Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/09/2009 G Issue 13513
الأحد 08 شوال 1430   العدد  13513
نوافذ
الإنسانية
أميمة الخميس

 

التهديد الموجه من تنظيم القاعدة للحكومة الألمانية، والذي تناقلته العديد من وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية، تزامن الأسبوع الماضي مع حادثة القبض على الأمريكي من أصول أفغانية في الولايات المتحدة وأبيه أيضا بتهمة الانتماء لنفس التنظيم.

وإن كان تنظيم القاعدة يمثل تطرف التطرف في الفكر الإسلامي، إلا أنه من ناحية أخرى يعيد فتح ملف العلاقة الملتبسة بين الشرق والغرب، والمسافات التي تفصل بين الطرفين، تلك المسافة المزروعة بحقول الألغام والكراهية والتوجس والريبة، فالمدعو أبو طلحة صاحب التهديد هو فتى يافع ولد في ألمانيا وترعرع هناك متمتعا بحق المواطنة، وكذلك هو الأمر في ما يتعلق بالمتهم الأفغاني، إلا أنهم بقوا على هوامش تلك المجتمعات يناصبونها العداء متبنين أفكاراً متطرفة وغاية في العنف.

لا أحد ينكر أن العالم من ناحية يعاني من المركزية الغربية تلك المركزية التي تصنع بدورها بؤرا من الصراع العقائدي الأيديولوجي والتوتر في الكثير من بقاع الأرض ضد هيمنة القوى الكبرى وأذرعها الأخطبوطية التي تحرك الاقتصاد والسياسة والثقافة في أنحاء المعمورة.

إلا أنه من ناحية أخرى ينطلق العديد من علامات الاستفهام حول الأقليات المسلمة التي تعيش في الغرب والتي تصر في غالباتها على الاختفاء داخل (غيتوهات) مغلقة، والبعد عن الانخراط في التركيبة الديموغرافية للبلد المضيف، من خلال استثمار قنوات التعبير الحر المتعددة هناك بهدف للحصول على حيز في صناعة القرار والتأثير فيه بشكل ينعكس إيجابيا على تلك الأقليات.

هل البنية الثقافية التي انطلقت منها تلك الأقليات محملة ببذور العنف والإقصاء ورفض الآخر؟

أم أن هناك بثا أيديولوجيا مكثفا من مصادر وبؤر معينة في العالم الإسلامي تسعى إلى تخصيب بذور الاختلاف والكراهية والتنافر عبر التاريخ، ومن ثم توظيفها كغطاء أيديولوجي لتجييش المجاميع، وتبرير حالة صراع دائمة تشطر العالم إلى دار سلم ودار حرب؟

ستجعل منظمة اليونسكو من العام 2010 العام الدولي للتقارب بين الحضارات، وهو الأمر الذي باتت البشرية تحتاجه بصوره ملحة في الوقت الحاضر بعد تصعد مفاهيم القوة والبطش والكراهية، وتفشي روح الانتقام.

ولعلنا على المستوى المحلى نشرف على حقل أخضر واعد في هذا المجال، فكلمة خادم الحرمين الشريفين في حفل تدشين جامعة (كاوست) وردت فيها كلمة الإنسانية على اعتبارها هي الأصل الذي تنطلق منه علاقاتنا مع محيطنا والعالم بأسره، وهي كلمة شاهقة برؤية نبيلة، تزيل كل الحواجز الأيديولوجية والعرقية والمذهبية .....إلخ ويبقى التآخي البشري والكرامة الإنسانية في البر والبحر كالسقف المرتفع الذي يستظل به عموم البشر على تباين اختلافاتهم.

لا بد أن يكون عام 2010 عام منعطف... عام خطوات جادة بهذا الاتجاه، عام نرى فيه برامج وآليات لا متناهية على أرض الواقع لتفعيل لغة التقارب والحوار بين الحضارات.. أما الاستمرار في التنقيب الكهفي عن مواطن التباين والتنافر والانقطاع فلن يجلب للبشرية سوى المزيد من الهلاك والفناء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد