Al Jazirah NewsPaper Wednesday  21/10/2009 G Issue 13537
الاربعاء 02 ذو القعدة 1430   العدد  13537
مركاز
تجربة كروية
حسين علي حسين

 

رغم هذا الهوس الكروي الذي يحبطني أينما وليت وجهي، لم أدخل ملعباً لكرة القدم إلا مرتين، مرة خلال مشاركتي لفريق الحارة، وكان الملعب ليس ترابياً فقط ولكنه كان قاسياً، وفي تلك المشاركة تلقيت إصابة مباشرة على بطني، فقد اختاروني حارساً، وهي مهمة كانت لجهل الجماعة لا تسند إلا لأقل المشاركين شأناً في المهارة وقوة العضل وخفة الحركة، ولأن (الكرات) في ذلك الزمان الطيب كانت ناشفة حتى لتظن أنها محشوة بنترات الحديد فقد طرحتني أرضاً، وجعلتني اتخذ قراراً باعتزال اللعب نهائياً ومن أول الطريق!

أما المرة الثانية فقد كانت في الرياض، عندما زارها لاعب البرازيل الذائع الصيت (بيليه) أخذني بعض الأصدقاء إلى ملعب الصايغ أو الملز -لا أذكر اسمه في ذلك الوقت- لكنني أذكر أن الملعب كان مكتظاً بالجماهير التي غطت المدرجات وقبل ذلك انتشرت في الساحات المحيطة بالملعب، كانت المنطقة خالية ولم تصبح بعد المنطقة السكنية والتجارية التي تسيل لعاب التجار وأصحاب الذوق الرفيع في السكن والحياة والملبس!

انتهت بعد ذلك علاقتي بكرة القدم، مشاهداً أو متابعاً، فلم أكن أعبأ بالصفحات الرياضية أو الملاعب أو أولئك الذين يقضون جلساتهم من أولها إلى آخرها في مناقشة آخر تطورات الفرق أو المنازعات بينها وبين جمهورها وإداريها، لكنني عدت إلى هذه المعمعة حالما وطأت في بلاط صاحبة الجلالة، فقد وجدت أن هذه اللعبة كانت الطريق الطبيعي ليكون من يعمل فيها محرراً أو كاتباً رئيساً للتحرير في مستقبل أيامه، ولا أستطيع حقيقة أن أحصي عدد المحررين الرياضيين الذين أصبحوا من ضمن القيادات الصحفية في المملكة وهي حالة غير ملحوظة في الصحافة العربية، التي اعتادت أن تضع في مقدمة المؤهلين للقيادة الصحفية فئة أما أنها اعتادت الخوض في الحوادث اليومية أو السياسية أو الحزبية تحديداً، ووسطنا الصحفي كان خالياً من كل ذلك لحسن الحظ، وكانت الرياضة -حقيقة- هي المؤهلة للدخول من بابها الواسع للمراكز الصحفية ففي الكتابة الرياضية سعة في القول وحرية في الطرح وتشويق ومباشرة وحدة في غالب الأحيان، وكلها أمور لا يمكن أو نادراً ما يتحلى بها أديب أو مثقف عادي. وقد كدت أتلقى علقة ساخنة في إحدى الفرق بمدينة جدة التي اكتشفت لاحقاً أنها من معاقل فريق معين، فقد خرجت مني كلمة عفويا عندما تحدثت عن هزيمة ذلك الفريق، قائلاً: إن الفريق المنافس عرضه لهزيمة ساحقة، وكان بجانبي محرر أو موظف، والله لم أشعر بوجوده إلا عندما قال: من قال إن فريقنا هزم.. لقد تعرض لظرف بسبب الإرهاق.. فريقنا لا يهزم أبداً!

عندما رفعت رأسي وجدت أن المتحدث ومن يستمعون إليه كانوا على قلب رجل واحد، كلهم لا يقرون بهزيمة فريقهم. ولم أنفذ بجلدي إلا عندما أقررت على رؤوس الأشهاد: بأن التعبير قد خانني وأن ذلك الفريق الذي يحبونه وأحبه معهم لن يهزم أبداً!!

ومع مرور الزمن اكتشفت أنني الوحيد حتى في بيتي الذي لا يهتم بكرة القدم ربما بسبب تلك التجربة الأليمة التي طرحتني أرضاً.. حالياً بدأت أروض نفسي على الاهتمام بالكرة، فالوحدة في مقبل الأيام قد تكون.. قاسية!

فاكس 012054137



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد