سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إشارة إلى ما ذكر في العدد 13488 حول إلغاء المناهج السعودية بأمريكا، حسب ما ذكره الملحق الثقافي السعودي في أمريكا، وتوجيهه لعموم المبتعثين السعوديين لعدم انتساب أبنائهم للمناهج السعودية، من المعلوم أن المدارس السعودية في الخارج أُنشئت استجابةً لرغبة مواطنين سعوديين وأبناء الجاليات العربية والإسلامية في 22-7-1404هـ رقم 2751-8 ابتداءً من رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية، بموافقة سامية من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، وقد كانت البدايات مبادرات فردية من قِبل بعض سفراء المملكة في بعض الدول، وهذه المدارس تصل إلى (20 مدرسة في الخارج)، ثم تتابع افتتاح المدارس والأكاديميات في عددٍ من الدول، التي يوجد فيها أبناء المبتعثين والموفدين السعوديين، وأبناء العرب والمسلمين المقيمين هناك، وقد كان الإشراف على تلك المدارس والأكاديميات السعودية في الخارج، من قِبل سفارات المملكة العربية السعودية، ثم أوكل الإشراف عليها من قِبل وزارة التربية والتعليم، ممثلاً في الجانب التربوي والتعليمي بقرار من معالي وزير المعارف آنذاك برقم 476 في 16-8- 1412هـ، تحت اسم إدارة المدارس السعودية في الخارج، نظامها يتم وفق مناهج المملكة العربية السعودية وحسب الأنظمة المعمول بها في الوزارة، إضافة إلى مقررات تلك الدول، وما يتناسب مع طبيعة الدارسين، وهذه المدارس تعمل وفق لوائح وأهداف، وإشراف مباشر، فمن أهداف تلك المدارس السعودية في الخارج:
- خدمة المملكة إعلامياً من خلال أوجه النشاط التي تقوم به تلك المدارس والأكاديميات.
- الدور الريادي في الإجراءات الوقائية لحماية الدارسين من المؤثرات في هويتهم وثقافتهم.
- التفاعل مع المناسبات الوطنية للمملكة والأحداث الداخلية والعالمية بصورة إيجابية.
- صقل مواهب الدارسين ومشاركتهم في تعظيم البلد الحرام ونبذ الإرهاب بكل صوره وأشكاله.
- تقديم الصورة الإيجابية والحقيقية عن المملكة العربية السعودية.
- تبادل التجارب التعليمية والتربوية المميزة ونقلها إلى الطلاب والمدارس من قِبل الموفدين.
- تنفيذ المسابقات والمناشط الطلابية والبرامج الحوارية والاجتماعية.
- دعم الصلة والتواصل في تقديم أفضل الخدمات، لتحقيق أهداف المملكة في مجال التقنية والتنمية.
- الاهتمام بنشر الهوية التي تعكس الثقافة السعودية، والتقاليد العربية، والتراث والأصالة.
ومما يبعث على الفرح والأمل، التفهم السريع نحو بلادنا، حينما يكون الحوار الهادف، وتصل المعلومة الموثقة والصحيحة، مما يؤكد عظم المهنة وأداء المهمة، تجاه نقل رسالة وثقافة بلادنا والاعتزاز بها، فقد زرت بعض الولايات الأمريكية من هذا العام 1430هـ وهي ولاية (واشنطن العاصمة، وولاية تشارلوت، وولاية سولت ليك، وولاية شيكاغو) وحينما نتحاور ونذكر الواقع يعجبون ويندهشون، وتزول الضبابية والمعلومات المغلوطة عندهم، ويقولون أين هذه المعلومات الثمينة والجيدة والحضارية التي تقولون عن بلادكم، وفي الحقيقة أنني اندهشت كثيرا حينها بجهل بعضهم من الأكاديميين والخبراء، والمعلمين والمتعلمين، ممن التقيتهم عن واقع بلادنا الريادي والقيادي، فضلاً عن موقع المملكة ومكانتها، وجغرافيتها ونهضتها، ومقوماتها وحضارتها، ورسالتها وثقافتها، فقلت لمن معي كيف لهذا الكيان الكبير والعظيم لبلادنا أن تجهله هذه الطبقة المتعلمة، ونحن في مملكتنا طالب المرحلة الابتدائية يمكنه أن يعطيك بعض السطور لهذه الديار، أهي حرب هوية وثقافة وإعلام مضاد؟ أم غير ذلك؟ وكم هي التصورات الخاطئة عن بلادنا وسرعان ما تزول عند وضوح الحقيقة، يقول السفير الأمريكي السابق في المملكة العربية السعودية في مقابلة أجرتها جريدة الشرق الأوسط رقم (9194) 20-1-2004م، (انسجمت كثيراً، وتلقيت معاملة حسنة من الجميع، نعم لقد كانت لدي فكرة مسبقة وخاطئة عن السعودية، كنت أعتقد أن السعوديين ليسوا ودودين، وأن مجتمعهم منغلق، ولن يكون بإمكاني التعرف على أحد، واكتشفت العكس تماماً) وقد تمت زيارة (مدرسة اقرأ) في ولاية سولت ليك الأمريكية، ففيها تدريس وتعليم جله من مقررات وبرامج مناشط وقيم ومبادئ تعليمنا السعودي، لأبناء جاليات من دول العالم، إرادتهم في ذلك المحافظة على هوية وثقافة أبنائهم الإسلامية، وعلى هذا فإني أرى أن الإلغاء ليس هو العلاج، ولا يتوافق مع المشروع الحضاري والريادي الذي يدعو إليه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وهو مشروع الحوار، فإنه هو السبيل لتصحيح التصورات المغلوطة عن بلادنا ومناهجنا، وحتى نبقى على قيمنا ومبادئنا، وأنظمتنا وثقافتنا، والخطأ إن وجد يعالج ويصحح، ويمكن استقبال الوفود للتعريف بالنظام التعليمي والتربوي، وكل الدول تسعى لنشر ثقافتها، ونحن أولى بذلك لكل العالمين فضلاً عن طلابنا السعوديين، في مراحلهم الأولية والمتوسطة والثانوية، من خلال بوابة المدارس السعودية في الخارج, التي تعد إحدى القنوات لنشر الثقافة والبقاء على الهوية، ومما يستشهد به في هذه المناسبة ما صرح به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية حفظه الله حول ما أثير على المناهج السعودية - المناهج السعودية سليمة ومتطورة - حيث يقول سموه: (الجهات التعليمية لدينا تطور مناهجها حسب احتياجات الحياة، ولكن ركز على أمور لا يمكن أن تتغير هذا لا بد أن يفهم، لأننا شعب مسلم وأمة مسلمة، وعقيدتنا الإسلام وأخلاقنا هي أخلاق المسلم، وهذا أمر متمسكون به على أي حال من الأحوال، ونرفض من يقرن التقدم بمعاكسة الإسلام، لأنه غير صحيح، وتقدمنا بحمل الله وسنتقدم أكثر، وسنكون سعداء ومتشرفين بأننا تقدمنا بفضل الشريعة الإسلامية) وأضاف سموه قائلاً: (نحن لا نتلقى توجيهات وتعليمات من الخارج، وليس الذي يحكم علينا هم الخارج، ولكن أي قول صائب ويتفق مع الحقيقة نحن نتقبله، وإنما هذه جهات قد يكون لها أهداف، ونحن واثقون من أنفسنا ونسير في الطريق الصحيح، وعلى الآخرين أن يفهمونا على حقيقتنا، ويتعاملوا معنا على أساس واقعنا، حتى نكون متفقين لما فيه خير للإنسانية)، وأضاف سموه (أن المناهج لدينا ليست إلا مناهج تربية وتربية إسلامية، وأما الشذوذ فيأتي في كل مجتمع، ولم يأتهم الشذوذ من مناهجهم ولكن أتاهم بعد المناهج).
وعلى هذا فإني أرى دراسة ما سبق من قِبل الجهات المعنية، والسعي لافتتاح المدارس السعودية في الخارج بشكل أوسع، وهذا يصب في خدمة أبناء المبتعثين والدارسين، ويعزز الهوية الإسلامية، وينشر الثقافة السعودية، ويدعم الانتماء الوطني للأجيال الناشئة هناك، وهو الاستثمار للوطن بحق، فبلادنا بحمد الله هي قبلة العالم، ومحط أنظارهم، وهي يد معطية ومنفقة.
سعود بن صالح السيف