Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/11/2009 G Issue 13557
الثلاثاء 22 ذو القعدة 1430   العدد  13557
الدمج أم الإشراف؟.. العبرة في تحقيق النتائج التنموية
فضل بن سعد البوعينين

 

لم أكن أتوقع أن تحظى مقالة الأسبوع الماضي المعنونة ب(الهيئة الملكية.. رأس الزور ومدينة الجبيل) بذلك الكم من ردود الأفعال.. يبدو أنها حرَّكت المياه الراكدة، واستنطقت الصامتين ممن عايشوا الوضع التنموي غير المنصف لمدينتهم الملاصقة لأفضل مدن المملكة تخطيطاً وتحضُّراً.. أتجاوز المؤيد منها وأقف عند رأي معارض ادعى فيه صاحبه أن من المستحيل للهيئة الملكية أن تُشرف على مدينة الجبيل بسبب وجود بلدية المحافظة المسؤولة عن الشؤون البلدية في المدينة!.. وهنا نقول إن الهيئة الملكية تُشرف على تعليم البنين والبنات في الجبيل الصناعية بوجود الإشراف المباشر من وزارة التربية والتعليم، وبذلك قدمت الهيئة الملكية خدمات جليلة للوزارة المسؤولة عن التعليم في المملكة, التنسيق المثمر بين الهيئة الملكية ووزارة التربية والتعليم أدى إلى تحقيق التكامل والمصلحة للوطن والمواطنين. عندما تحضُّر الإرادة، وتتضح الرؤية والأهداف المستقبلية، يصبح قرار الدمج هيناً.. فبرلين الشرقية وبرلين الغربية دمجتا بقرار نافذ حين حضرت الإرادة, أفنعجز نحن عن دمج مدينتين متلاصقتين تخضعان لإدارة واحدة، وهي محافظة الجبيل؟!!.

منذ قيام الهيئة الملكية للجبيل وينبع وتجاذبات مراكز القوى بين الإدارات الحكومية وبينها لم ينقطع، وهذه التجاذبات والتي تُسأل عنها الإدارات الحكومية في الجبيل، أخَّرت تحقيق التعاون المثمر بينهما ما حرم المدينة وسكانها من مشروعات كان من الممكن إدراجها ضمن مشروعات الهيئة الملكية الضخمة، أو على أقل تقدير مشاركات ثابتة تقدمها الهيئة الملكية للمدينة.. أخطاء في التخطيط، تبعتها أخطاء كثر في التعاون، والمحاكاة بين المدينتين ما ساعد على بروز الفجوة التنموية الكبيرة بينهما.. هل نقف عند أخطاء الماضي؟، أو نقبل بتمترس الإدارات الحكومية خلف (المرجعية الإدارية) ومراكز النفوذ على حساب مصلحة الوطن والمواطنين؟.

دمج المدينتين المتلاصقتين هو القرار الإستراتيجي الأمثل، وبه تتحقق المصلحة الوطنية العامة، ومن خلاله يمكن القضاء على مظاهر الفصل وتأخر التنمية في مدينة الجبيل، إلا أنه لا يمكن أن يكون القرار الوحيد إذا ما اعتقد المُشرع باستحالة تطبيقه في الوقت الحالي، رغم إيماني التام بسهولة التطبيق ونجاعته.. التدرج في تطبيق القرارات المصيرية يمكن أن يقود إلى تحقيق الأهداف بيسر وسهولة.. ومن هنا نطرح حلولاً بديلة وعلى رأسها الإشراف والتخطيط والمشاركة الفاعلة في دمج المشروعات التنموية.

تعتمد الهيئة الملكية في تنفيذ مشروعاتها الحالية، وتوسع المدينة الصناعية والسكنية على المخطط الشامل الذي وضعته شركة (بكتل) منذ بداية إنشاء المدينة الصناعية، فهي تتحرك وفق المخطط الشامل الذي وُضِعَ قبل ما يقرب من ثلاثين عاماً.. ما تزال الهيئة الملكية مرتبطة بشركة (بكتل) العالمية، وربما استفادت من خبراتها في التخطيط لمنطقة رأس الزور.. يمكن لشركة (بكتل) بالتعاون مع الهيئة الملكية وضع مخططات توسعية لمدينة الجبيل بحسب المواصفات العالمية المطبقة في مدينة الجبيل الصناعية، كما يمكنها أيضاً وضع مخطط تحسيني للنطاق العمراني القائم حالياً.. التخطيط المستقبلي للمدينة يمكن أن يوقف الفروقات التنموية الحالية على ما هي عليه، ويقود نحو تنمية مستقبلية متوازية مع ما يحدث في مدينة الجبيل الصناعية، إضافة إلى ما ستحققه خطة تطوير المدينة.

توحيد المواصفات والمقاييس الإنشائية والتنموية بين المدينتين يضمن تماثل المخرجات بعيداً عن الفروقات المُضرة في عملية التنمية.. إضافة إلى ذلك فالهيئة الملكية قادرة على أن تُضَمِّنَ مشروعاتها بعض المشروعات الخاصة والمهمة لمدينة الجبيل، وأن توسع عقودها الخدمية مع شركات الصيانة المختلفة لتشمل مدينة الجبيل.

الهيئة الملكية للجبيل وينبع قادرة على أن تضع خطة لبناء المدارس، المراكز الصحية، الحدائق العامة بالتعاون مع شركات القطاع الصناعي وعلى رأسها شركة سابك, وأن تتضمن خططها المستقبلية لتطوير مدينة الجبيل الصناعية خططاً مماثلة لمدينة الجبيل.. إشراك مدينة الجبيل في خطط التطوير المستقبلية يمكن أن يقلص الفوارق التنموية ويساعد في القضاء التدريجي على حواجز الفصل التنموية.

دمج مشروعات البنية التحتية يؤدي إلى حل كثير من مشكلات الجبيل الحالية، ويساعد على توحيد المواصفات، وضمان جودة المخرجات.. لو ضُمِّنَ مشروع مرافق الرئيس شبكة المياه والصرف الصحي في الجبيل، وهو ما كتبت عنه حين إنشاء شركة مرافق، لما وصلت المدينة إلى مرحلة حرجة من التلوث بأسباب الطفح المستمر.. ضم شبكة الصرف الصحي في الجبيل إلى الشبكة الرئيسة في شركة مرافق يقضي على مشكلة الجبيل الأزلية مع الصرف الصحي، ويضع لبنة في جدار التعاون المثمر، والدمج المستقبلي.

أعتقد أنه من الممكن تشكيل مجلس تنموي، تنظيمي، رقابي، وإشرافي بين الهيئة الملكية وبلدية محافظة الجبيل، وبعض الإدارات الحكومية ذات العلاقة لوضع إستراتيجية شاملة تضمن زيادة معدلات التنمية في الجبيل، وردم الفوارق بين المدينتين، وتهيئة الظروف لإعطاء الجبيل جزءاً من مشروعات الهيئة الملكية التنموية، والاستفادة من قدراتها التخطيطية، والإشرافية، إضافة إلى وضع أنظمة موحدة للمواصفات الخدمية، التنظيمية، الإنشائية والبلدية بين المدينتين.. تعيين عضو يمثل الهيئة الملكية في المجلس البلدي لمحافظة الجبيل بات أمراً يفرضه المنطق وتقره الحاجة لما يمكن أن يحققه من ربط بين الهيئة الملكية والجبيل والمدينة الصناعية، إضافة إلى ما سيسهم به من تحقيق التعاون المثمر والبنَّاء لمصلحة الوطن والمواطنين.

تنمية الجبيل وردم الهوة التنموية بينها وبين الجبيل الصناعية، وربط المدينتين تحت مسمى مدينة الجبيل، وتخصيص جزء من مشروعات الهيئة الملكية لها، وإزالة جميع أنواع الفصل في الخدمات التعليمية، الصحية، البلدية، وغيرها من الخدمات بين المدينتين هو ما نهدف له بغض النظر عن الهيكل الإداري المقترح، وتراتبية العلاقة الإدارية التي نجزم بأنها جزء لا يتجزأ من صلاحيات ولي الأمر.

***

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد