Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/09/2009 G Issue 13509
الاربعاء 04 شوال 1430   العدد  13509

(الجزيرة) تستعرض مراحل تطور (الراية) السعودية
العلم السعودي تطور وثبات عبر التاريخ

 

الجزيرة - قبلان الحزيمي :

علم المملكة العربية السعودية مستطيل الشكل عرضه يساوي ثلثي طوله، أرضيته خضراء وتتوسطه الشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) بخط الثلث وتحتها سيف عربي تتجه قبضته نحو سارية العلم مرسومة باللون الأبيض، ولا يجوز تنكيسه أو ملامسة الأرض وذلك احتراماً للشهادة المكتوبة عليه.

وعن تاريخ العلم السعودي يقول الأستاذ عبدالرحمن بن سليمان الرويشد في مقال له سابق نشر بجريدة الجزيرة (هذا العلم هو علم التوحيد وعلم الوحدة، وإذا كنا لم نعثر على نص مكتوب عن علم الدولة السعودية الأولى إلا أن المتناقل في الروايات الشفوية الموثقة والمنقولة عن كبار الأسرة السعودية تتفق على أن الراية السعودية (العلم) كان قطعة قماش مشغولة خضراء اللون كتب عليها عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقد عقدت على سارية بسيطة واستمر حملها على هذا النحو في عهد الإمام المؤسس محمد بن سعود، ثم في عهد ابنه الحاكم الثاني عبدالعزيز بن محمد، ثم في عهد الحاكم الثالث سعود المعروف ب(الكبير) وفي عهد ابنه عبدالله.. ويعضد هذه الروايات الشفوية المتواترة ما ورد في (تاريخ نجد) للشيخ حسين بن غنام من ورود عبارات سجعية مترادفة تفيد بأن الراية - آنذاك - كانت خضراء اللون وتحمل عبارة الشهادتين مكتوبتين عليها.

وهذه الاستضافة مدعومة بما هو معروف ومتواتر عن شكل الرايات والبيارق في العهد الإسلامي على مر العصور تلك العهود التي كانت المثل الأعلى للدولة السعودية الأولى.

هذا وقد ذكر (جون لويس بوركهارت) في كتابه (ملاحظات على تاريخ الوهابيين) وهو الكتاب الذي جمعه خلال رحلاته في الشرق وتحدث فيه عن الشؤون العسكرية عن الدولة السعودية الأولى عامة، وعن جيش الإمام سعود الذي شاهده بأم عينيه في مكة المكرمة، حكى: أن لدى كل شيخ أو أمير من أمراء سعود الكبير، راية خاصة به، وأن الإمام سعود نفسه كان يمتلك عدداً من الرايات المختلفة.

وذكر ابن بشر في تاريخه أن الإمام عبدالعزيز الحاكم الثاني في الدولة السعودية الأولى، وابنه سعود الحاكم الثالث كانا يحددان مكاناً معلوماً على ماء معين في يوم معروف لاجتماع القبائل، وأنه يتقدم إلى ذلك المكان الراية (العلم) فتنصب على ذلك المورد.

وعندما تناول ابن بشر سيرة الإمام تركي مؤسس الدولة السعودية الثانية الجد الخامس لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، كان هذا القائد يكتب لأمراء البلدان يأمرهم بالخروج والاجتماع في مكان معين ثم يخرج الراية من قصره، فتنصب قريبة من باب قصر الحكم في الرياض قبل خروجه بيوم أو يومين.

وبهذه المناسبة أشير إلى أن الإمارات الصغيرة القائمة في الجزيرة العربية قبل توحيدها كانت تستخدم أعلاماً مختلفة الألوان حمراء عثمانية، وحمراء سادة، وخضراء سادة، ثم توحدت الراية في عهد الملك عبدالعزيز فور انضمام كل إمارة إلى إمارته.ويحسن هنا أن نشير إلى أن شكل العلم الوطني السعودي في عهد الملك عبدالعزيز قد مر بمراحل عدة تبعاً لنمو الدولة وتطورها ففي البداية البعيدة كان شكلاً من أشكاله راية الأسلاف ثم أصبح شكلاً مستطيلاً رأسياً طوله يساوي ثلثي عرضه تتوسطه عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقد كتبت باللون الأبيض.. ثم أصبح العلم مربعاً لونه أخضر، أما الجزء الذي يلي السارية منه، فقد كان لونه أبيض، وقد كتب على صفحته عبارة (نصر من الله وفتح قريب) وأضيف إلى ذلك سيف منحنٍ يتجه مقبضه نحو السارية تحت الكتابة.ويذكر (الريحاني) في تاريخه: أن الراية التي شاهدها والتي كان يحملها الملك عبدالعزيز في أول عهده، كان الجزء الذي يلي السارية منها أبيض اللون وكان فيها جزء أخضر اللون، وكانت مربعة تتوسطها كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ويعلوها سيفان متقاطعان.. قال الريحاني: ثم تغير شكلها بأن ضمنت سيفاً واحداً تحت كلمة الشهادتين، وكتب تحت السيف عبارة (نصر من الله وفتح قريب).

هذا وقد استقر العلم الوطني السعودي في شكله الحالي مستطيل الشكل عرضه يساوي ثلثي طوله أخضر اللون ووضع له نظام يحدد أبعاده وآداب رفعه، وأحكام استخداماته.كما أنشئت أعلام وطنية أخرى مشتقة منه أهمها علم القوات المسلحة وما يتفرع عن ذلك.. وما زالت الروايات الشفوية والمعلومات المؤكدة تحفظ لنا أسماء البيوتات وأسماء الأشخاص الذين حملوا الراية في الدولة السعودية الأولى، ومن بينهم بالإضافة إلى الحاكم أفراد من أسرة آل طوق، وأشهرهم علي بن طوق من أهل الدرعية ثم الأحساء، وعبدالله أبو نهية، وقد أشار ابن بشر وإلى موقفه في الدفاع أيام حصار الدرعية عام 1233هـ.أما الدولة السعودية الثانية فمن أشهر من حمل الراية فيها زمن الإمام فيصل أسرة آل سلمة، وأشهرهم الحميدي بن سلمة من أهل الرياض،أما زمن الملك عبدالعزيز فكان أقدم من حمل الراية خلال دخول الملك عبدالعزيز الرياض وبعده: أسرة آل المعشوق وأشهرهم عبداللطيف المعشوق الذي استشهد وهو يحمل الراية بعد أربع سنوات من دخول الملك الرياض ثم ابنه منصور الذي استشهد في نفس الواقعة بعد أن حملها بعد أبيه وهي وقعة البكيرية عام 1324هـ، ثم حملها أفراد من بيت الظفيري من أهل الرياض، ومن أشهرهم إبراهيم الظفيري، ثم سلم الراية أثناء حروب توحيد الجزيرة إلى بيت آل مطرف، وأولهم عبدالرحمن بن مطرف الأول، ثم ابنه منصور ثم مطرف، ثم عبدالرحمن بن منصور بن مطرف الثاني) انتهى.

أما نشيد السلام الوطني للمملكة العربية السعودية والذي ينص على 4 مقاطع:

سارِعي للمَجْدِ والعَلْياء

مَجّدي لخالقِ السّماء

وارفعي الخَفّاقَ أخضَرْ

يَحْمِلُ النُّورَ المُسَطَّرْ

رَدّدي اللهُ أكْبَر

يا مَوطِني

موطني عَشْتَ فَخْرَ المسلمين

عاشَ الملِيكْ: للعلمْ والوطنْ

فقد كتب كلماته الشاعر إبراهيم خفاجي، وقد ذكر في لقاء سابق معه في صحيفة الندوة بعددها رقم 14567 قصة كلمات النشيد حيث قال:

(كان الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله في زيارة إلى مصر وقدموا له السلام الملكي وهو السلام الحاضر ولكن بدون كلمات وبعد عزف السلام الملكي.. عزف السلام المصري وسمع الجمهور وهم يرددون كلمات السلام المصري فالتفت وقال رحمه الله لماذا لا يكون لنا كلمات مع السلام الملكي بدلاً من أن تكون موسيقى صامتة فهل هذا ممكن؟ فقالوا له نعم ممكن ولكنه (رحمه لله) أشترط عدم تغيير الموسيقى للسلام خاصة لأنها معممة على كافة دول العالم واعتقد أنهم اتصلوا بالشعراء السعوديين وكلهم أساتذتي ولا أجري مجراهم في الشعر ولكن بعضهم ومن جملتهم الأستاذ الشاعر الكبير حسين سرحان قال لهم إذا أردتم شعراً وطنياً للسلام الملكي ويكون جديد مستعدين وكلهم أجابوا نفس الإجابة لكن أن نركب كلمات على موسيقى فهذا ليس باستطاعتنا وبعد وفات الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله والمشروع لازال قيد البحث وعندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله انبعثت الفكرة مرة أخرى فقيل له يمكن أن يحقق الأمر من خلال شعراء الأغنية والكثير من الشعراء جزاهم الله خيراً أشاروا إلى وفي يوم من الأيام كنت في القاهرة وليس لي هاتف في المنزل فوجدت رسالة من تحت الباب وهي من الأستاذ أسعد عبدالكريم أبو النصر القائم بأعمال السفارة بمصر يطلبني لمقابلته فذهبت وقابلته حيث ذكر لي أنه على الاتصال بالديوان الملكي السعودي وكلمني أخ لا أعرف من اسمه سوى الدكتور خالد حيث ذكر لي الرغبة الملكية السامية في كلمات عن السلام الملكي السعودي وأن تراعى فيها الأصول الدينية وتنتقى الكلمات المناسبة وسأل عن الفترة الزمنية لتنفذ الموضوع فقلت له لا استطيع تحديد المدة فيمكن بعد أيام أو شهر أو شهرين ومن فضل الله علي تمكنت من كتابة الكلمات وفاء لهذا البلد العظيم وبعد ستة أشهر جاءني الأستاذ سراج عمر فسألني عن النص ثم أخذه فكان حينها معالي الأستاذ علي الشاعر وزيراً للإعلام ومكث عنده النص زمناً رغبة في تغيير الكلمات وعندما استمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - للعمل كاملاً أعرب عن سروره وقال هذا طيب ومن أحسن ما يكون نفذوه، وفي عهده رحمه الله نفذ العمل في 26-11-1405هـ). انتهى.

إلى ذلك يقول الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان المستشار بالديوان الملكي من خلال فتواه المنشورة في موقعه الإلكتروني: (إن من النوازل التي تحتاج إلى فقه دقيق هي ما ظهر في هذا الزمن من مسألة تتعلق باحترام الدولة ونظامها وتعظيم رمزها ألا وهي تحية العلم، والمقصود القيام تعظيماً للعلم وقد تكلم البعض في هذه المسألة من غير تأصيل ولا تكييف فقهي فأصدروا أحكاماً لها لا تتوافق مع الواقع المحسوس ولا مع ما يقصده من يأتي بالتحية وإذا نظرنا إلى أن العلم أو اللواء في الأصل هو ما تلتف حوله الجيوش وتخاض تحته الحروب فكان رمزاً للقيادة وبسقوطه تحصل الهزيمة، وفي هذا الزمن أصبح العلم هو شعار الدولة فيرفع في المناسبات ويحصل بتعظيمه تعظيم القيادة، وإذا نظرنا إلى حال الذين يقومون بتحية العلم وجدنا أنهم لا يعظمون نوع القماش الذي صنع منه العلم وإنما يعظمون ما هو شعار له, فمن قال من العلماء إن تحية العلم بدعة فإنه يلزم من حكمه أن يكون المحيي للعلم متعبداً لله عز وجل بهذه الوسيلة التي هي تحية العلم وهذا معنى البدعة في الشريعة ولا نجد أحداً يقصد بالتحية هذا المعنى، ولو قال قائل إنه بهذه التحية يعظم نفس العلم تعظيم عبادة فهذا ولا شك شرك بالله عز وجل لا نعلم أحداً فعله, وبتحقيق المناط يتضح جلياً أن الذي يحيي العلم لا يقصد ما تقدم ذكره وإنما يقصد تعظيم الدولة ورمزها،وبالنسبة لعلم المملكة العربية السعودية فهو يحوي كلمة التوحيد والتي يجب تعظيمها من كل مسلم، ومن المعلوم شرعاً أن تعظيم المخلوق إذا لم يكن من باب تعظيم الخالق عز وجل فهو جائز كما فعل صلى الله عليه وسلم عندما كتب إلى هرقل فقال (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم)، وقال عندما أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه ليقضي في بني قريظة (قوموا إلى سيدكم) و(القيام تعظيم للقادم تعظيم عادة لا تعظيم عبادة) فهو لا يرتقي إلى درجة تعظيم الخالق وهذا سائغ في حق المخلوق كما جاءت به الأدلة والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد