Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/11/2009 G Issue 13559
الخميس 24 ذو القعدة 1430   العدد  13559
لما هو آت
حتى الخروف شاهد
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

حتى الخروف شاهد على وهن الإنسان وضعفه للمادة، عصاب الحياة وعصبها، المرهونة لها قيم الإنسان..

خروف المزارع المصري الذي أشار خبر (الجزيرة) في عدد أمس عنه، يبيعه ويشتريه بنقد مزور شهد على الإنسان لكنه لم يتكلم..

ترى لو جئنا بالخروف وساءلناه عن الإنسان ما الذي يمكن أن يقول؟

أتخيله ينطق بآهة مديدة، تعبر بأوردته وشرايينه وصدره ولا يتحرر قلبه منها ولا إحساسه بعجينها من يأس وألم وحسرة وأسف.. الخروف حين ينطق فهو شاهد على نهم الإنسان بدءاً بأكل لحمه بعد طبخه، وباستخدام وبره وشحمه، وصولاً إلى زجّه في صناديق العربات مكدسة أجساده لا يعير أنفاسه هذا الإنسان عنايته بنفسه، ولا يبالي بعطشه وألمه، وحين ينزله من العربة فبقسوة وإمعان, وبقسر وإيلام، ينزعه من وبره بلا رحمة، ويدفعه على قدميه بلا رفق، يغلق عليه أبواب الزرائب، ولا يتيح له التنعم بالأطايب، إلا متى شاء المقابل المادي، أو الوجاهة الحاتمية، فكثيراً من أجلهما، ما أرواه حتى الاختناق، ليجز رقبته بغير إشفاق..

فالشاهد من القطعان حاضر صامت غير أنه يقظ متأمل، لا يفهم حديثه الإنسان، ولا يلقي لانتباهته بالاً حين يتصرف بحضوره.. فهو هذا الخروف الشاهد على جشع الإنسان وقسوته، على طمعه وحيله، على ضياعه وضعفه.. تحدثوا مع الخروف يشهد لكم بما لا ترونه على (المكشوف).

وآخر شاهد خروف المزارع المزور، ولن يكون آخر الشاهدين.. فابرؤوا لأنفسكم من عيون الخرفان.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد