Al Jazirah NewsPaper Monday  21/09/2009 G Issue 13507
الأثنين 02 شوال 1430   العدد  13507
إما الآن.. أو تضيع الفرصة إلى الأبد في قبرص
سوات كينيكليوجلو

 

لقد عادت قبرص إلى الأجندة الدولية بعد أن انخرط زعماء الطائفتين المتخاصمتين على الجزيرة اليونانية والتركية في مفاوضات مكثفة لحل الوضع المعقد لهذا البلد المنقسم. ولكن على الرغم من المحادثات الجديدة الجارية فقد سأم المجتمع الدولي التعامل مع هذه القضية. وهو ليس بالأمر المستغرب، فقد استمر الصراع في قبرص منذ عام 1974، فأنهك أكثر من أمين عام للأمم المتحدة وأكثر من مبعوث خاص من كافة الأنواع، فضلاً عن إسهامه في إسقاط الحكومات في كل من اليونان وقبرص.

في عام 2004 استثمر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وقسم كبير من المجتمع الدولي قدراً عظيماً من الطاقة والجهد في محاولة لحل الصراع إلى الأبد. ولقد عكف الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان وفريقه على وضع الخطة التي خاضت الحكومة التركية قدراً هائلاً من المجازفة السياسية في دعمها. فقد أقنعت الحكومة التركية القبارصة الأتراك بالتصويت لصالح خطة أنان من أجل إعادة توحيد الجزيرة.

ولكن من المؤسف أن زعماء القبارصة اليونانيين انخرطوا في ذلك الوقت في حملة نشطة ضد خطة الأمم المتحدة. نتيجة لذلك، وفي حين أن 65% من القبارصة الأتراك صوتوا لصالح الخطة بعد طرحها للتصويت، فقد رفضها 76% من القبارصة اليونانيين. والأسوأ من ذلك أن قبرص اليونانية انضمت إلى عضوية الاتحاد الأوروبي بعد أيام فقط من رفضها لإرادة المجتمع الدولي، في حين تراجع الاتحاد الأوروبي عن تعهداته بإنهاء عزلة الطائفة التركية إذا دعمت خطة أنان.

واليوم، ربما يتصور العديد من الناس أن الأمور قد تغيرت كثيراً. ولكن مصير خطة أنان يظل يشكل جزءاً كبيراً من التفكير التركي فيما يتصل بقضية قبرص. في عام 2008 بدأت الأمم المتحدة عملية تفاوض جديدة من أجل قبرص. ولقد أعطى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مباركته الكاملة لأي تسوية يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض، وكما كانت الحال في عام 2004 فإن تركيا تؤيد رغبة القبارصة الأتراك في التوصل إلى حل ناجع لمشكلة تقسيم قبرص تحت مظلة الأمم المتحدة.

ولكن ينبغي أن يكون من الواضح أن المحادثات الحالية تشكل الفرصة الأخيرة للتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض لمشكلة الجزيرة. وعلى هذا فيتحتم على المجتمع عبر ضفتي الأطلسي أن يدرك أن المحادثات الحالية تشكل فرصة تاريخية. ولا أحد يستطيع أن يتحمل تبعات ضياع هذه الفرصة سواء في الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو تركيا أو اليونان أو الطائفتين المتخاصمتين في قبرص. فإما أن يعاد توحيد الجزيرة في إطار خطة تضعها الأمم المتحدة ويتقبلها الطرفان، وإلا فإن الوضع الراهن لابد وأن يتغير بوسائل أخرى. ولم يعد بوسع أحد أن يتقبل العزلة المفروضة على القبارصة الأتراك الذين جاء اختيارهم في صالح حل مقبول على المستوى الدولي.

إن المحادثات الجارية بين رئيس القبارصة الأتراك محمد علي طلعت ورئيس القبارصة اليونانيين ديميتريس كريستوفياس تدخل الآن مرحلة حرجة. والحقيقة أن الزعيمين في حاجة إلى الدعم الكامل من المجتمع عبر الأطلسي.

على النقيض من العديد من الجولات السابقة من المفاوضات القبرصية، فإن القضية هذه المرة ليست محصورة في الجزيرة وحدها، بل إنها تمتد لتشمل المنطقة ككل. فنتيجة المحادثات الجارية الآن سوف تخلف أثراً كبيراً على كيفية تقييم تركيا لعلاقاتها بالاتحاد الأوروبي على سبيل المثال. وفي حالة فشل المحادثات فإن الطرف الذي سيتصرف بطريقة متصلبة عنيدة سوف يتحمل المسؤولية كاملة عن تقسيم الجزيرة إلى الأبد. فضلاً عن ذلك فإن الفشل في حل القضية القبرصية من شأنه أن يقود التعاون الأمني المتوتر بالفعل بين حلف شمال الأطلنطي والاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود. والواقع أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمين العام الجديد لمنظمة حلف شمال الأطلنطي أندرس فوغ راسموسين إلى أنقرة لم تسفر إلا عن تسليط الضوء من جديد على مدى إلحاح الحاجة إلى التوصل إلى تسوية لمشكلة الجزيرة. والفشل قد يؤدي أيضاً إلى عواقب أمنية في منطقة البلقان، والبحر الأسود، وشرق البحر الأبيض المتوسط، وجميعها مناطق تشكل أهمية حيوية لمصالح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولهذه الأسباب فقد بات لزاماً على المجتمع عبر الأطلسي أن يستثمر الوقت والجهد في المحادثات الجارية التي ترعاها الأمم المتحدة. ولا شك أنه لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي يستطيعان تحمل فشل آخر في قبرص. فقد أصبح الكثير على المحك ببساطة.

«خاص الجزيرة »
سوات كينيكليوجلو نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد