Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/10/2009 G Issue 13520
الأحد 15 شوال 1430   العدد  13520
لما هو آتٍ
معها يحلو التأمل..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

تغنّى الشعراء بالحمام وهديله..

صادقت الورقاء مخيلاتهم، وأطربت جوانحهم

حتى ذلك الأسير تنوح حمامته وهي طليقة..

والعبّاد يصغون لتسابيحها على حواف المساجد وعند مداخل المآذن، وتتطوف بساحات الأركان والصفوف أجنحتها.., فتهيل الشّجو والشّجن في زوايا الداخل المكتظ بهسيس الأماني، ورجاءات السكينة..

وحمامتان تهدلان بجواري كلّما تحرّك القرطاس ألهمتا المحبرة رسم يراعها.., وصاغتا جمل الكلام في فرحة همهمتهما برشف الماء، وطيف الإناء.., متعة نفسية هذه المخلوقات وهي تزامل المرء حيث يهجع فتروض فيه تأمله، وتستبطن معه آفاق أحلامه وتخيلاته...

غالباً ما أظن أنه الوقت الذي يحسن بالعقل أن يسيح تأملاً.. وللنفس أن تستبطن صفاءها، وللخاطر أن يرسم ما فيه من وهج أو عتمة بحفيف جناحي طائر ودود كالحمامة ليزداد الوهج انتشاراً، وتنزوي العتمة في مقبض الكفن...

ودائماً ما أتفكّر في إيواء كل واحدة منهن عن قيظ المسافات، وتيه الطرقات، ومغالق المنافذ، وجدب الأيدي، وسكين الغفلات..

هذه الورقاء التي أبكت الشعراء وأضحكتهم.. هي ذاتها التي تستنفر مكامن دفينة في قراطيس الدروب الطويلة في السِّلم والحرب، بين علية القوم وأدناهم, بخبر يفرح، وآخر ينبئ،.. بين اثنين نأت بهما الدروب، وأكثر منهما شردتهم الأنواء، في رخاء السحاب، ووفرة الأحلام، وفي عطش الغيم وشح الآمال...

هي مهما تقادم الزمن أو أقام, حين يجهل الإنسان حاجتها، ترسل للدواة حبرها حين تسمع نبضاً في أصابع تحفر لها النبع.. فتأوي لقطرة ماء...

أحسب أنها إن نطقت فستقول وتقول فمن يصغي لما تقول..؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد