Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/09/2009 G Issue 13505
السبت 29 رمضان 1430   العدد  13505
أضواء
رعاية الفكر الصهيوني
جاسر الجاسر

 

الدارس للفكر الصهيوني والمتتبع لهذا الفكر الذي يسير عليه الشارع السياسي في الكيان الإسرائيلي، يجد أنه لا فرق بين اليمين واليسار؛ فكل الإسرائيليين من المؤمنين بالفكر الصهيوني الذي لا يخرج عن دائرة الفكر الشوفيني الشمولي الذي تؤمن به الكثير من القوميات والأحزاب اليمينية التي توصف وتوصم بالفكر الرجعي العنصري.. هكذا تصنف أحزاب اليمين المتطرف في فرنسا وألمانيا والنمسا وهولندا، إلا الحركة الصهيونية؛ فقد حصلت على صك براءة من الأمم المتحدة بضغط أمريكي سافر، على الرغم من أن الأمريكيين هم أكثر الدول والحكومات والشعوب تضرراً من تطرف الفكر الصهيوني وخططه الخبيثة.

فبالنسبة إلى الإدارة الأمريكية فإن كل الإدارات تعاني من أعباء دعم الكيان الإسرائيلي المستند والمقام على الفكر الصهيوني، والدعم الأمريكي للحركة الصهيونية وكيانها المقام اغتصاباً في قلب الدول العربية يشكل إحراجاً وعبئاً على كل الإدارات الأمريكية من روزفلت حتى أوباما؛ لأنه ببساطة دعم للظلم والتعنت وفرض ما يقوم به الصهاينة من أفعال خارج الأعراف والقوانين الدولية، فضلاً عما يقدم لهذا الكيان من مساعدات مالية واقتصادية وعسكرية تستنزف مليارات الدولارات، كما يعاني الشعب الأمريكي من تسلط وهيمنة الفكر الصهيوني، وتمسك اليهود الأمريكيين بهذا الفكر الذي يفرض عليهم الولاء والعمل أولاً للكيان الإسرائيلي قبل وطنهم الأم أمريكا. وهذا ما أظهرته عمليات الكشف عن محاولات التجسس الذي قام بها أمريكيون يهود لصالح إسرائيل، وقدموا معلومات في غاية السرية تتعلق بأسرار أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية، وقد أظهرت التحقيقات والمحاكمات التي أجريت لهؤلاء الجواسيس أنهم لا يشعرون بأي ذنب وإنما ذكروا بتبجح أنهم يخدمون وطنهم وفكرهم.

أيضاً الفكر الصهيوني - من خلال هيمنته على توجيه الرأي العام الأمريكي والاقتصاد الأمريكي - استطاع تجنيد ذلك لخدمة اليهود، وإسرائيل أولاً؛ فالمؤسسات الإعلامية من محطات تلفاز، وقبل ذلك الصحف الكبرى، كانت ولا تزال تحت سيطرة اليهود، سواء بامتلاكها أو بتوجيهها.

أما الهيمنة والسيطرة على الاقتصاد فلا أحد في أمريكا يستطيع أن يفلت من قبضة اليهود وهيمنتهم على اقتصاد أكبر قوة اقتصادية في العصر الحاضر وتوجيهها لخدمة الفكر الصهيوني وتنمية ثروات اليهود على حساب الآخرين، مهما أدى ذلك إلى إحداث أزمات وتدمير لاقتصاديات الشعوب وإفقار الدول.. وهو نهج لم يتغير منذ وقت طويل رأيناه في أوروبا وفي روسيا؛ مما جعل شعوب تلك الأمم تنتقم من اليهود الذين يرابون ويتاجرون بلقمة عيشهم؛ مما يرتد كرهاً ويتفجر حقداً وانتقاماً مثلما حدث في ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.

هذا الفكر العنصري المتخلف يجب أن يحارب ويفضح مثلما تفعل أوروبا مع الأحزاب القومية الشوفينية، ولكن في أمريكا - كما في أوروبا - يحظى الفكر الصهيوني بالرعاية والدعم لهيمنة اليهود على الإعلام وعلى مَن يمول الإعلام.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد