Al Jazirah NewsPaper Friday  13/11/2009 G Issue 13560
الجمعة 25 ذو القعدة 1430   العدد  13560
للرسم معنى
من يتبنى الرسم الرقمي.. ؟
محمد المنيف

 

الحديث يتواصل عن النقلة في برامج الكمبيوتر وما تقدمه من خدمات تتلاءم مع متطلبات العصر في مختلف التخصصات ومنها فنون التصميم وما يتبعه من تقنيات معالجة الصورة وصولا إلى الرسم، حيث أصبحت برامج الفوتوشوب التي تتطور بشكل مستمر منافسة للأداء المباشر للفن التشكيلي، فأصبحنا نرى لوحات لا تقل بأي حال في (مظهرها) عن اللوحة المنفذة من قبل الفنانين مباشرة بالفرشاة والألوان ونعني (بمظهرها) الشكل الذي ينتهي إليه التعامل مع مثل هذه البرامج من قبل المؤدي الذي يستعين بها وبأدواتها كالماوس والشاشة أو الأقلام الإلكترونية، وقد اشتهرت اللوحات الرقمية ثنائية الأبعاد لتوفر برامج الرسم والتلوين بإيحاء يطابق الواقع، لكن المهم هو في كيفية استحضار العناصر التي تتطلبها الفكرة، فالفنان الحقيقي يعود إلى مختزله الذهني وعقلة الباطني بما منحه الله من ذاكرة بصرية يحفظ فيها كل ما تقع عينه عليه ثم يعيده إلى الواقع عبر اللوحة والأسكتش بقياساته الصحيحة وبموهبته في الرسم، بينما يلجأ المتعاملون مع الكمبيوتر إلى الصور التي يلتقطها مستخدم هذه البرامج أو ينتقيها من المجلات أو المواقع الإلكترونية المختصة في التصوير الفوتوغرافي، إلا أن أسلوب استخدام الصور من غير مصورها يعتبر سرقة يعاقب عليها منتج العمل لعدم رجوعه واستئذانه من صاحب الصورة، ومن المؤسف أن هذا الأمر يخفى على الكثير ممن نرى لهم تجارب في هذا المضمار، شاهدنا لهم لوحات رقمية استخدمت فيها صور لغيرهم دون الإشارة إلى اسم المصور الذي التقط الصورة الأصل، ويكفي أن نستشهد بما حدث قبل أيام بين الرسام شيبارد فيري ووكالة أسوشيتد برس، حول انتهاك حقوق النسخ والطباعة واستغلاله صورة صحافية للرئيس باراك أوباما مهما كان الحكم في قضيتهم إلا أنها لفتت النظر لهذا الجانب.

نعود لصلب الموضوع أو بيت القصيد بالقول إن هذا الاتجاه في الفنون الرقمية معلق، ليس له ما ينتمي إليه من الفنون المعروفة والمعترف بها، فلا هو من التصميم ولا من الفن التشكيلي، ومن المؤسف أن نرى مثل هذه الأعمال تدرج ضمن المعارض التشكيلية مع أن الأولى أن يخصص له معارض مستقلة إلا في حال وجود معارض تجمع مختلف الفنون البصرية، السينمائية والمسرحية والتشكيلية وتصميم الديكور باستخدام برامج الرسم ثلاثي الأبعاد والتصوير الفوتوغرافي والرسم ببرامج الكمبيوتر المعني بها الفن الرقمي، لا أن يقحم هذا المولود في الفن التشكيلي بالاسم دون الوعي بالمعنى فالفن التشكيلي كما عرف عنه عالميا هو إعادة صياغة الفكرة لتصبح عملاً مرئياً وملموساً من خلال يد الفنان على اللوحة والمنحوتة أو الأعمال البنائية.

ويرى الكثير أن مثل هذه الطرق والسبل (برامج الرسم بالكمبيوتر) وجد فيها من يحمل الحس الفني دون موهبة، إمكانية التعبير بأسهل الطرق لتقديم أعمال تساهم فيها تلك البرامج بالجهد الأكبر لكنها تغرد خارج السرب وتقف في المساحة الرمادية بين الفنون التشكيلية وبين الصورة والتصميم لعل وعسى أن يجد أصحابها صفة تحفظ لهم حقهم وتمنحهم الشهرة الحقيقية بعيدا عن جسد الفن التشكيلي الذي يرفضها لعدم مطابقتها لشروطه ويستغرب وجودها زوار المعارض.

(لنا حديث مفصل حول الفنون الرقمية وتبيان عدم أهليتها لتكون ضمن الفنون التشكيلية).

MONIF@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد