً)، فذلك سوف يؤدي إلى أن يكون لدينا شيوعياً مسلماً، ورأسمالياً مسلماً، وعلمانياً مسلماً، واشتراكياً مسلماً، وديمقراطياً مسلماً، وهلمّ جرى، ونحن بأمس الحاجة إلى وحدة الصف. فالإسلام منهج متكامل وصالح لكل زمان ومكان، فلماذا لا تعوّل عليه وتدعو إلى التمسك به والرجوع إلى سنة نبينا - محمد صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بأخلاقه وآدابه بدلاً من البحث عن وسيلة غربية وأفكار مختلطة تطبق بها هذه المبادئ والقيم.

إن ما ذُكر من ألفاظ في ثنايا المقال لابد من الوقوف عندها وبيان المقصود منها كي لا تختلط المعاني على القارئ فيعرف مرادها مثل قوله: (مؤمن بالقانون وحق تطبيقه على الجميع). فما هو القانون الذي تؤمن به وترغب في تطبيقه على الجميع؟ أهو شرع الله عز وجل وما يوافقه من أنظمة وتعليمات، أم هو أمر آخر -وحاشاك أن تدعو إلى ذلك- ومثل: (مرجعية الليبرالية هي في هذا الفضاء الواسع). إن المرجعية في حياتنا كلها للكتاب والسنة وليست للفضاء الواسع المبني على الحرية المطلقة وما تجره من ويلات. ومثل: (وهي فطرة إنسانية أساسية). إن الفطرة الحقيقية الأساسية للإنسان هي ما فطره الله عليها من الإيمان والإسلام به قال تعالى:{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (30) سورة الروم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة) أي على الإسلام، ولذا قال: (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه). فنحن -ولله الحمد والمنة- ليس كأوروبا عندما عانت من الانحراف الديني والاستبداد السياسي ظهرت لديهم الليبرالية كحل لهم مما هم فيه. فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، فالافتتان بالغرب، والبعد عن المورد الصافي والمنهج السليم، واليأس والإحباط من أعظم أسباب إصابة الفرد والمجتمع بالانهزامية. لذا فهذه المذاهب والتيارات المخالفة لتعاليم ديننا الحنيف لا مكان لها في بلد أعزه الله بالإسلام حكومة وشعباً، قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (153) سورة الأنعام.

محمود بن عبدالله القويحص


malqwehes@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد