بعد أن خطت المملكة العربية السعودية خطوتها الأساسية والأولى في بناء الإدارة المركزية، حينما وضعت جميع الأجهزة الحكومية (تسع وزارات) تحت إشراف جهاز واحد على مستوى المملكة هو مجلس الوزراء الذي صدر الأمر الملكي رقم (4288) وتاريخ 1-2-1373هـ بإنشائه، إضافة إلى ارتفاع إيرادات الدولة من إنتاج البترول، برزت الحاجة إلى إحداث تنظيمات إدارية جديدة واستبدال أساليب العمل بأساليب حديثة تنسجم مع الأعباء والمسئوليات الجديدة وإلى توفير قوى عاملة مؤهلة وذات كفاءة وقدرة على التعامل مع التطور الإداري المالي الجديد. ولم يكن ذلك متوفراً في المملكة في ذلك الحين. وتمت الاستعانة بصندوق النقد الدولي، وكذلك البنك الدولي للإنشاء والتعمير الذي أصدر تقريراً في (نوفمبر 1960م) تضمن عدة توصيات تخص تطوير الجهاز الحكومي وتنمية القوى العاملة في الدولة.

وبناء على توصية فريق البنك الدولي للإنشاء والتعمير، طلبت المملكة من لجنة التعاون الفني في الأمم المتحدة إرسال خبير لدراسة الواقع الإداري في المملكة، وتقديم مقترحات لتطوير الإدارة. وقد استجابت الأمم المتحدة للطلب وأوفدت إلى المملكة بتاريخ (17-10- 1379هـ، الموافق 13-4- 1960م) الخبير الدكتور محمد توفيق رمزي، والذي كان مديراً لمعهد الإدارة العامة في جمهورية مصر العربية في ذلك الوقت، لإعداد تقرير عن أوضاع الأجهزة الإدارية السعودية، وتقديم التوصيات اللازمة لتطويرها.

وبتاريخ 26-6- 1380هـ، الموافق 15-12- 1960م قدم خبير الأمم المتحدة الدكتور محمد توفيق رمزي لمعالي وزير الدولة للشئون المالية والاقتصاد الوطني الشيخ عبدالله بن عدوان تقريره الشامل عن الإدارة بالمملكة. وتضمن التقرير في إحدى توصياته ضرورة إنشاء معهد للإدارة العامة لإتاحة التدريب المناسب لكافة المستويات الوظيفية، ورفع مستوى الأداء الوظيفي في الحكومة، وهو ما سيكون له أثر في تطوير الإدارة. وقام معالي وزير الدولة للشئون المالية والاقتصاد الوطني الشيخ عبدالله بن عدوان برفع المذكرة الإيضاحية ومشروع نظام معهد الإدارة العامة وميزانيته المقترحة إلى المقام السامي، تمهيداً لأخذ الموافقة الملكية عليها. وصدر قرار مجلس الوزراء رقم (522) وتاريخ 12-10-1380هـ، متضمناً الموافقة على مشروع نظام المعهد، ومن ثم صدر المرسوم الملكي رقم (93) وتاريخ 24- 10-1380هـ، بالموافقة على قرار مجلس الوزراء.