Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/11/2009 G Issue 13555
الأحد 20 ذو القعدة 1430   العدد  13555
الكذابون الأشرار!
رمضان جريدي العنزي

 

الكذابون الأشرار مثل الأعشاب التي تنمو بين التربة والموجة، صدورهم منطقة شرور وحرائق، يملكون شهوة فائقة في العدوانية ومصادرة حقوق الآخرين، هوايتهم الرقص على جراح الآخرين، لهم جذوة من نار ولهب، وبهتان يصيب الغير بالمرارة والقشعريرة،

ليس لهم وعد ولا عهد ولا نبل ولا حكمة ولا حلم ولا بياض، محيطهم مليء بالقسوة والخراب والوشاية والسواد، لهم أقبية رطبة وأزقة مظلمة وجوع كبير للزيف والخداع والبهرجة، لهم حدة في الكره والنفاق، وحرفة في تصوير الأشياء وتكبيرها وتلوينها وصبغها بألوان يمزجونها كيفما شاؤوا وأرادوا، يبغضهم الشموخ والارتقاء والارتفعات الشاهقة، غرضهم في ذلك إلغاء حضور الآخرين، حتى وإن كانوا عمالقة وعبقريين ومبدعين وأصحاب إنجاز، لهم نصوص سردية خالية من عناصر الابداع، ليس لهم مطر ولا سحر ولا نخل ولا قمر ولا شمس ولا نهر ولا دفء ولا حياة ولا حب ولا انتماء ولا عشق ولا صور جمالية، وليس لهم طاقات تعبيرية نادرة عن مفهوم الإنسانية، لهم لجة ويأس، وليس لهم عفوية أو مساحة من التخيل، مسكونين هم بالغابات وبالظلام وبمصاحبة الأشباح، وممتزجين كلياً مع كيمياء مفردات البهت والدسائس ومسرحيات الخسة والدناءة، مع كل كذبة يطلقونها يحتفون بأنفسهم معلنين بهجة الانتصار المزيف، لهم انتماء مطلق خالص لخلق الأساطير الخرافية، ولهم مشاريع يخلدون فيها تلك الأكاذيب لصالح منجزهم البهتاني، لهم مقاومة فلسفية عنوانها الموت والذبول واليأس والقنوط والألم، وليس لهم حيادية، وهم بعيدون عن الإنصاف وآليات الصدق والعطاء والقبول، يحبون أنفسهم حد التقديس ويزرعونها بهالات حادة مشعة تشبه هالات الحفلات المهرجانية الموسمية، يحاولون أن يتبنوا سلطة الضوء والأقمار والمطر لكنهم في كل مرة يسقطون، لا يملكون عقلاً نيراً وغير قادرين على العطاء، أدمتهم الخلافات ولعبة الإسقاطات وتبادل الاتهامات والرغبة المجهولة داخل محيطاتهم المليئة بالإقصاء والنبذ والبغضاء، لا يحبون الفضاءات الرحبة، بقدر ما يحبون الكهوف العتيقة، ليس لهم عقول خلابة وليسوا ذوي معرفة كبيرة، ولا أخلاق دمثة، ولا ذكاء حاد، وليس لديهم رغبة عارمة في التحرر من عقدة الضعف والانكسار والتقهقر والخواء، ليس لهم حضور ولا توهج ولا هواجس ولا تصورات ولا حلولاً قادمة للأشياء، ولا صناديق سحرية تخرج منه الطيور والعجائب الجديدة، ولا كيف يهندسون الحياة، ولا كيف يضعون بصماتهم بلا عبث، إنهم يشعلون الحرائق من أجل أن يربحوا حاجاتهم وأهدافهم وغاياتهم الذاتية وفق مبادئ غير أخلاقية ولا حميمية، إنهم مصابون بالتوحد والانعزالية وكره الناس والأشياء والأمكنة والتخوم، إن الكذابين ليسوا جواهر ولا فراشات تنوس في الممرات الطويلة، إنهم أصحاب نظريات ومساومات فاشية، هم أشبه بالأشباح الخارجين من الأساطير القديمة لهم قرون طويلة وعيون جاحظة وآذان مثل أرغفة الخبز، إن الكذابين لهم مواقف جبارة وعمل متقن في سرد المواقف والبطولات وصنع الحكايا والقصص وفي كيفية ارتداء الملابس وفي المشي وفي رد التحية، نجدهم في المجالس وفي القطاعات وفي الدوائر لديهم هواية الصراخ والعويل والعراك، يحبون أن يمدحهم الآخرون ويشتهون ذلك، لا يملكون أدب المجالس ولا أدب الحوار ولا مصداقية السرد، مجنونون هم بنرجسية الأنا، يحاولون اغتيال القيم، وخلع رداء الحياء، وارتداء حلة البذاءة، غير معاقين جسدياً لكن لديهم إعاقة فكرية وعقلية شوفونية ويحتاجون إلى تشخيص وصيانة، إن الكذابين يحاولون أن يكونوا كالكبار يقلدونهم في الاستطالة وفي التمدد وفي السير وفي اللبس وفي النوم وفي السكن وفي مخاطبة الآخرين وهم لا يعرفون بأنهم ما زالوا صغاراً للتو يحبون، إنهم فوضويون، لهم فلسفة رديئة وسكيولوجية تخلف وملامح شيطانية وأعمال إبليس، صوتهم قاصر وإن علا، ثقافتهم محدودة، وخطواتهم مبعثرة، ولديهم منجم كبير من الكذب والبهتان، ورمز فني للنصب والاحتيال، يدعون القدرة والمساعدة والعون والفزعة والنخوة وهم لا يستطيعون ولا يوفون وإذا انكشفوا يولون ويهربون ولا يجيبون، نسبة التلوث في أرواحهم عالية، يحبون العرفات والأرواح الشريرة، إن الكذابين بشر بشعون، نجدهم حولنا في كل مكان وفي كل زمان، في المجالس وفي القطاعات وفي الدوائر وفي المناسبات وفي الأعراس وفي المآتم والعزاء وحتى عند القبور، يعيثون في الأرض كذباً بائناً مخلوطاً من بغض وحسداً ومبهراً بنفاق، لذا يجب علينا محاربة كافة الكذابين وفضحهم حتى تنكشف عوراتهم وسوءاتهم، ليسهل علينا مصادرتهم ونفيهم ورميهم بعيداً في الأودية السحيقة، لتشرق بعدهم الشمس، وتحلو بعدهم الحياة، وتغرد بعدهم العصافير الملونة في أعشاشها، ويغني بعدهم الحداة بحرية الفضاء.



ramadan.alanazi@aliaf.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد