Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/10/2009 G Issue 13523
الاربعاء 18 شوال 1430   العدد  13523
لما هو آتٍ
بين مرصد ومرصد...!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

تشير المراصد، والمؤشرات للكوارث المتوقّعة لما تكشفه من تنبؤات طبيعية

ليتقي الإنسان..

تلك تقنيات صنعها الإنسان..

ومن زمن خلق الإنسان وإرساله إلى الأرض وهناك معه حدسه، وعينه، يصنعان تنبؤاته، فتارة يتطيّر وتارة يتفاءل، وتارة يترحَّل، وتارة يستقر، يتعرّف بتقنياته الفطرية متى يزرع، ومتى يقلع، وأين يحط الرِّحال ويقيم الأوتاد، ومتى تهب الريح، ويعصف المطر.. حتى الرعد،، يقلب في أذنيه صوتَه فيتنبأ بالسيول الجارفة، أو الأمطار الوافرة، أو الرشاش المنعش، يتهيأ للريح بكثافتها، وسطوتها، أو بعبورها وأحمالها..، فلون السماء ينبئ خبراته ويحرّك حدسه وتوقعاته،..

لكن، الإنسان منذ صنع آلاته، وطوّر تقاناته، ومهر في منجزاته، أغلق الطبيعة فيه،.. وشكّك في حدسه ونظره وإحساسه، وتخيُّله،.. بل توقعاته الممهورة بخبراته.. ولم يبق فيه إلاّ صوته المخترق لكل الآذان، ولخاصتها..

غير أنّ صوتاً واحداً يقظاً فيه لا تطفئه منجزاته، ولا تُسكته علومه وتقانته، يأتي من جوفه، حيث يقينه وصدقه، حيث نور إيمانه ومعقده.. هذا الصوت له عيون لا عين واحدة، وتقانته ليست من معدن ولا هيئة لها، مختص ليس في الأنواء الخارجية، ولا في التقلّبات الطبيعية، ولا يتتبّع غيمة فارهة، ولا رعداً صاعقاً، بل هو يتطوّف بكل جسم دقيق يسري فيما لا يُرى في الإنسان فيطفئ وهج صدقه، ويخدش بريق يقينه، ويمس كيان خلقه، ويعترض مجرى النهر في سلوك فكره وأدائه ولسانه وقلبه، بل عينه وأذنه ويده وقدمه... لم ينشئه في نفسه.. ولا يقدر على تقانته أبداً..

هذا المرصد العظيم أنشأه الله تعالى في جوفه، هذا المؤشر الفطري فيه، لا ينجز، ولا يصدق، ولا يفعل سليماً إلاّ عندما يكون قوامه إيماناً صادقاً واستقامة تابعة له، فيأتي من الله تعالى دعمه بالنور والسلامة وقدرة العمل والثبات في الحركة، دون أن يضعف أو يحتاج إلى صيانة..

هذا المكمن مصدر الحدس والتنبؤ، والرؤية والصواب، ومبعث النور في طريق كوارث السلوك في الإنسان،... فما وجه المقارنة بين مرصد يشير إلى فيضانات متوقّع منها اغتيال الأجساد والأرض وما فوقها، وبين مرصد يشير إلى فيضانات متوقّع منها مسخ الفضيلة وكسر الجسور وإعاقة الأقدام في فكر الإنسان وجسده دون حياة تطفح بعبق الفضائل واستقامة السبل وعواقب السعادة..؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد