Al Jazirah NewsPaper Friday  13/11/2009 G Issue 13560
الجمعة 25 ذو القعدة 1430   العدد  13560
كيف يستفاد من رأي المواطن فيما يدرس من مشروعات الأنظمة والتقارير؟
د. عبد الملك بن عبد الله زيد الخيال

 

من المناسب الإشارة إلى أنّ أحد المرتكزات التي نهضت عليها هذه البلاد، هي العلاقة المتينة بين الحاكم والمحكوم، حيث إنّ الدولة السعودية تُعَد نموذجاً متميزاً في السياسة والحكم وفي التاريخ السياسي الحديث.

كما شكّل مبدأ الشورى أحد أهم الركائز الأساسية للحكم في المملكة العربية السعودية وأحد أهم المميزات التي جعلت المملكة تنفرد عن غيرها في مجال الحكم والإدارة، لاسيما وأنه نظام أو مبدأ نابع من عقيدة الإسلام السمحة التي هي الركيزة الأساسية التي انطلقت بها المملكة منذ نشأتها.

اليوم يا إخوان لا بد لنا أن نتذكّر ماضينا التليد وحاضرنا المجيد الذي نزهو به الآن بين مختلف الأوطان، لما يحمل من شواهد وإنجازات حضارية تحققت في وقت قياسي بفضل من الله عز وجل. وتذكّروا أنه في عام 1349هـ قال جلالة الملك عبد العزيز في افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الشورى بمدينة الطائف: (لقد أمرت أن لا يمس نظام البلاد ويجري العمل به قبل أن يعرض على مجلسكم).

وفي عهدنا الحالي تعهّد خادم الحرمين الشريفين بتطوير وتحديث مجلس الشورى إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن. وما زال عازماً على تحقيق المزيد من أجل دفع الأجهزة والمؤسسات والمصالح والتنظيمات والقوانين الحكومية والأهلية إلى أعلى المستويات للمضي في عجلة التنمية في كل المجالات.

وبما أننا نمر بمرحلة التميز والتحديث والتطوير لنظم وقوانين البلاد ومنها مجلس الشورى وهو تطوير لمواكبة متطلّبات العصر ليتم فيه الجمع بين الممارسة والتطبيق والتطوير للنظام ولائحته الداخلية وكذلك لائحة حقوق أعضاء المجلس وواجباتهم وأيضاً قواعد الشؤون الوظيفية والمالية للمجلس وغيرها.

واليوم يبقى مجلس الشورى برئاسة معالي فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، شامخاً بعطائه وإنجازاته ولسان حاله يقول سنسعى لما هو أفضل بمشيئة الله تعالى. والمجلس حالياً يعمل ضمن نطاق محدد الاختصاصات والصلاحيات كما حددتها المادة الخامسة عشرة من نظامه الذي يحتاج إلى التطوير الشامل، ليصبح مرناً صالحاً لكل زمان، أما دور كل عضو من أعضاء المجلس فهو الإسهام بفكره وخبرته فيما يعرض عليه من قضايا بغية تحقيق مصلحة أو رفع مفسدة في شؤون الدولة، ووفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية.

ومن الإصلاحات التي تمّت للمجلس في العهد الحاضر، زيادة عدد أعضائه إلى (150) عضواً ساهموا في مصلحة تسريع وتمتين أعمال الشورى في البلاد وأضافوا المزيد من العلم والخبرة على قرارات المجلس ولجانه.

كما لا تنسوا ما قاله خادم الحرمين الملك عبد الله - حفظه الله - عن تحديث نظام مجلس الشورى (إنه تحديث وتطوير لما هو قائم عن طريق تعزيز أطر المجلس ووسائله وأساليبه بمزيد من الكفاية والتنظيم والحيوية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منه، وذلك للمصلحة العامة للوطن والمواطنين).

الجميع يعرف أنّ قضايا المجتمع اليوم أكثر تعقيداً وإلحاحاً من ذي قبل، ومن ثم قد يستحسن المجلس في ذلك السياق، تطوير بعض الآليات القائمة بما يحقق عائداً أفضل على الوقت الذي يقضيه المجلس في إنجاز أعماله، الذي سينعكس إيجاباً على دوره في خدمة المجتمع، الذي يعول عليه آمالاً كبيرة.

يا إخوان، مجلس الشورى يتكوّن من 150 عضواً وهناك أكثر من 25 مليون سعودي وغيرهم من المواطنين العرب الذين يهمهم ما يعرض داخل أروقة مجلس الشورى من دراسة للقوانين وموضوعات للمناقشة، ولتوسعة مشاركة المواطنين في أعمال المجلس، فأتساءل هل من المفيد، أن يقوم مجلس الوزراء الموقر بنشر جميع ما سيرسله لمجلس الشورى من مشروعات الأنظمة والتقارير السنوية لمختلف المؤسسات الحكومية إما على موقع يؤسس لذلك يسمّى (موقع رأي المواطن السعودي)، أو على موقع مجلس الشورى الإلكتروني بمجرّد تسلّمها من ديوان رئاسة مجلس الوزراء، وكذلك ما يقدمه الأعضاء من موضوعات حتى يطلع عليها المواطنون بحيث يمكن لهم من تقديم ما قد يكون لديهم من مرئيات للجنة المعنية بدراسة مشروع النظام أو التقرير. ولا شك أنّ تلك الفكرة ليست انتقاصاً من الآلية الحالية، بل مكملة لها، حيث دائماً يوجد رأي سديد لم يسمع بعد، وفكرة جديدة لم تدرس بعد، وليس لدينا أسرار نخفيها عن المواطنين.

هذا مع العلم بوجود لجنة العرائض بمجلس الشورى التي تُعَد أحد أهم القنوات لدعم أعمال المجلس من خلال استقبالها لآراء ومقترحات المواطنين حول الأنظمة والمشروعات والتطلّعات التي سعى لها المواطنون إلى تحقيق ما يخدم المصلحة العامة، حيث استقبلت اللجنة المئات من العرائض التي تتضمّن آراءهم وأفكارهم ومنها ما أخذ به المجلس بل ومنها ما أصبح الآن نظاماً أو مشروعاً نافذاً أو سيتم العمل به قريباً، لكن ذلك تم بدون أن يطلع الجمهور على تفصيل المشروعات المطروحة. كما تجدر الإشارة إلى أنّ المجلس يمارس الحرص دائماً في دراسة الأنظمة والمسار الذي تسلكه تلك الأنظمة قبل إقرارها، إذ يبدأ ذلك الحرص بدراسة أولية لمشروع النظام في إحدى لجان المجلس الدائمة ذات الاختصاص في الموضوع من قبل لجنة فرعية متخصصة، ثم يدعى مندوبون من جهات حكومية مختلفة ومن القطاع الخاص من ذوي العلاقة لمعرفة ما لديهم من معلومات ومرئيات عن الموضوع المطروح والأخذ ببعضها. ومن ثم يناقش مشروع النظام مادة مادة من قبل اللجنة الدائمة قبل عرضه على المجلس بكامله، موضحاً فيه الشكل الذي ورد عليه والتعديلات التي توصي اللجنة باعتمادها. ثم يعرض على المجلس في إحدى جلساته وهناك يخضع مشروع النظام للمزيد من التدقيق والتمحيص من قبل أعضاء مجلس الشورى، وتؤخذ ملاحظاتهم من قبل معد التقرير، قبل إعادته للجنة لوضعه في شكله النهائي تمهيداً لعرضه على المجلس مرة أخرى للتصويت على كل مادة بشكل مستقل.

ولا شك أنّ تلك الآلية الدقيقة في مجلس الشورى ستزداد عمقاً وثراء بدعوة قاعدة أوسع من المجتمع للمشاركة على نطاق مفتوح في دراسة مشاريع الأنظمة المعروضة على المجلس إن أتيحت لهم فرصة الاطلاع عليها في مراحلها المبكرة من خلال موقع المجلس الإلكتروني.

كما أنّ هناك في العادة ممثلين للجهة المعنية بالنظام أو التقرير، وحبذا لو استمع المجلس في نهاية مناقشته لأي نظام أو تقرير لتعليق أحدهم وذلك لمدة خمس دقائق، على أي أمر غفل عن مناقشته المجلس، أو لم يوضح إيضاحاً كافياً، وذلك قبل التصويت على المواد المطروحة أو التوصيات، وذلك سيحل كثيراً من الأمور الملتبس فيها والتي تحتاج إلى المزيد من الإيضاح. وتذكّروا أنّ أحسن فكرة لم تسمع بعد وأنّ أفضل رأي لم يطرح بعد، وأنّ أي مشروع يمكن أن تتم دراسته ويحسن، بسماع رأي أكبر شريحة من المواطنين وأهل الرأي منهم حتى لا يقول أحد، إنهم لو سمعوا بما لدي لكان ذلك أجدى ومفيداً لتلك الدراسة أو غيرها، وسماع رأي المواطن، لا يضر بل يصب في الصالح العام. كما أنّ دقائق للسماع لن تضر، مع العلم بأنّ بعضاً من تلك التقارير تصل متأخرة والبعض يبقى لدى اللجان لفترات طويلة.

لذلك افتحوا قلوبكم لسماع رأي كل مواطن فيما سيعرض على المجلس قبل أن يتخذ قراراته، حتى يقال إنّ مجلس الشورى السعودي يتكوّن من الشعب السعودي عامة، لأنه يسمع من الجميع آراءهم ومقترحاتهم، ويأخذ منها المفيد لصالح الوطن والمواطنين، مع العلم بأنّ المجلس لديه لجنة تسمّى (لجنة العرائض) يبعث لها المواطنون، بكل ما يريدون، حيث إنّ أغلبها عرائض شخصية، حيث تدرس من قبل المجلس، وتتخذ حيالها القرارات المناسبة، لكن هنا الموضوع يختلف، حيث المراد هنا هو إثراء لدراسة المواضيع التي تعرض على المجلس لدراستها. ولا تنسوا أنّ أبواب قادة هذه البلاد الطاهرة دائماً مفتوحة للمواطنين تسمع منهم وتذلل الصعاب من أجل راحتهم ورفاهيتهم. كما لا تنسوا ما قاله المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله: (لا أريد أن أستأثر بالأمر في بلادكم دونكم، وإنما أريد مشورتكم في جميع الأمور).

وذلك بجانب ما يقوله قادة هذه البلاد الحكماء دائماً وفي كل مناسبة، من أنهم مع النقد البنّاء بشرط طرح الحلول، التي تساعدنا في تذليل أي صعاب قد تمر بها البلاد.

حفظ الله هذه البلاد وقادتها وشعبها.

والله من وراء القصد.

(*) عضو مجلس الشورى



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد