مؤثرات الكلام له أساليبه ووسائله المتعددة، والتي منها الملتوية والمخادعة، عند المتحدث الذي امتطى صهوة وسطوة الوسيلة للوصول لنقطة المبتغى منه، في التوائه وخدعة الاستماع والإقناع لما يقوله بقدر الإمكان وبحذر متوجس منه لرد المتحدث إليه، وهذا ليس بالأمر الهين أن تعرف نوايا وخفايا المبتغى من القول بداية.
فمثل هذا الشخص له قناعه الذي يرتديه، وله أسلوبه الذي يخفيه، ومكانه الذي يؤويه، وشعاره الذي هو مؤمن فيه وهو (تمسكن حتى تمكن) فحين ترى المسكنة بادية على محياه تعتقد من أول وهلة أنه الإنسان الضعيف النظيف، ولكن حين ينساب الكلام بينكما تجد أنه ينحدر من مدرسة (ضلالية) لها منظريها ومعلميها وتلامذتها وفتواها، وقائمة على منهج دراسي إجرامي، وكأن لها حقا سليبا تريد أن تسترده، بلهجتها العالية الموتورة ونهجها المغاير في زخرفة وسخافة القول - ما لم يؤخذ بالحيلة والمكر الخبيث والإرهاب، يؤخذ بالفظاظة والغلظة والشدة وكيل التهم والشتائم والتكفير و(الغلو بالدين) تلك البذاءات هي سمة هذه المدرسة الضلالية.
ومثل هذه المدرسة، ليس لها أرض أو وطن أو عنوان، فقد ابتلي بشرورها وشرارتها الوطن العربي، فهي الأماكن المتعارف عليها عند العامة من الناس، هي (الأوكار) الإجرامية، التي بمثابة عقوق وإنكار للذات الإنسانية التي سمتها الرحمة والمحبة والطيبة والعيش بسلام بين أبناء المجتمع الواحد والمحافظة على مكونات وكيان الوطن، فتلك هي المواطنة المحقة التي ترتقي بالإنسان، لتأتي معطياته العملية والاجتماعية مكملة لبعضها البعض.. أما القيام بالإعمال الإجرامية الهدامة هي التي تعيق تقدم المجال التنموي في الوطن، ناهيك عن سبل العبث بأمنها وأمانها!!
هذه المدرسة الضلالية أو الشريرة أو وكر الأشرار أو النبتة الشيطانية، سمها ما شئت يجب أن تجتز من جذورها، حماية لشبابنا من العبث بعقولهم، واستخدامهم كأحزمة وعبوات ناسفة.. وهذا يتطلب وقفات حازمة مجتمعة رسمية وشخصية وثقافية وإعلامية، ودينية، والطلب من مشايخنا الأفاضل ودعاتنا من إيضاح المفهوم (الجهادي) ومنع الدعاء إليه عبر بعض منابر الجوامع وغيرها، وهي الدعوة التي تجيش هؤلاء الشباب مما جعلهم يكونون وقودا لأتون حرب ضد بلدهم ومجتمعهم، لتنفيذ أجندة خارجية كانوا هم أنفسهم أدواتها المدمرة، دون وعي وبصيرة بحجة اتخاذ طريق (الجهاد) وهو الطريق الخطأ جملة وتفصيلا.
مثل هذه المدرسة الضلالية، هي التي منها انبثقت وانطلقت جموعا من الشباب الموهومين والمهووسين ب(الجهاد) فتنة افترتها الشياطين (الطالبانيه) وصدقها المغفلون، بعد أن تم غسل أدمغتهم وبرمجتها على أعمال الولاء والطاعة العمياء لمن لقنهم أصول التدريب والتضحية بالنفس، في سبيل مقولة (الجهاد) تلك هو الغباء بعينه، فما تعلموه وعملوا به دون وعي وبصيرة، هو الخروج على طاعة (ولاة الأمر ) ثم أن جهادهم ارتد على أنفسهم ومجتمعهم ووطنهم، ولكنها الشعوذة الفكرية لهذه المدرسة التي تنفذ أجندة خارجية، وهي التي ألهبت مشاعرهم، وولاءهم لهذا المدرسة التي ما زالت قائمة على احتضان الكثير من الشباب، ليتم تجنيدهم والصرف عليهم من أموال الدعم المعروفة مصادرها، إضافة إلى الرضا والتشجيع المبطن من - شوائب - اجتماعية يجب أن يتم تنقيحها وغسلها من تلوث العقم الفكري البليد، وهي المتضامنة معها باطنيا، وظاهريا يصمون آذانهم لا يريدون أن يأتوا عليها بشيء، وإن أتوا، أتوا عليها بتبريرات سمجة كالجهلة والطيش، والمسامحة لهم، وغيرها من التبريرات، وكثيرا ما يتحاشون الحديث عن هذه الأفعال الإجرامية المشينة للفئة الضالة المضلة، ناهيك عن القنوات الفضائية التي تكرس الفوضى والغوغائية في الوطن العربي لتجعل منه أمكنة متوترة وحاضنة لفتنة مستديمة، تلك هي الفضائيات التي هي بمثابة بوق إعلامي لهم تتتبع أخبار جرائمهم وتزيدها تهويلا، ببث أشرطة الوعيد والتهديد لهذه أو تلك الدولة العربية، والسؤال هو كيف تصل هذه الأشرطة لهذه أو تلك الفضائية؟! لولا أن هناك من يعملون سرا وجهرا على معاداة العرب والسعي لخراب أوطانهم.
هذه المدرسة الضلالية الإرهابية بلغت بها مراحل الإجرام الخالية من الحشمة، إلى أكبر درجة من الانحطاط، حين استخدمت بأسلوبها السيئ العفن - مؤخرة- الإنسان في سبيل الوصول للهدف ومن ثم التفجير، فهذه طريقة قديمة تم استدعاء الفكرة بطريقة - الحشو- مثلما كانت مستخدمة في مؤخرات الحمير والبغال لغرض التفجير من بعد.. وهذا مما يؤكد أن التفكير الإرهابي بات عاجزا عن الوصول للهدف مباشرة، لأنه سيجد مقاومة باسلة للقضاء عليه، لهذا كانت شراذمه تتخبط في غيها الباغي، بعد أن سدت بوجهها كل الطرق والمنافذ، وتتبع خطواتها أينما كانت وستكون، حتى يتم استئصالها، وتطهير أرض الحرمين الشريفين، من هذه الفئة الضالة، في كل سبل المجهودات والاجتهادات المشرفة لجنود الوطن البواسل، تلك لعمري، هو سبيل (الجهاد) الحق بالدفاع عن حياض الوطن الغالي.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.