Al Jazirah NewsPaper Wednesday  30/09/2009 G Issue 13516
الاربعاء 11 شوال 1430   العدد  13516
أنت
(من وحي اليوم الوطني)
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

 

1- جياد بلا فرسان

أثار عندي عنوان كتاب (فارس بلا جواد) أحاسيس بالشفقة والعطف والأسف على ذلك الفارس، بل على كل فارس (نخ) من تحته جواده أو عَثرت به قدمه.. ومن بعدها دار تفكيري حول هؤلاء الذين يعتلون ظهور جياد أصيلة لكنهم ليسوا بالفرسان المناسبين.. أو لنقل إن بعضهم ليسوا بفرسان.

لدينا في المملكة جياد عظيمة قوية سريعة وجميلة.. بعضها يتطلع إلى الفارس الحاذق الماهر المقدام المغوار الذي يصول ويجول بفكر رفيع نزيه.. وعقل مستنير بالعلم.. ومعرفة اكتسبها بالممارسة والتجربة.. أعرف أن موضوعي اليوم سوف يستفز ويُغضب بعضهم.. لكن إحساسي بالشفقة على كل فارس بلا جواد تحول إلى غضب على كل فارس ضعيف يمتطي صهوة جواد قوي جموح نافر أصيل فيجعله متردداً ضعيفاً هزيلاً.. وإذا كانت العرب تقول: (إن الفَرَس من الفارس) ففي حالات ظاهرة ينطبق هذا الحال على العديد من مؤسساتنا الوطنية التي أضحت ضعيفة الأداء والنتائج.. والسبب هو الفارس.

ولا أدري هل سأكون متجنياً أو مجانباً الصواب لو قلت إن المسؤول الذي يوقف مسيرة التنمية خشية من الأعراض الجانبية المصاحبة لها من تضخم أو بطالة أو جريمة أو فساد.. أي هؤلاء الذين يُغلّبُون مكافحة السلبي على تحفيز الإيجابي.. هؤلاء ليسوا بفرسان.. ومن يدفع القيادة العليا إلى التدخل المباشر في تنفيذ التفاصيل.. لأن الموكلين بتنفيذ تلك التفاصيل أخفقوا في ذلك.. فهؤلاء ليسوا بفرسان.. ومن يصدر قانوناً ثم يلغيه أو يؤجله، فهذا يعني إما أن القرار كان خاطئاً في أصله.. وإما أنه أخفق في التنسيق والتعاون والتحضير لقبول القرار.. أو يعني تلقائية صناعة القرار واعتماده على الانفعال اللحظي ولم يعتمد على دراسة أو خطة.. فهذا يعني أننا لسنا أمام فارس بأي حالٍ من الأحوال.. وعندما تخفق جهات حكومية في تنفيذ ما تم اعتماده في ميزانية الدولة من مشاريع تنموية، فالمشكلة بكل تأكيد في الفارس وليست في الفرس.

في أمور الحياة العامة وتصريف شؤون العباد وقيادة التنمية وإدارة مصالح الشعوب والمجتمعات.. لا يمكن القبول بمبدأ تعطيل التنمية بسبب الخوف من السقوط في سلبيات التنمية.. أو أن تقف موقف المتفرج المستعد للاستجابة لردات الفعل لا المبادرة والفعل.

هكذا ينبغي أن تكون صفة الفارس للجياد الأصيلة.. ولا شك أن في ذهن كل واحد منكم جواداً يحتاج إلى فارس ماهر.. ولا شك أيضاً أن لفرسان بعض هذه الجياد الأعذار والمبررات التي جعلتهم فرساناً غير ناجحين.. وإذا كان الأمر كذلك.. أليس من واجب الفارس النبيل أن يعتذر وأن يترجل لفارس آخر يمكنه أن يكون مناسباً لذلك الجواد؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد