اطلعت على ما نشرته الجزيرة بصفحة صدى ليوم الخميس 3-11- 1430هـ حول إقرار مجلس الشورى لزيادة قرض الصندوق العقاري إلى 500 ألف ريال وما احتواه التحقيق من أن 60% من المواطنين يرغبون في امتلاك الشقق السكنية, والزيادة ستساهم في توفير الوحدات السكنية وكذلك وجوب أن تكون حلول الإسكان مستندة إلى البحث العلمي وأيضاً الحلول الاستراتيجية لرفع نسبة تملك السكن.. إلخ، وما ورد من آراء.
وأحب أن أبدأ من إقرار مجلس الشورى لرفع القرض السكني إلى نصف مليون ريال، فأقول: إذا ما نظرنا إلى القرض الحالي وهو ثلاثمائة ألف ريال، صحيح أنه ربما لا يكفي للأغلبية لإنشاء فيلا مناسبة للأسرة السعودية لكنه يمكن المقترض من بناء فلة مناسبة بمستوى لا بأس به مع الزيادة عليه ومع ذلك يتخلف المواطن عن تسديد هذا القرض بقسط سنوي لا يتعدى (12 ألف ريال) سنوياً أي قسط ألف ريال شهرياً، ولو اطلعنا على ما لدى البنك من مشاكل حول تخلف السواد الأعظم من المقترضين عن التسديد بحجة العجز المادي وأن الراتب للغالبية لا يكفي لمتطلبات الحياة، إضافة إلى توقف غير الموظفين البتة عن التسديد يضاف إليهم المتوفين والعاجزين وهذا شكل معضلة في تأخر إصدار قروض جديدة وأحياناً توقفها فترة من الزمن ولولا دعم الدولة - رعاها الله - للصندوق بمبالغ منحت له استثناء لتوقف. ولذا اعتقد أن زيادة القرض لن تحمل الحل السحري للمشكلة بل على العكس قد يساهم رفع القرض تكريسها وإلى تأخر الموافقة على الأسماء وخفض عددها تبعاً لكبر حجم المبلغ، إضافة إلى أن لا أحد يتنبأ بما سيصاحب تسديد الأقساط الشهرية أو السنوية إذا كان المواطن يتعثر في سداد قرض (29-30) ألف فما بالك عندما يتم مضاعفة القرض تقريباً، فالمواطن حالياً لا يستطيع سداد قسط سنوي مقداره عشرة آلاف يتحول إلى ثمانية آلاف بتخفيف ألفي ريال إذا بادر خلال مهلة القسط وهي شهرين ورغم هذا الترغيب فإن الأغلبية لا يبادرون وأغلبهم يدعي العجز وعدم الاستطاعة، فهل هؤلاء سيستطيعون تسديد عشرين ألف ريال كقسط سنوي، وقد يشكل هذا للبعض 80% من دخلهم السنوي وبالتالي سيضيف الصندوق أعباء على كواهلهم تسبب لهم مشاكل وتعثرا في السداد ستشمل الصندوق بالتأكيد وتعيق استمرارية قروضه بالشكل الذي يطمح له المسؤولون فيه. ولو نظرنا إلى أن القرض بحد أعلى ثلاثمائة ألف ريال شبه كافٍ لإنشاء سكن مناسب لا سيما إذا كان متوسطاً في المساحة ومستوى المواد وأغلب المواطنين يزيد على القرض ليبني منزلاً ضخماً وبمساحة كبيرة وهذا يتعدى هدف الصندوق الذي يهدف إلى بناء المواطن سكناً متوسطاً مناسباً وليس بمساحة وفخامة تضاهي أفخم القصور ولكن ثقافتنا السكنية هي ما تضغط علينا لأن نعمل منزلا كبيرا وذا مستوى يحاكي الآخرين الموسرين بدون مراعاة لإمكانياتنا المادية والاجتماعية ولذلك يترتب علينا أقساط البنك وأقساط الديون الخارجية وبالتالي يقع الساكن بين كماشة البنك العقاري وما تحمله من قروض أخرى، ولو نظرنا بشيء من التمعن لوجدنا أن هذا المنزل الكبير الذي كلف رب الأسرة مبلغ القرض ومبالغ أخرى إضافية لن يكون سكناً للأسرة إلى مالا نهاية بل بدأت فيه الأسرة صغيرة وهي المكونة من الزوج والزوجة وهو بشكله وحجمه الكبير زائد عن حاجتهم وبعد ازدياد الأسرة من الأبناء والبنات سيكون بالطبع كافياً لهم ثم يخرج فيما بعد أفراد هذه الأسرة ليكونوا لهم منازل منفردة ومستقلة ولا يبقى فيه غير الزوج والزوجة وبالتالي يزيد عن حاجتهم.
وأحياناً يكون رب الأسرة لا يزال يسدد فيما تحمله من ديون لهذا السكن الذي أصبح زائداً عن الحاجة وقد يتمنى أن يكون قد بنى بيتاً أصغر في الحجم وأقل في التكلفة لكنها ثقافة السكن والاستهلاك التي لا زال مجتمعنا يعاني من بعض سلبياتها.
ولذلك بودي لو أن مجلس الشورى عند دراسته لرفع القرض ألا يكون فكر أعضاؤه في جانب تكلفة السكن فحسب بل ذهب إلى دراسة المشكلة من كافة الجوانب وأشرك معه بعض الجهات الاستشارية لدراسة تغيير النمط الحالي في بناء المساكن وما تشكله بناء المنازل الكبيرة سيما للأسر الصغيرة المكونة من الزوج والزوجة خاصة أن هناك نسبة كبيرة تبحث عن الشقق والفلل الدبلكس أو الصغيرة وهذا يوفر مساحات الأراضي والتكلفة وسرعة الإقراض من الصندوق وتوفير الخدمات بشكل أسرع وأكبر فائدة ستحقق هذه الدراسة حسب اعتقادي هو تغيير النمط التقليدي الحالي في بناء المساكن وتيسير القروض والتسهيل على المواطن وارتفاع نسبة حصول المواطن على سكن مريح بالتملك. ومما يتوقع لو تم رفع القرض الآتي:
1- زيادة أسعار الأراضي.
2- تأخر القروض وانخفاض الأعداد التي تقرض سنوياً بسبب كبر حجم القرض.
3- توسع المخططات السكنية وعدم استطاعة الخدمات باللحاق بها.
4- لن تمنع زيادة القرض المواطن من الاكتفاء به لبناء سكنه بل ستشجعه على الاقتراض الإضافي لبناء سكن أكبر وأفخم مع أن هدف القرض بناء سكن مناسب وليس محاكاة الفلل والقصور الضخمة.
5- سيكون عاجزاً عن تسديد أقساط القرض الذي سيصل إلى عشرين ألفا سنوياً وأكثر من 1666 ريالاً شهرياً، وهذا بالطبع سيكون عائقاً للصندوق عن تحقيق أهدافه. لذا أعتقد أنه من الأفضل ما دام لدينا نسبة كبيرة تحتاج إلى سكن وأغلبهم من الشباب حديثي الزواج أن يتم دراسة تغيير نمط حجم السكن مثل إيجاد شركات يعهد إليها بناء مجمعات سكنية بمساحات أقل ومناسبة للأسرة السعودية أو يخير المقترض في عدة نماذج، وسيوفر ذلك مساحات من الأراضي التي تعاني منها المدن الكبيرة ويكون القرض سهلاً وميسراً
محمد المسفر - شقراء