Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/10/2009 G Issue 13520
الأحد 15 شوال 1430   العدد  13520
شيء من
سعودي أوجيه وابن لادن مرة أخرى
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

كنت وبعض الأصدقاء نتناقش في موضوع مُؤداه: هل إذا تحولت الشركة، أي شركة، من كونها عائلية إلى شركة مساهمة مدرجة في سوق الأسهم، سيمنع أي تلاعب في الأسعار، و(تضخيمها)، وبالتالي يحد من المبالغة في التكاليف؟..

كان هذا النقاش امتداداً للموضوع الذي سبق وكتبت عنه، وكتب عنه آخرون، بخصوص شركتي (سعودي أوجيه وابن لادن)، اللتين تضطلعان بتنفيذ مشاريع حكومية عملاقة، وبمبالغ كبيرة، وطالبنا بتحويلهما إلى شركتين مساهمتين مدرجتين في سوق المال.

تعددت الآراء، وتشعَّبت، وانتهى النقاش إلى أن تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة (مدرجة) في سوق المال، ومتاحٌ لأي مساهم يحمل أسهمها أن يطلع على ميزانيتها، وهوية مقاوليها من الباطن، والكيفية التي تمت من خلالها ترسية هذه المقاولات من الباطن، قد لا يقضي على التجاوزات والمبالغات في الأسعار بشكل نهائي في البداية، وإنما سيحد منها إلى درجة كبيرة، ومع الزمن، وتراكم التجربة، والمتابعة، والرقابة، والتدقيق، و(العلنية)، سيضيق الخناق (حتماً) على التجاوزات، بالشكل الذي سيتمخض عنه ما يلي :

أولاً: سيُلغي السرية والكتمان وعدم الشفافية التي تعمل في ظلها هذه الشركات؛ وستصبح تعمل تحت الضوء، بعيداً عن الغرف المغلقة؛ وبالتالي، يصبح من العسير إلى حد كبير أن (تبالغ) هذه الشركات في تكاليف ما يسند إليها من مشاريع؛ وفي الوقت ذاته ستمكن هذه الشفافية الجهات الحكومية ذات العلاقة من الاطلاع على حقيقة (تفاصيل) التكاليف الحقيقية لكل بند من بنود التكلفة بشكل لاحق من خلال الميزانيات (المعلنة).

وغني عن القول أن السرية والكتمان والعمل بعيداً عن النظم الرقابية والشفافية تتيح المجال واسعاً (للفساد المالي) الذي نسعى إلى محاصرته؛ وهو ما نذر نفسه رمز الصلاح والإصلاح خادم الحرمين والشريفين الملك عبدالله -حفظه الله ورعاه- لتحقيقه؛ أليس هو القائل: (سأضرب هامة الظلم بسيف من العدل) ؟

ثانياً: سيتم سعودة الوظائف، وبالذات الوظائف العليا، وكذلك المتوسطة، في الهرم الإداري والتنفيذي لهذه الشركات؛ كما أن إجراءً مثل هذا الإجراء سيمنع المحسوبيات في مثل هذه الوظائف، خاصة وأن هناك الكثير من المعلومات التي تدور في المجالس مفادها أن (المحسوبيات) لها الأولوية (المطلقة) في شغل المناصب القيادية في هذه الشركات؛ ليحتكر الخبرة فئة معينة دون غيرها؛ ويزداد الطين بللاً إذا كان بعض المنتمين إلى هذه الفئة أغلبهم غير سعوديين، فتصبح (الخبرة الإدارية) التي يجب أن تنحصر في أبناء الوطن (تنحرف) إلى إفادة آخرين، ويُحرم منها أبناء الوطن . و(شركة سعودي أوجيه) - على وجه التحديد - يشغل المناصب القيادية العليا فيها لبنانيون؛ وبعضهم تلقوا (خبرتهم) من ألفها إلى يائها في هذه الشركة، ومن خلال المشاريع الحكومية التي تسند إليها؛ بمعنى أننا أصبحنا وإياهم مثل ذاك الذي (يتعلم الحلاقة في روس اليتمان) كما يقول المثل الشعبي!.. والسؤال : أليس جحا أولى بلحم ثوره.. كما يقولون؟

ثالثاً: من المعروف في علم الإدارة، وتحديداً في نظم الإدارة المالية الحديثة، أن النظام -أي نظام- لا يقضي على الانحرافات بشكل كامل، وإنما يسعى إلى حصرها في أضيق نطاق. ولا أعتقد أن هناك من يختلف معي في أن ما توفره شركات المساهمة المدرجة في سوق الأسهم من شفافية، وبالتالي انضباط، لا يتوفر بنفس القدر في الشركات العائلية؛ وهذا بلا شك يصب في ترشيد انحرافات هذه الشركات في المحصلة الأخيرة.

وختاماً.. يجب أن ندرك أننا في مرحلة بناء، وتقويم، ومَأسسة؛ وليس من العيب أن نخطئ، ولكن العيب كل العيب أن نُصرَّ على الخطأ.

إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد