Al Jazirah NewsPaper Thursday  15/10/2009 G Issue 13531
الخميس 26 شوال 1430   العدد  13531
النوايا مطايا
علي أحمد المضواح

 

مؤخراً حصل الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) على جائزة نوبل للسلام ما أثار حفيظة الكثير واستثار في دواخلهم السؤال عن السبب الذي استحق عليه (أوباما) نيل هذه الجائزة القيمة في مادتها ومعناها؟ وفي مجال السلام تحديداً وهو المجال المصاب (بالفوبيا) من أمريكا وسياستها؟

وعلى الرغم من أن لجنة الجائزة قد ذكرت في موقعها أنه استحق هذه الجائزة لما قدمه من جهود غير عادية في تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب، فإن المتتبع لما قام به الرئيس أوباما سيراه يشكل في جانبه الكبير آمال ونوايا لم يتحقق الجزء الكبير منها على أرض الواقع حتى وقت إعلان استحقاقه للجائزة!!

وهذا ما جعلني استحضر قصة نوبل وجائزته وانطلاقها من هذا الباب تحديداً باب (النوايا)..

***

بدأ (نوبل) شاعراً محباً للأدب؛ وهو ما لم يرق لوالده الذي أرسله لعدة دول لتعلم الكيمياء التي برع فيها وخصوصاً فيما يتعلق بالمتفجرات.. وحين عودته إلى مدينة (ستوكهولم) السويدية بنى مع والده مصنعاً لتصنيع مادة (الديناميت) شديدة الانفجار؛ لكن المصنع انفجر بمن فيه! وعلى إثر هذا الانفجار فقد (نوبل) أخاه الأصغر ومجموعة من العلماء والعمال الذين كانوا يعملون به.. حينها شعر (نوبل) بعظم ذنبه وظل يفكر: كيف يمكن تطويع اختراعه في خدمة البشرية وسعادتها.. فأنشأ العشرات من المصانع في أنحاء متفرقة من العالم لتصنيع هذه المادة التي تهافتت عليها شركات البناء والمواصلات والمناجم وقامت عليها الكثير من المشروعات وهذا ما حقق له أرباحا طائلة أسهمت (الجيوش) فيها بجزء لا يمكن إغفاله..

إلا أن الهاجس ظل يلاحقه فقد كان يحاول أن يصور نفسه ونيته بأنه الكاره للحروب المحب للسلام، وكان كثيرا ما يقول إن (الديناميت) خير لاستخراج الثروات والمعادن وشق الطرق وتسهيل الحياة إلا أن مجموعة من البشر تختزل الشر في داخلها وتوظفه في ويلات الحرب ودمارها..

ظل الهم يلازمه والناس والصحافة تلمزه حتى سمي (بصانع الموت) فكتب وصيته في آخر حياته طالباً بتخصيص جزء من ثروته في مشاريع ربحية تعود بريعها لجائزة سنوية في خمسة مجالات هي الكيمياء، والفيزياء، والطب، والأدب، والسلام العالمي. تمنح لكل من أسهم في عمل مميز يسعى لسعادة ورخاء البشرية..

***

رحل (نوبل) ورحلت نيته معه وبقيت الجائزة حافزاً على السعي في رخاء وسلام الشعوب وصاحبها ما زال متهماً مع كل انفجار لغم وقنبلة!

وبقي السؤال المطروح اليوم: هل ستسهم نوايا (أوباما) في إثبات نوايا (نوبل)؟ وهل سيخفت دوي (الديناميت) المميت، ويجلجل صداه المشيد؟

إجابة هذا السؤال مطايا للنوايا ستحملنا إلى عالم معمر أو مدمر..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد