Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/10/2009 G Issue 13523
الاربعاء 18 شوال 1430   العدد  13523

بلا تردد
إشاعة أم ضوء
هدى بنت فهد المعجل

 

الملامح تفصح عن ماهية صاحبها.. تمكننا من تمييز فلانة عن فلانة.. أو فلان عن فلان. الملامح وإن ظهر لها 40 شبيهاً إلا أننا نستطيع التمييز بين كل شبيه وشبيه وآخر. حبة خال، ندبة في الوجه، أنف أصغر، فم أضيق، قامة أطول... وما شابه. بيد أننا قد نفشل في التمييز بين كأس وآخر، فنجان وآخر، طبق وآخر، قلم وآخر.. هذا لأنها من صنف واحد أو من ماركة واحدة صنعة في قالب واحد..

فهل البشر أصناف متعددة، أو ماركات مختلفة، أو صنعت في قوالب متباينة!.

إذاً الملامح قد تختلف فتميز.. وقد تتفق فتحير.. فهل اختلفت ملامح الإشاعة حتى حيرتنا في كل مرة يتم إطلاق سهامها!! تساءلنا كثيراً وسؤالنا: أيهما أسرع الإشاعة أم الضوء؟!. وعن وجه الشبه بين الإشاعة وبين الكذب؟!.

ثم اقتربنا من كذبة إبريل.. وسرعة ضوء الإشاعة في مطلع هذا الشهر من كل عام. ولعل الصوت الجريح: صوت (رباب) قد يعيد إلى أذهاننا لؤم الإشاعة ومكر كذبة إبريل في ترنمها ب: هي إشاعة أو صحيح اللي يقال هي إشاعة، وإلا أنها كذبة أبريل وخيال هي إشاعة، الإشاعة التي لم تمل الاستلقاء في طريق الناس، وبالتالي تعبث بأذهانهم، تشوه الحقيقة، تلوث الواقع، تعيث في الفكر بعثرةً وخلطاً أو مزجاً.

بل هناك من مهنته ترويج الإشاعات واختلاقها أو صياغتها بفن دقيق، وحرفية عالية، بحيث تلامس الحقيقة أو الصدق بدقة متناهية.. كما وهناك من يعيد صياغة الخبر الصحيح بصيغة أخرى مكذوبة دون أن يشعر المتلقي أو يدرك كونها كذبة ملفقة أو خبراً أعيد صياغته بحرفية بارع، من ذلك خبر الإجازة المدرسية المفبرك أو الملفق أو المعاد صياغته كذباً...!!

الخبر الصحيح أن وزارة الصحة أقرت تأجيل موعد حملة تطعيم طلاب وطالبات الصف الأول ابتدائي في مختلف مدارس المملكة إلى السبت 2 محرم 1430ه، فتم فبركة الخبر إلى أنه تم تأجيل الدراسة إلى 2 محرم 1430ه. الخبر المفبرك نُسِبَ إلى جهات عدة منها جهة تعليمية.. وادعى بعضهم أنه وصلهم تعميم بذلك، وهناك من ذكر أن الخبر أذيع في قناة فضائية...!! لنعود مجدداً ونتساءل: أيهما أسرع الإشاعة أم الضوء؟ أو كم سرعة الإشاعة أمام سرعة الضوء!!؟ نتفق أن الإشاعة تعلن أو تفصح أو تكشف أو تميط اللثام عن رغبة داخلية لدى الشخص المروج والمروج له. بمعنى أن من يروج للإجازة يرغب بها.. أو يدرك أن المتلقي راغباً بالإجازة.. علماً بأنه في كل عام نسمع عن إشاعات تأجيل الدراسة لسبب ما، وإشاعات عن مكافأة مادية بحيث اعتدنا ترويجها إلا أننا لم نتأدب أو نقف عن تصديقها كأننا نريد كذبة تدعم سجل الأكاذيب في حياتنا كي نستمر في الحياة وإن بكذبة مشروخة في كأس مثلوم..!! تساءلت الزميلة: (فوزية ناصر النعيم) قائلة: (لماذا تعالجنا الأكاذيب رغم يقيننا بأنها أكاذيب؟!) فأعادت إلى ذهني بيت شعري مغنى أظنه ل(بدر بن عبد المحسن) يقول:

أنت بس اكذب عليّ وقلي أبيك

لأعزم النجمات وأهديك القمر

إذاً إن لم يستمر الشخص في إشاعة الكذب قد نستدعي من يكذب..!! أجل أكاد أتوهم أن الكذب بات المعالج الأمثل لدواخلنا مما دفعنا الوضع إن تتبع مسالك الإشاعة، وتلمس خطواتها وبالتالي نحزن، نأسى، نتألم، نكتئب، نتوحد إن هي أطالت الغياب أو البعد أو الانشغال عنّا...!!

Happyleo2007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد