Al Jazirah NewsPaper Friday  09/10/2009 G Issue 13525
الجمعة 20 شوال 1430   العدد  13525
تطويع التقنيات المعاصرة لخدمة القرآن
أ.د. عبدالله بن إبراهيم الطريقي *

 

تأتي أهمية هذا الموضوع من جهة ربط القرآن الكريم بالمخلوقات والمصنوعات، وبصيغة أخرى، علاقة كلام الله تعالى بصنعة البشر، ومدى تدخل هذه الصنعة بكلام الله.

ينطلق جوهر الموضوع من أسس شرعية متقررة، يأتي في مقدمتها:

1-التسخير الكوني للإنسان. كما في قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} ومن أحدث المسخرات، هذه التكنولوجيا أو التقنيات الحديثة، التي مازال الناس يتبارون فيها، ومازالت العقول تبدع وتخترع في جزيئاتها.

2- توجيه الإسلام للإنسان نحو استعمار الأرض واستثمارها والاستفادة منها، وفق التسخير المشار إليه قال سبحانه: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} قال أبوبكر ابن العربي: قال بعض الشافعية: الاستعمار طلب العمارة، والطلب المطلق من الله تعالى على الوجوب.

قلت: وهذا الطلب هو كفائي وليس عينياً.

3- الإباحة الأصلية في منافع هذه الدنيا: قال الإمام ابن تيمية: (وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم ما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه، ثم قال: وهذه قاعدة عظيمة نافعة).

4- وجوب العناية بالقرآن والمحافظة عليه. بما يضمن بقاءه وسلامته من التحريف، وإذا كان الله تعالى قد تكفل بحفظه في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فذلك توجيه للمسلمين نحو العناية به وحفظه، ويدل لذلك عمل الصحابة، حين عمدوا إلى جمعه وتدوينه، ثم إلى اعتماد النسخة المتواترة، وإتلاف ما عداها من النسخ المختلفة.

5- مزيد العناية بالقرآن شكلاً ومضموناً. فمن حيث الشكل (العناية بطبعه وإخراجه وتسجيله). ومن حيث المضمون (العناية بتفسيره وترجمة معانيه).

6- وجوب تبليغ هذا القرآن إلى الناس كافة. كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} ودعوته عامة {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} وكل وسيلة مباحة يشرع اتخاذها في سبل التبليغ.

يأخذ التطويع ويبرز في أساليب متنوعة، لعل من أهمها في نظري:

1- تطويع التقنيات في مجال حفظ القرآن الكريم ومن ذلك: الطباعة الحديثة، والتصوير الضوئي والتسجيل الصوتي.

2- تطويعها في مجال تيسيره على الفهم والتدبر، عن طريق الطباعة أو التصوير والتسجيل أو غيرها.

3- تطويعها في مجال النشر والدعوة عن طريق وسائل الإعلام والاتصال المختلفة، مقروءة ومسموعة ومرئية، بكل اللغات العالمية، ولعموم الناس مسلمهم وكافرهم، وذلك من منطلق وجوب الدعوة الإسلامية للناس كافة.

لعل من البدهيات أنه يجب أن يكون هذا التطويع في خدمة القرآن العظيم وتعظيمه.

ولذا كان لابد من ضوابط في هذا المجال:

1- عدم الإخلال بنصه ومبناه (من زيادة أو نقصان).

2- عدم الإخلال بمعناه (كالتأويلات الفاسدة والتحريفات الباطلة لتفسيره أو ترجمته).

3- اعتماد القراءات المشهورة والمتواترة، وطرح القراءات الشاذة.

4- عدم التكلف في القراءات الصوتية، تكلفاً يخرج القراءة والقرآن من مقاصدهما الحقيقية.

5- تعظيمه، وإبعاده من كل ما من شأنه الإهانة والاستهزاء سواء مما عرف عن طريق الشرع أو عن طريق العرف الصحيح.

* الاستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد