Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/11/2009 G Issue 13559
الخميس 24 ذو القعدة 1430   العدد  13559
الحياة دوائر
نادر بن سالم الكلباني

 

الوقت يتحرك بين ليل ونهار، والعمر يتحرك بين صغر وكبر، والحال تتحرك أيضاً بين سعادة وشقاء، وبين ألم وفرح، ومرض وعافية، كل شيء يتحرك ولا يثبت على حال، ويسير بشكل دائري ليبدأ من نقطة ثم ينتهي عند اكتمال الدائرة، فاليوم أنت هنا بكل حياتك وظروفها، وغداً أنت هناك بكل حياتك وظروفها، وبين هنا وهناك دوائر للأماني والأحلام والآلام والمعاناة تشكل تفاصيل حياتك لا يمكن حصرها، وتستمر حياتك بدوائرها الصغيرة لتنقلك بين محطات عديدة لا يطول المكوث فيها تسير في فلكها المحدد لها، حتى إذا اكتملت الدائرة الكبرى الخاصة بحياتك والحاضنة لكل دوائرها الصغيرة وتفاصيلها، انتهى كل شيء بالنسبة لك، لتبدأ حياة أخرى جديدة بدورة جديدة في عالم آخر غير هذا العالم الذي تعرفه قبل أن يعود كل شيء للثبات ثانية.

المتأمل للحياة الدنيا يعرف أنها بكل بساطة ما هي إلا دائرة كبيرة تكونها مجموعة دوائر تمثل حيوات من يسكنها، تكتمل هذه الدوائر وتنتهي، ويخلق غيرها في عملية لا تتوقف إلى أجل معلوم، هذه الدوائر نفسها تتشكل من مجموعة دوائر صغيرة تجسد تفاصيل حياة الناس، وقد تتباعد أو تتماس وتتداخل بحسب مقدار ما يحدثه الناس من حركة، وأن الحياة الدنيا بنفسها تسير في فلكها المحدد لها من الله ولابد لها أن تكتمل دائرتها عاجلاً أو آجلاً، فإذا علمنا أن دوائر الناس قد تداخلت في الحياة مع بعضها وتماست في كثير من أمورها فحدث جراء هذا ظلم أو ألم أو انتقاص حق أو هتك عرض وغيرها مما يحدث بين الناس، فمن غير المعقول أن نقتنع أن هذه الحياة الدنيا ليس لها ما يكملها حتى وإن اكتملت دائرتها، فالحياة بهذا الوضع ناقصة لا تستقيم أمور من عاش فيها وتكتمل بها حقوقهم وواجباتهم، ولابد من حياة أخرى تجبر دائرة الحياة الدنيا، توفى فيها الحقوق وتستقيم بها الأحكام، هذه الحياة الأخرى ليست كحياتنا تسير في دائرة لابد من أن تكتمل، بل هي حياة خالدة ودائمة لا يمكن حتى تخيلها، والعاقل من حرص على هذه الحياة الثابتة واشتراها بحياة يعرف أنها تنتظر أن تكتمل دورتها لتذهب كما يذهب كل من فيها.. بقي أن أنصح إن قرأت المقال، أن تقرأه وأنت في وضع الجلوس حتى لا يدور بك رأسك.. والله المستعان.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد