كتب خالد الخضر في العدد (13424) يوم الثلاثاء 7-7-1430هـ مقالاً بعنوان: (عندما تتفوق الزوجة) وقد كان مقالاً جميلاً حيث أخذنا معه في جولة لنماذج مشرقة من النساء الفضليات اللاتي وضعن بصمة أثيرة في صفحة الحياة وسجل التاريخ أسماءهن بمدادٍ من ذهب محققاتٍ نجاحاتٍ باهرةً لهن ولأزواجهن ولعل مختصر مقاله كان في قوله -وفقه الله-: (المرأة هي حجر الزاوية في كل نجاح في هذه الحياة) وقد توقفت كثيراً عند مقترحٍ ختم به مقاله حيث قال: (أن تشترط وزارة العدل قبل إتمام عقد الزواج أن على الزوج والزوجة أخذ دورة تدريبية في الحياة الزوجية لا تقل عن شهر وهذا يعد شرطاً لعقد الزواج مثله مثل أخذ العينات الخاصة بالدم وبعض الأمراض)، ومقترح بهذا الوعي والمستوى حري أن يؤخذ به ويفعل إذا ما رأينا انتشار حالات الطلاق الكثيرة التي تنذر بخطرٍ وتهدد المجتمع فنسب الطلاق محزنة مؤسفة، وضحيته الكبرى المرأة حيث ضعفها والموقف السلبي من المجتمع لمن حملت لقب مطلقة وكأنها ارتكبت جرماً وما كان مثل هذا الوباء - الطلاق - في غالبه، نعم أقول وباءً لأنه لم يتعامل معه وفق منظور شرعي وإنما من دافع هوى وعجلةٍ وعدم وزنٍ للأمور وتروٍ في اتخاذ القرار وإلا لو لجئ إليه حين تعيي الزوجين الحيلة ويعرفان أنهما وصلا إلى طريق مسدود فهو علاج نافع قال الله تعالى {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}، وموضوع الوعي بكيفية التعامل مع الطلاق يحتاج لمربين فضلاء وموجهين نبلاء ومدربين أكفاء قبل أن يخوض الزوجان حياتهما الزوجية بل وقبل الخطوة الأولى في الزواج والتي تعد أخطر مراحل الزواج ألا وهي مرحلة البحث عن الزوجة ثم إن للنظرة القاصرة للحياة الزوجية من قبل الشاب والفتاة دوراً في ذلك حيث الخيال والعيش في دنيا الأحلام غافلين عن أن هذا المشروع الحياتي رابطة مقدسة لها واجباتها ومتعلقاتها الاجتماعية والنفسية وقبل ذلك الدينية ظانين أن الحب هو الركيزة الأولى في هذه الرابطة وأن البيوت الزوجية مبنية على الحب وهذا غير صحيح فقد قال عمر - رضي الله عنه - كلمة خالدة تنم عن حكمة حين جاءه زوجان في مشكلةٍ زوجية:
(فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام) وقد يكره الزوج زوجته ولكن يعوضه الله منها خيراً إن صبر وعاشرها بالمعروف كما قال سبحانه وتعالى في محكم التنزيل {فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، أي: فعسى أن يكون صبركم مع إمساككم لهن وكراهتهن، فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة، كما قال ابن عباس في هذه الآية: هو أن يعطف عليها، فيرزق منها ولداً، ويكون في ذلك الولد خير كثير، وفي الحديث الصحيح (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقاً، رضي منها آخر)، ومثل هذا الفهم والوعي بقيمة الحياة الزوجية طريقه الأمثل هو التربية الصالحة في محضن طيب سواء بيت أو مؤسسة تربوية أو مراكز إرشادية والتي حقيقة نحتاجها كثيراً في هذا الزمن الذي يعج بالمشكلات وضاقت فيه النفسيات وفقد الكثيرون الصبر وأساءوا التعامل معه وتعاطيه مبتعدين عن منهج الإسلام الحكيم في ذلك. يروى أن زوجاً اختلف مع زوجته فتعالت الأصوات واشتد النقاش بينهما فما كان من الزوج إلا أن ترك البيت لزوجته متجهاً للمسجد لازماً الاستغفار فما هي إلا لحظات يسيرة وكأن شيئاً يدفعه للعودة إلى البيت فعاد فإذا زوجته تستقبله أحسن استقبال وترحب به وتقول: إني لا علم ما الذي أتى بك إليّ؟ إنه الاستغفار فقد كنت استغفر منذ خرجت فقال لها: وأنا كذلك لزمت الاستغفار في المسجد بعدك فلعلها من ثمار الاستغفار، فمثل هذه الدروس والمواقف نجدها عند أهل الخبرة وأرباب الحكمة من الموجهين والمدربين الذين نرى انتشارهم في الآونة الأخيرة في بلادنا المباركة من خلال مراكز التدريب وكذا بعض المؤسسات الخيرية التي تعنى بالشئون الأسرية والاجتماعية والتي يقوم عليها نخبة طيبة من أبناء وبنات هذا الوطن، فحري بكل شابٍ وفتاةٍ مقبلين على الزواج أن يستفيدا من هذه البرامج التوعوية وكم هو جميل ونافع أن تكثف هذه المؤسسات جهودها في هذا المجال.
عبدالله بن سعد الغانم – تمير