Al Jazirah NewsPaper Saturday  26/09/2009 G Issue 13512
السبت 07 شوال 1430   العدد  13512
عاملات المنازل وآليات الاستعباد
د. فوزية البكر

 

تشكل العمالة المنزلية داخل بيوتنا نسبا هائلة وتتداخل مع التركيبة الثقافية والاجتماعية بشكل لا نعرف هل سيكون ممكنا أن لا يكونوا جزءا من حياتنا في يوم من الأيام؟؟ بيوتنا مبنية وفي الذهن وجود عاملات ولذا فهي تمتلئ بكل هذه النوافذ الزجاجية والمجالس التي لا يستخدمها أحد لأننا نعتقد أن هناك من سيقوم على رعايتها وتنظيفها ومناسباتنا الاجتماعية المليئة بكل هذه الأطايب من الأكل والشرب..

.. يمكن أن تقوم لها قائمة لو لم تكن هذه العاملات في حياتنا..وحتى عدد أطفالنا مربوط بشروط توافر الخدمة والرعاية لكل هذا العدد.. لقد ساعدت هؤلاء العاملات على حفظ النظام الاجتماعي العائلي دون تعديات كبيرة مع الاستمتاع بكل أعطيات زمن الطفرة.

في مقالة الأسبوع الماضي استعرضت رسائل خيالية ترسلها عاملة منزلية من أحد دول شرق آسيا تعمل في أحد بيوتنا إلى والدتها وتعكس فيها الظروف والتعقيدات الاجتماعية والثقافية التي تحيط بموقعها داخل الأسرة.. وذكرت تحديدا أنني في كل مرة أشاهد فيها إحداهن يزداد تأكدي بأن ما يعشنه من ظروف أراها بمقياس عصرنا الإنسانية جائرة حتى العظم وأن ما يحصلنه من دخل رغم انه قد يمثل شيئا بالنسبة لظروفهن المعيشية ومستوى الدخل في بلدانهن إلا أني لا املك إلا أن ادعوا الله أن يرأف بهن وأن لا يضع أي منا أو أي مسلم تحت نير هذه الظروف المهنية والمعيشية.

ما سنفعله اليوم في المقالة هو استعراض ورقة قدمت في أحد لقاءاتنا الشهرية (الملتقى الأحدي) قبل ثلاث سنوات تقريبا وقدمت بواسطة الدكتورة ندى الربيعة التي تفضلت مشكورة بتزويدي بها والهدف من الورقة هو قلب الصورة أي أن نتصور خياليا أننا في موقع هذه العاملة عملا بقول رسول الله (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وان إحدانا قد اضطرت للعمل في أحد دول شرق آسيا وهاهي مذكراتها عما تراه وذلك حتى يمكن تفهم هذه الظروف الجائرة التي تعيش هذه العاملات في ظلها ونراها طبيعية لكثرة الاعتياد على ممارستها حتى لم تعد تعني أو تحرك فينا فتيلا بل إن أي معاملة حسنة أو أي حق كساعة الراحة أو النوم مبكرا أو تهيئة غرف خاصة وحمام خاص أو أية احتياجات تعد أساسية في عرف أي مؤسسة لمن يعمل بها سينظر لها هنا على انها تدليل سيفسد هذه الخادمة ويدفعها إما للتمرد أو الهرب!! أما التفكير في تحديد ساعات العمل وفرض يوم إجازة فهو أمر يعد من ضرب الخيال ليس في ذهن المواطن العادي المعزول عن ما يحدث في العالم بل حتى في عرف بعض أعضاء مجلس الشورى الذين ناقشوا قبل مدة ظروف عمل العاملات المنزليات. أنا كسعودية وأعيش ما يعيشه غيري من السعوديين أدرك أيضا حجم المشكلات التي يواجهها المواطنون عند الاستقدام وعند هرب الخادمة وليس من يحفظ حقهم وسأكتب عن هذا في الحلقة القادمة لكن الآن دعونا نقرأ ونتأمل معا مدلولات هذه الرسائل الخيالية!!!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد