بمناسبة احتفالات مملكتنا الحبيبة بيومها الوطني التاسع والسبعين، ومشاركة منا لأبنائنا الطلاب في الاحتفال بهذا اليوم الذي تقيمه وزارة التربية والتعليم في جميع مراحل التعليم للبنين والبنات، ورغبة في بيان أهمية هذا اليوم وما سطره الوالد العظيم الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه- في توحيد هذه البلاد، وما قام به أبناؤه من بعده فيسرني أن أشارك بهذه المقالة تحت عنوان:
(تاريخ المملكة المجيد في ذكرى يومها الوطني)
تحتفل مدارس مملكتنا الحبيبة، بنين وبنات، في جميع مراحل التعليم بذكرى اليوم الوطني التاسع والسبعين ورغبة منا بالاحتفال بهذا اليوم ومشاركة لأبنائنا أفراحهم رأيت من واجبي أن أكتب بعضًا مما سطره التاريخ عن الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، والذي جمع الله به هذه البلاد المترامية الأطراف تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ففي كل عام تمر على مملكتنا هذه الذكرى العظيمة لتخلد حدثًا عظيمًا ألا وهو ذكرى توحيد هذه البلاد على يد المؤسس البطل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- رحمه الله-، ففي عام 1319 هـ قام المؤسس مع مجموعة من رجال هذه البلاد بفتح الرياض وإعادة ملك الآباء والأجداد ثم توالى توحيد أجزاء المملكة حتى أصبحت قارة يعم فيها الأمن والإيمان والعدل. وفي عام 1351 هـ أطلق عليها اسم المملكة العربية السعودية، ورفرف على أرضها علم يحمل شعار التوحيد ومن تحته سيف بعد أن كانت مضارب بادية، وقرى متناثرة تعم فيها الفوضى والسلب، والقوي يأكل الضعيف، وتسود القبلية، والعصبية ولا يأمن الإنسان على ماله وعرضه حتى قيض الله لها عبدالعزيز الذي أزال الفوضى والعصبية، وأقام دولته التي بناها على نية صادقة، وعزيمة قوية.
إن عظمة الملك عبدالعزيز تكمن في دينه واستقامته، فهو ذو عقيدة خالصة نقية مستقاة من مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين.. كان رقيق القلب يخشع عند سماع المواعظ، وبحسن نيته جمع الله به شمل العرب، ونزع الضغائن من قلوبهم، وكان رحمه الله وقافًا عند حدود الله لا تأخذه في الحق لومة لائم.. كثير التثبت في الأمور.. قوي الإيمان بالقضاء والقدر.. لا يحكم بغير ما أنزل الله.. ولا يتمثل إلا بآيات الله ولا ينهج غير نهج الإسلام، فوضع رحمه الله لبنات هذا الكيان الكبير الذي ننعم من خلاله بالاستقرار والرخاء والطمأنينة والازدهار، والكلام عن عبدالعزيز يطول.. ولكن نحاول الاختصار.. فمما قاله، رحمه الله،: (إنني أفخر بكل من يخدم الإسلام ويخدم المسلمين وأعتز به). ويقول: (لا يسأل أحد عن مذهبه أو عقيدته، ولكن لايصح أن يتظاهر أحد بما يخالف إجماع المسلمين أو تيسير الفتنة). ويقول كذلك، رحمه الله: (لقد أسست هذه المملكة من دون معين وكان الله القدير وحده معيني وسندي وهو الذي أنجح أعمالي).
ومن أقواله: (يعلم الله أن كل جارحة من جوارح الشعب تؤلمني، وكل شعرة منه يمسها أذى تؤلمني). وكذلك يقول: (أنا قوي بالله تعالى ثم بشعبي). ويقول رحمه الله: (أنا عربي ومن خيار الأسر العربية ولست متطفلا على الرئاسة والملك وإن آبائي وأجدادي معروفون بالرئاسة والملك ولست ممن يتكئون على سواعد الغير في النهوض والقيام؛ وإنما اتكالي على الله ثم على سواعدنا يتكئ الآخرون ويستندون إن شاء الله).
وفي نهاية المطاف لعلنا نتكلم عن عدله الذي به ساس مملكته.. يقول أمين الريحاني: (العدل أساس الملك ومن العدل ما كان يعجب ومنه ما كان يرعب ويخيف، وقد شاهدت في بلاد نجد مالم أشاهده في البلاد العربية كلها؛ فعدل ابن سعود كلمة تسمعها في البحر والبر.. كلمة يرددها الركبان في كل مكان يحكمه سلطان نجد من الأحساء إلى تهامة ومن الربع الخالي إلى الجوف). فإذا كان العدل أساس الملك فالأمن أول مظاهر العدل هذا هو عبدالعزيز الحاكم العادل الزعيم الذي لا يكذب ولا يخادع عربيّا، بنى مجده على الدين والأخلاق الفاضلة.. كان قائدًا وملكًا شجاعًا قل أن وجد مثله بالتا ريخ. كتب محمد علي الطاهر في سنة 1373 هـ في إحدى الصحف بعد أن علم بوفاة الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه- .. أغلب الظن أن (الجزيرة) العربية لم تنجب بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، والصدر الأول شخصية أحدثت فيها وفي تأسيسها أثرًا عجيبًا كشخصية الملك عبدالعزيز آل سعود الذي فقدته أمته العربية والإسلامية، فقد طلع هذا الإنسان العظيم على هذه الدنيا كما بزغ كوكب السماء الذي يظهر في ليالي الدهر المظلمة ثم يخبو ولكن هذا الكوكب الأرضي لم يختف بسرعة كما تخبو سائر الكواكب بل يضيء الدنيا العربية نحو خمسين عامًا حتى إذا أتم تخطيط الدولة السعودية بحد سيفه ونشر إصلاحاته بقوة فكره ونفور عقله رحل عنا واختفى وهاهو الآن يستريح لتبدأ متاعب خلفائه الذين يقومون بإتمام رسالته كما بدأت أيضا متاعب المؤرخين وحملة الأقلام الذين سيعجزهم إيفاء هذا الرجل الفرد حقه في الوصف).
في الختام رحم الله عبدالعزيز على ما قام به من توحيد وبناء، ورحم الله أبناءه الذين ساروا على نهجه: سعود وفيصل وخالد وفهد.. وحفظ الله لنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي واصل البناء والعطاء في نهضة البلاد وتقدمها.. ومتع الله ولي العهد بالصحة والعافية وعجل له العودة إلى بلاده سالمًا معافى.. وحفظ النائب الثاني وزير الداخلية، وجميع أفراد الأسرة الحاكمة، ونسأله أن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها ويكفيها شر كل حاقد وحاسد.
إدارة التربية والتعليم بمحافظة الزلفي