Al Jazirah NewsPaper Wednesday  30/09/2009 G Issue 13516
الاربعاء 11 شوال 1430   العدد  13516
مطر الكلمات
أفراحك يا وطني تأبى الهزيمة
سمر المقرن

 

في هذه الأيام اجتمعت الأفراح، فقد فرحنا بعيد الفطر بعد نهاية شهر رمضان أعاده الله على المسلمين بالعزة والخير والمنعة، وفرحنا بعده بأربعة أيام بحدثين عظيمين حدثا في نفس اليوم، فالأول هو احتفالنا باليوم الوطني، يوم تأسيس وقيام دولتنا السعودية المجيدة على يد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، والفرحة الكبيرة التي تمت في نفس اليوم هي افتتاح والدنا ذي القلب الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لجامعة عبدالله للعلوم والتقنية، وهذا عيدٌ كبير أيضاً واحتفال فرح به السعوديون وخصوصاً من يحب العلم والمعرفة فهذه الجامعة انطلاقة كبيرة لنشر العلوم التقنية والمفيدة والتي نحتاجها كثيراً، هذا هو التوجه الصحيح نحو العلم الذي يكسب المعارف الفنية والصناعية وما يعود على أبنائنا بالفائدة وفرص العمل التي تفتح أمامهم آفاق الدنيا، فهذه التخصصات يحتاجها كل مكان في العالم، وهذه الجامعة قفزت بالتعليم العالي السعودي إلى الصفوف الأولى.

في غمرة هذه الأفراح نجد وللأسف بعض من يحاول قمع سعادتنا، فأعمال الشغب التي صدرت عن بعض المراهقين في العاصمة الرياض والمنطقة الشرقية ما هي إلا محاولات هزيلة لتنغيص سعادتنا في الاحتفال باليوم الوطني، وهم بنظري، شباب مغيبون كما هم الإرهابيون بالضبط وقد تم إفلاتهم في الشوارع ضمن جملة من المحاولات التي بدأت منذ أن بدأنا نحتفل باليوم الوطني لمنع وإيقاف هذه الاحتفالات، وقد حاول محرضوهم إيقاف فرحتنا بشتى الطرق، من فتاوى، ومقالات، وتحذيرات، إلى أن وصلوا لهؤلاء الصغار الذين كانوا أداة سهلة ورخيصة ليقوموا بأعمال الشغب والتخريب لعل هذا في نظرهم يكون عامل ضغط لمنع الفرح في اليوم الوطني. وهنا أشد على يد رجال الأمن البواسل بتتبع المحرضين والتشهير بهم في وسائل الإعلام ليكونوا عظة وعبرة لكل من تسول له نفسه محاولة قتل السعادة والفرحة في هذه البلد.

أعود لجامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فما قرأته في تصريح للدكتور محمد النجيمي تقدم فيه بالمباركة لخادم الحرمين بمناسبة افتتاح الجامعة لكنه أصر أن يوجه نصيحة - من وجهة نظري لم تكن موفقة - فقد قال: (يجب التذكير بركيزتين هما من الركائز التي قامت عليها الدولة السعودية فالأولى: هي الفصل بين الجنسين في التعليم، والثانية: الالتزام من قبل الطالبات المسلمات بالحجاب الشرعي وغير المسلمات يلزمهن الاحتشام).

لماذا ليست هذه النصيحة موفقة؟ أولاً: لأنها جاءت من خلال الإنترنت وهذا العالم ليس مصدراً رسمياً لمثل هذه التصريحات الكبيرة التي تظهر للبعض على أنها براءة للذمة ويراها البعض الآخر بأنها مجرد تسجيل حضور وتذكير بالتواجد على الساحة، فالإنترنت ليس هو المكان لإسداء النصائح، فما الذي دعا النجيمي لنشر هذه النصيحة في الإنترنت وعبر صحيفة إلكترونية اشتهرت بترويج الأكاذيب والتشهير بالفضلاء وتدنيس سمعتهم خصوصاً وهو الذي تعودنا على رؤيته كل يوم في حوار أو تصريح أو مقال أو تعقيب أو مع فتوى جديدة على صفحات الجرائد وعبر القنوات الفضائية المنتشرة! ثم إن هذه النصيحة غير موفقة لأن خادم الحرمين الشريفين رجل متدين بطبعه ولا يحتاج من يزايد على تدينه وحرصه على العقيدة الإسلامية والاحتشام والالتزام بالدين، كما أنها غير موفقة لأن كلمة (ركيزة) كلمة كبيرة فركيزة البيت هي عتبة البيتّ وأساس بنيانه! وبيتنا الكبير الذي نحتفل بيومه الوطني في هذه الأيام بُني على العقيدة الإسلامية كما قام على فتح يديه للحياة والتطور والإنجازات العظيمة التي تمت خلال الثمانين سنة الماضية، بُنيت على العمل الذي يكرره الملك عبدالله كثيراً كقيمة من قيم ثبات وبقاء الإنسان في هذا الوطن، بُني البيت على أشياء عظيمة كثيرة لا يتسع المقام لذكرها وليس بينها اشتراط الفصل بين الجنسين في الدراسة والعمل.

فالفصل بين الجنسين قضية جزئية اختلف عليها الناس والمربون ولا يمكن أن تكون ركيزة لدولة عظيمة مثل المملكة العربية السعودية، الفصل بين الجنسين في التعليم كان وجهة نظر لبعض المربين بينما يرى آخرون أن هذا الفصل كانت أضراره أكبر، وعندما يلتقي الطلبة في ظل من الاحتشام والاحترام فلا أتصور أن هناك مشكلة في الدراسة المشتركة.

قضية أخرى ابتلينا بها في هذه البلاد كما أبتلينا بداء الإرهاب، هم من يسمون أنفسهم (مشايخ النت) وهم عبارة عن أشخاص متطرفين لا يقبلون أي نوع من أنواع الحياة في هذه البلد ولو أن الأمر بيدهم لمنعوا الهواء والماء لأنه قد يكون باعتقادهم قد مر على بلاد (الكفرة) أحد مشايخ النت وأكثرهم نجومية أعلن عبر أحد المواقع المتطرفة أنه يبرأ من منكرات جامعة الملك عبدالله، بل وبكل بجاحة يقول: (أدعو خادم الحرمين الشريفين أن يتقي الله)، ولم يكتف بهذا، بل قام بدعوة أتباعه ومريديه إلى إنكار هذا المنكر ولم يذكر تحديداً هل سيستخدم الإنكار باليد أم سيكتفي بالإنكار باللسان؟ إن ما يحصل من هذا وغيره، ما هو إلا دعوة لإيقاف الحياة، وإيقاف كل سُبل التنوير، وهذا هو ما أفرز لنا (الإرهاب) وجعل الآخرين يتندرون علينا بأننا أهل التشدد وأننا من حرم البوفيه المفتوح ونادى بقتل ملاك الفضائيات، إلى متى ونحن نقف صامتين أمام صراخ المقيمين في الظلام الدامس، الذين يريدون لنا أن نعيش في نفق مظلم لا نرى وراءه أدنى بصيص من النور؟

www.salmogren.net



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد